الأتراك الفرحون أعادوا عقارب الزمان 325 سنة

«احتلوا» فيينا وحولوها إلى نسخة عن أسطنبول طيلة الليل

TT

وطنية، حماسة، ذاتية، جميعها مشاعر واحاسيس امتزجت ليلة اول من امس في العاصمة النمساوية، حيث سجل المنتخب التركي نصراً عزيزاً ضد المنتخب الكرواتي، ضمن منافسات بطولة أمم اوروبا ـ يورو 2008 لكرة القدم.

وكان المشجعون الكروات قد بادروا الى الاحتفال في اللحظات الأخيرة من الوقت الإضافي من المباراة قبل ثوان من نجاح الأتراك بتحقيق تعادل مذهل، ومن ثم حسمهم الفوز بركلات الترجيح، وتحويلهم بالتالي مدينة فيينا إلى نسخة عن أسطنبول طيلة الليل .

كانت القوات النمساوية قد نجحت عام 1683 في صد الاتراك العثمانيين وردتهم على أعقابهم، من دون ان يدخلوا فيينا. لكن العاصمة النمساوية لم يبد اهلها أي ضيق، بينما كان المشجعون الاتراك يزمرون ويطبلون ويغنون هاتفين «تركيا... تركيا» في الميادين والشوارع، بل فرحت معهم هذه المرة. في حين ذكر البعض على استحياء أن حفنة من ساسة المدينة المتطرفين كانوا قد رفعوا يوماً شعارات سياسية مناوئة للمهاجرين مؤداها «ان فيينا لن تصبح اسطنبول»... لكن النصر التركي ليلة أول من امس نجح حقاً في جعل أجزاء من فيينا تركية اكثر من تركيا نفسها.

الجدير بالذكر ان تقارير لوسائل الاعلام ولشرطة المدينة اشارت الى ان الاحتفالات مرت بسلام في اغلب المناطق، باستثناء حالات شغب بسيطة بين مشجعي المنتخبين. وقد القي القبض على 11 منهم فقط .

وفي حين أجمع المعلقون الرياضيون على ان المباراة كانت طيلة فترتها الأصلية عادية بل رتيبة أحياناً، فإنهم أشادوا بروح الاصرار والعزيمة والوطنية التي طغت على اللاعبين في الفترة الاضافية. وأثنوا خصوصاً على روح الفريق التركي، الذي ساندته جالية تركية مهاجرة ليس إلى فيينا وحدها، بل وصل الالاف من المانيا نساء ورجالاً كباراً وصغاراً، يتقدمهم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وفي جولة لـ«الشرق الاوسط» نهار أمس بسوق «الناش ماركت» اكبر سوق خضراوات بالمدينة، حيث يمثل التجار الاتراك نسبة لافتة من العاملين، كان الجو مرحاً، خاصة أن التجار يحاولون إكساب بضائعهم من خضروات وفواكه اوصافاً من صفات كرة القدم، بل نادى البعض على الجميل النضر من خضراواتهم باسماء لاعبي منتخبهم.

وكانت الشرطة قد كثفت من وجودها بمنطقة اوتاكرينغ غرب فيينا، كون هذه المنطقة تسكنها جماعات مهاجرة من الاتراك والكروات، لكن الأمر انتهى بسلام، لتسود الشارع يوم امس مظاهر احتفالات تركية متفرقة مع كثافة في بيع الاعلام التركية. وأكد صاحب متجر انه باع اول من امس اكثر من 90 ألف علم تركي بمبلغ 5 يوروات للعلم الواحد، وأردف أنه يتوقع استمرار البيع في الأيام القادمة تأهباً لمباراة الاربعاء القادم بمدينة بازل السويسرية، بين المنتخبين التركي والألماني، التي وصفها بانها ستكون فريدة. والطريف ان عدداً من السيدات اللائي كن يتسوقن بمتاجر برونو ماركت، وهو من نوعية الاسواق المفتوحة التي تفضلها الجالية التركية، أكدن لـ«الشرق الأوسط»، أنهن حصلن على مبالغ مالية من أزواجهن لشراء مصوغات ذهبية تعبيراً عن فرح الأزواج بما أبدته زوجاتهن من مساندة وتشجيع للمنتخب التركي، رغم قلة اكتراثهن بل أحياناً كراهيتهن لكرة القدم.