وفاة مايكل دبغي أحد ألمع جراحي القلب في العالم

ابن العائلة المهاجرة من جنوب لبنان الذي عالج كبار المشاهير

دبغي مع زوجته كاترين وابنتهما أولغا كاترينا عام 1977 (أ.ب)
TT

توفي فجر أمس في مدينة هيوستن، بولاية تكساس الأميركية، البروفيسور مايكل دبغي جراح القلب الأميركي العالمي، المتحدر من أصل عربي، عن عمر يناهز 99 عاما. ويعتبر دبغي الذي ولد عام 1908 لعائلة مهاجرة من جنوب لبنان، من روّاد جراحة القلب في العالم، ويعد فعلياً أول من وضع أسس «جراحة القلب المفتوح» بمفهومها الحالي. وبلغت شهرته حداً جعلته مرجعاً والطبيب الجراح الذي يقصده أو يستدعيه كبار الساسة والمشاهير. ولقد حافظ على نشاطه وحيويته حتى آخر أيامه. بالنسبة لولادته، ثمة خلاف حول ما إذا كان قد أبصر النور حقاً في بلدة جديدة مرجعيون (جنوب لبنان)، وانتقل إلى أميركا مع والديه شاكر الدبغي ورهيجة الزربا، عندما كان ما يزال في الثانية من عمره، أم أنه ولد في مدينة ليك تشارلز الصغيرة بولاية لويزيانا. لكنه على أي حال نشأ في ليك تشارلز، وتابع دروسه الابتدائية والثانوية في مدارسها. ثم التحق بجامعة تيولاين المرموقة في مدينة نيو أورليانز، وتخرج فيها طبيباً. وبعد تخرجه أمضى سنوات تمرينه الطبي في أحد مستشفيات نيو اورليانز، قبل أن يسافر إلى أوروبا ويتابع تخصصه في الجراحة في جامعة ستراسبورغ الفرنسية وجامعة هيدلبرغ الألمانية. ولقد اهتم دبغي منذ سنوات دراسته الطبية في الأبحاث والدراسات، وابتكر المضخّة الدائرية عام 1932، التي صارت في ما بعد جزءاً من آلة تقوم بعمل القلب والرئتين، أثناء «جراحة القلب المفتوح». ومن ثم حصل على عدة براءات اختراع لعدد كبير من المعدات الطبية والتقنيات الجراحية، التي ساهمت في إنقاذ حياة الملايين في مختلف انحاء العالم. استعمال أنسجة خاصة Dacron Graft، جهّزها بمساعدة زوجته على ماكينة خياطة في بيته عام 1952، لكي يوصل بواسطتها شرايين مريض، ويلهم مراكز البحوث والصناعات الطبية والمختبرات لإنتاج الكثير منها بعد حين. ومن الطرائف حول هذا الابتكار أن دبغي أعاد الفضل فيه إلى ما تعلمه من جدته العجوز، التي كانت تضعه في حضنها بينما تحوك بالصنارة، وقد استوحى ما كانت تفعله جدته بالصنارة وطبقه في تنفيذ القطب الجراحية في عملياته.

وخلال الحرب العالمية الثانية، تطوع دبغي مثل سائر المواطنين الأميركيين المؤهلين للخدمة العسكرية، وعيّن مديراً لقسم الإرشاد الجراحي التابع لمكتب الجراحة العامة الأميركي. وأدّت أبحاثه في تلك الفترة الى إنشاء المستشفيات العسكرية الجراحية النقالة «ماش» MASH التي خلدها في ما بعد المسلسل التلفزيوني بالاسم نفسه. ثم ساهم في إنشاء مراكز جراحية خاصة لمعالجة العسكريين العائدين من الحرب، أي ما عرف في ما بعد بـ«نظام المراكز الطبية للعائدين من الحرب». غير أن أشهر ما اكتسبه دبغي على مرّ السنين، مع زميله الدكتور دنتون كولي في هيوستن، اتصاله بكل الرؤساء الأميركيين خلال السنوات الخمسين الماضية، وعلاقاته بزعماء آخرين من مختلف دول العالم. وكان بين مرضاه الرئيس الروسي السابق الراحل بوريس يلتسين، الذي زار دبغي روسيا عام 1996 لآخر مرة للإشراف عملية تغيير الشرايين التاجية لقلبه. ويقدّر المطلعون على سيرة حياة هذه العالم الفذ، عمليات القلب التي أجراها بنحو 36000 ألف عملية. وعام 1976، أسس تلامذته «جمعية مايكل دبغي العالمية للجراحة». كما اطلق اسمه على عدد من المنظمات ومراكز الأبحاث، وحصل على عدد كبير من أوسمة التكريم والتقدير من أرقى معاهد وكليات الطب في العالم وأفضلها سمعة. كما كان قد حصل عام 1969 أعلى وسام يحصل عليه مواطن أميركي هو «الميدالية الرئاسية للحرية بامتياز»، كما منحه الرئيس رونالد ريغان عام 1987 «الميدالية الوطنية للعلوم».