مغربي يضرب عن الطعام في باريس.. من أجل الشيشة

عبد القادر الأحمر يطالب باستثناء «النارجيلة» من القرار واعتبار مقاهيها نوادي خاصة

عبد القادر الأحمر يدخن الشيشة داخل مقهاه في شارع ويست في باريس (أ ف ب)
TT

يقف عبد القادر الأحمر، 33 عاماً، متكئاَ على منضدة عالية في مقهاه الصغير المعتم الواقع في شارع «ويست» في باريس، حيث تختلط أبخرة الدخان المعسل بأُغنيات أُم كلثوم وبحوارات عدد من الزبائن الذين يتكلمون فرنسية مطعمة بكلمات عربية. إنهم آخر «الفدائيين» من عشاق النارجيلة، التي أطاح بها قرار منع التدخين في الأماكن العامة في فرنسا.

منذ 5 أسابيع يواصل هذا المهاجر المغربي الأصل إضراباً عن الطعام احتجاجاً على قرار السلطات بمنع التدخين. وهو قرر التحدي والاستمرار في تقديم «الشيشة» في مقهاه الذي يحمل اسماً ظريفاً هو «هوارة لونج»، مع احتمال أن يداهم أفراد من الشرطة المكان في أي لحظة، وأن يحرروا غرامات باهظة في حقه وحق زبائنه.

يلف عبد القادر رأسه بعصبة سوداء على طريقة عصام كاريكا ويبدو مستعداً لمواصلة معركته، التي بدأت تثير اهتمام وسائل الإعلام وتجعل منه، بشكل من الأشكال، بطلاً صغيراً يعجب به مئات الآلاف من العاطلين أو من صغار العمال الذين يدافعون عن مورد رزقهم في غابة الغلاء، الذي صار حديث الكل في هذا البلد. وعند سؤاله عن جدوى مخالفته قانوناً التزم به كل أرباب المقاهي والمطاعم والنوادي الفرنسية، يرد قائلا: «إن منع التدخين تم وفقاً لقرار من الحكومة وليس بقانون جرى التصويت عليه في البرلمان. والقرار لم يحدد منع الشيشة، بل قصد تدخين السجائر، وإذا أرادت السلطات أن تغلق مقاهي الشيشة التي فتحت لهذا الغرض فحسب، فإن عليها أن تبلغ أصحاب الشأن، رسمياً وبخطابات بريدية، قبل فترة مناسبة لا تقل عن السنتين لكي يتمكنوا من مواجهة التهديد الذي تتعرض له تجارتهم». عقد عبد القادر الأحمر اجتماعات مع نظرائه من أصحاب المقاهي، لكنه يأسف لأن أغلبهم لم يحذوا حذوه. وهو من كثرة ردوده على الصحافة صار خبيراً في المصطلحات القانونية وفي شرح قضيته بشكل منطقي ومقنع. وهو يقول لك إن في البلد نوادي خاصة لتدخين السيجار، وبالتالي فإن من حق مقاهي الشيشة أن تعامل معاملة تلك النوادي، طالما أن زبائنها يقصدونها لاشباع هواية خاصة. ويضيف أن الدولة تقدم مساعدات معينة لأصحاب محلات بيع التبغ لتعويضهم عن تراجع تجارتهم بسبب الضرائب الباهظة المفروضة على السجائر. والأولى بها أن تقدم إعانات مماثلة لأصحاب مقاهي الشيشة، الذين استثمروا أموالاً في تجارتهم التي أفلست وشطب عليها قرار بين ليلة وضحاها.

على باب مقهاه وضع عبد القادر رقعة مكتوبة بخط اليد تشير الى أن المكان ناد خاص. كما رفع لافتة تشير الى أنه يعلن الاضراب عن الطعام بسبب منع التدخين ويطالب بتعويض من الدولة. ويبدو أن هناك من يدعم الشكوى ويرى أن مقاهي الشيشة هي جزء من الازدهار السياحي للعاصمة الفرنسية، ومن هؤلاء رئيس بلدية الدائرة الرابعة عشرة التي تقع فيها «الهوارة» ومقاه أُخرى عديدة. ويؤكد عبد القادر أن 14 فرداً من الشرطة جاءوا الى مقهاه وتحدثوا معه بشكل غير لائق (لأنني عربي) لكنهم لم يوقعوا أي غرامة لأنه حاججهم قانونياً وطلب منهم كتابة محضر بالواقعة. وبانتظار أن يسفر الاضراب عن الطعام عن حل ما، يرابط عبد القادر في مقهاه، ليل نهار، محروماً من الذهاب الى بيته ورؤية زوجته وأطفاله الثلاثة. فهل ينتصر المغربي العنيد على قرار خضعت له فرنسا كلها وصار المدخنون فيها مطرودين الى قارعة الطريق؟