«يورو 2008» يقلب موازين العاصمة النمساوية

متاجرها فتحت أبوابها لأول مرة خلال يوم الأحد

بعض مشجعي منتخب كرواتيا في ساحات العاصمة النمساوية (رويترز)
TT

تختلف اجواء فيينا هذه الايام الاختلاف كله عن فيينا المعهودة. وذلك بعد أن غزاها فجأة اكثر من 3 ملايين من البشر، وهي مدينة لا يزيد عدد سكانها عن مليون، يوم أمس، ولاول مرة فتحت اسواق المدينة ابوابها يوم الاحد، وهو يوم شديد القدسية مخصص للراحة والاسرة. افواج من رجال شرطة ليست نمساوية فقط بل من 18 دولة اوروبية،  مدججين بالسلاح يتجولون في كل مكان. اصوات عالية وضجيج وصريخ في مدينة يتحدث سكانها همسا.

وعادة لو حدث ان تجرأ شباب بالحديث بصوت مسموع فان عجائز المدينة يزجروهن وما على الشباب غير الانصياع. لقد تم اغلاق اكبر مسارح المدينة بعد ان تحولت شوارعها الرئيسية الى مناطق مخصصة للمشجعين. كما جمدت برامج دور الاوبرا... كل ذلك من اجل مباريات كأس اوروبا 2008.

ببساطة لقد قلبت المباريات روتين المدينة وعاداتها ورونقها رأسا على عقب. وفي احصاء بعد يوم واحد من بدء المباريات، شبه البعض ما تشهده المدينة بالغزو التركي العثماني الذي تعرضت له عام 1683.

وقد اكد نصف السكان انهم كانوا يفضلون لو كانت المناسبة ثقافية، ولو كان التركيز على عروض اوبرالية ومسرحية وحفلات راقصة بدلا عن مباريات كرة قدم «لا ناقة لهم فيها ولا جمل» خاصة ان المنتخب النمساوي لكرة القدم ما تسنى له ان يشارك لولا اختيار النمسا كبلد مضيف للدورة، اذ يأتي ترتيبه رقم 92 عالميا. ويصنف بأنه اسوأ الـ16 منتخبا التي تتنافس في هذه الدورة كما وصفه توني بولستر اشهر اللاعبين النمساويين على الاطلاق.  من جانب آخر لم يتوان 20% من سكان المدينة عن التعبير صراحة ان ما تشهده المدينة والتغييرات التي فرضتها المباريات، لا تضايقهم فقط بل تثير غيظهم، ولو كان بامكانهم لغادروا المدينة وتركوها لهذه الجيوش من المشجعين. ما يجدر ذكره ان فيينا مدينة سياحية من الطراز الاول، ومشهورة بانها من المدن التي تعرف كيف تجذب السياح لكن ما تشهده الان مختلف تماما فهولاء مشجعون متحمسون لا لشيء سوى كرة القدم. يصلون على دفعات ضخمة لحضور مباراة معينة يتصرفون خلالها وكأنهم قطيع، او افراد قبيلة في حالة حرب.. يصرخون سويا، يتحركون سويا بل يغضبون ويسبون في جماعية. والغريب انهم لا يعرفون بعضهم البعض بل يجمعهم التعصب للفريق.  بالامس فقط حط في فيينا 50 الف مواطن كرواتي دخلوها لساعات. كان بحوزة 10 الف منهم تذاكر لحضور مباراة فريقهم من داخل الاستاد فيما عسكر 40 ألفا في شوارع المدينة وحاناتها.

اختلاف الاهتمامات بين اهل المدينة الذين لا يوحدهم حماس او امل في اداء منتخبهم القومي، وبين جموع اولئك المشجعين جعل المسؤولين يأملون ان يفوز الفريق النمساوي ولو في مباراة واحدة عله يغير من المزاج العام ويبث شيئا من الحماس والاهتمام في نفوس سكان المدينة التي صعب عليها ان تبدي اهتماما بانتصارات الاخرين فيما فريقها خاسر.