حكاية التلاميذ الباريسيين الفقراء الذين أصبحوا نجوم «مهرجان كان السينمائي»

TT

حتى صباح أول من أمس، لم يكن أي واحد من هؤلاء التلاميذ قد رأى صورته في صحيفة أو على شاشة التلفزيون. ولكن، فجأة صباح أمس، هجم عشرات الصحافيين والمصورين على ثانوية «فرانسواز دولتو» الواقعة في حي شعبي متواضع بشمال باريس لكي ينقلوا صورة عن المدرسة التي جرى فيها، ومع تلاميذها الحقيقيين، تصوير الفيلم الفرنسي الحائز الجائزة الكبرى في مهرجان «كان» السينمائي الأخير.

في صف من صفوف هذه الثانوية التي تضم بين طلابها نسبة كبيرة من المراهقات والمراهقين المهاجرين، صوّر المخرج لوران كانتيه مشاهد فيلمه «بين الجدران»؛ وهو الفيلم الذي فاز بجائزة «السعفة الذهبية» في «مهرجان كان السينمائي الدولي الـ61» مساء الأحد الماضي، بعد مرور عقدين من الزمان على الجفاء بين هذه الجائزة وبين السينما الفرنسية. ويروي هذا الفيلم، بشكل يجمع ما بين الروائي والوثائقي، وقائع الحياة داخل صف مدرسي في واحد من تلك الأحياء الباريسية التي تطلق عليها تسمية «المناطق الصعبة»، وقد كتب القصة فرانسوا بيغودو، وهو مدرس في الثانوية ذاتها كما قام بدوره الحقيقي في الفيلم.

حين أعلن رئيس لجنة التحكيم الممثل الأميركي شون بن قرار اللجنة بمنح «السعفة الذهبية» للفيلم، فوجئ الجمهور الحاضر في الصالة الكبرى لـ«قصر المهرجانات» بمجموعة من الصبيان والبنات السمر والأفارقة والبيض، يزيد عددهم على العشرين، يهبّون من مقاعدهم وهم يطلقون صرخات الفرح ويعانقون المخرج كانتيه. إنهم النجوم المجهولون لهذا الفيلم، جاءوا جميعاً من باريس قبل أسابيع قلائل من امتحانات آخر السنة، وارتدوا حلل الأعياد، بعد أن تلقوا الدعوة لحضور حفل اختتام الدورة الحادية والستين من المهرجان السينمائي الأشهر في العالم، وارتقاء السلم المفروش بالسجادة الحمراء، أسوة بكبار الممثلين.

وفي الثامنة من صباح أمس، عندما بدأ التلاميذ يتوافدون على المدرسة، فوجئوا بالمصورين في انتظارهم وبكاميرات التلفزيون تتجه نحوهم وبالأيدي التي تحمل الميكروفونات تمتد إليهم لسؤالهم عن رأيهم. أي رأي؟ إن أحداً لم يطلب منهم رأياً من قبل، وهم لم يشاهدوا الفيلم الفائز بعد، ويبدون ضائعين وسط كل هذه المعمعة الإعلامية.

ثم وجد التلاميذ الأمر مسلياً، فراحوا يردون على الأسئلة حول رأيهم في الفيلم الذي يتحدث عن مشكلاتهم، وأيضاً في أوضاعهم العائلية ومشكلات الاندماج في المجتمع الفرنسي ومتاعب العائلات المهاجرة الكبيرة العدد مع ضيق ذات اليد في بلد ترتفع فيه الأسعار بشكل جنوني. ومع ساعات الظهيرة كان كل واحد منهم يتباهى أمام رفاقه بعدد المقابلات التي أجريت معه، فهذا أدلى بأحاديث الى القناة الأولى وصحيفة «الفيغارو» وذاك وقف أمام مصوري القناة التلفزيونية الثالثة وجريدة «ليبيراسيون» و«فرانس 24» وإذاعة «إر. تي. إل»... وهكذا.