سرقات من نوع جديد في فرنسا بسبب أسعار البترول

لصوص البنزين والغاز يتحركون ليلا للفوز بالذهب الأسود

TT

لم يعد من المستغرب أن يستيقظ الفرنسي من النوم ويستقل سيارته للتوجه الى عمله فيفاجأ بأن المحرك لا يدور، لخلو خزان السيارة من البنزين، رغم أنه كان قد ملأه في المساء السابق. إنها واحدة من السرقات الجديدة التي انتشرت في الشهرين الماضيين، بعدما وصل سعر الليتر الواحد من البنزين في بعض المدن الى 1.5 يورو، وواصل السعر ارتفاعه للاسبوع الثالث، بسبب الأرقام القياسية العالمية لأسعار النفط. وكتب معلق في إحدى صحف العاصمة يقول: «لم يحدث أن استحق النفط لقب الذهب الأسود بجدارة كما هو حاصل هذه الأيام».

مراكز الشرطة، خصوصاً في القرى ومناطق الريف، تتلقى هذه الأيام بلاغات يومية عن سرقات للوقود من خزانات البيوت التي تعتمد عليه في تسخين المياه والتدفئة. وتحدث السرقات، عادة، تحت جنح الظلام وبواسطة شاحنات صغيرة مزودة بخزان معدني وآلة شافطة. وتذهب النسبة الأعلى من الوقود المسروق الى الاستعمال الخاص لعصابات السارقين أنفسهم، أما الباقي فيعرض للبيع، سراً وبين الجيران، بأدنى من سعر السوق. وكانت الأسعار القياسية لبنزين السيارات قد فرضت عادات جديدة على الفرنسيين، منها تقنين استعمال السيارة الخاصة واللجوء الى الدراجات الهوائية التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 30 في المائة خلال الشهر الماضي. ومما يشجّع على التنقل بالدراجة «الاقتصادية» تحسن المناخ وحلول موسم الربيع، في حين يكشف أصحاب محطات التعبئة عن أن نسبة ملحوظة من الزبائن تخلت عن عادة ملء خزان السيارة بالكامل. فهناك من يشتري عدداً محدوداً من الليترات يتناسب والمشوار الضروري الذي ينوي القيام به، وما عاد السائق يطلب «تفويل» السيارة، بل صار من الشائع أن يطلب كمية بعشرة أو بعشرين يورو فحسب، بدل دفع 75 يورو لملء خزان سيارة متوسطة الحجم، ثم هناك من يشتري بضعة ليترات بالدفع المؤجل، أي لحين قبض المرتب الشهري.

ويتداول الفرنسيون، هذه الأيام، نكتة أميركية المنشأ عن زوجة طلبت من زوجها أن يخرج بها الى «مكان غالٍ»، فأخذها الى محطة البنزين. أما عمدة باريس الاشتراكي برتران ديلانويه فيفرك كفيه فرحاً، عملاً بالمثل القائل: «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لأن غلاء أسعار الوقود أجبر نسبة من أصحاب السيارات على تركها في المرائب واستعمال وسائل النقل العام أو الدراجات الهوائية التي وضعتها البلدية بتصرف المواطنين مقابل أُجور رمزية. وكان العمدة قد أسس حملته الانتخابية على مجموعة من الوعود، أبرزها تحسين هواء باريس وتقليل التلوث في الأجواء، وهو ما استدعى سلسلة من الإجراءات والتحويرات في الشوارع والجادات الكبرى لافساح المجال أمام ممرات الدراجات وحافلات النقل العام. ومع أن هذه الاجراءات أثارت نقمة سائقي السيارات في العاصمة فإنها ضمنت للعمدة ولاية جديدة في الانتخابات الأخيرة.