«صوت السهارى» الفرنسي فارق الحياة

ماشا ودعت مستمعين هدهدتهم 30 سنة

TT

كما كانت سميرة المستمعين في الليالي الطويلة على مدى ثلاثة عقود، فارقت النجمة الإذاعية ماشا بيرانجيه عن 67 سنة الحياة تحت جنح الظلام أيضا، أمس، بعد صراع مع المرض. وبرحيلها يفقد الفرنسيون «صوت السهارى» الذي رافق العشاق والدارسين وفرسان الليل في ليالي الأرق واستمع إلى هواجسهم وبث في اليائسين منهم جذوة الأمل.

بدأت ميشيل ريون، وهذا هو اسمها الحقيقي، تقديم البرنامج الليلي المباشر لإذاعة «فرانس أنتير» منذ عام 1977 ولم تفارق الميكروفون حتى تقاعدها قبل ثلاث سنوات. ونجحت المذيعة، التي اشتهرت بأنها لم تنزع قبعتها يوما، في اجتذاب مئات الآلاف من المستمعين إلى موعدها اليومي الذي يبدأ عند انتصاف الليل وينتهي في الثانية صباحا. وكان صوتها الهامس ذو البحة العميقة والممهور بسنوات من التدخين الثقيل مميزا لآذان أجيال من الفرنسيين، يتعرفون عليه من أول نبرة من بين آلاف الأصوات، ويستوقفونها للسلام عليها في الشوارع والأسواق والمسارح رغم أنهم لم يشاهدوها من قبل.

وكان النجم التلفزيوني الشهير جاك شانسيل قد وصف بيرانجيه بأنها «المرأة البيضاء الوحيدة التي تمتلك صوتا أسود». كما أطلقت عليها الصحافة لقب «صديقة المتأرقين» الذين كانوا يرفعون سماعة الهاتف، آخر الليل، للاتصال ببرنامجها «آلو ماشا». وكانت هي على الطرف الآخر تستمع إلى لوعة المحبين وشكاوى الزوجات المهجورات وتتلقى غضب العاطلين عن العمل وتخفف من يأس الذين يفكرون في الانتحار.

ورغم أنها كانت تتخفى وراء الميكروفون ولا تظهر على الشاشات، فقد حرصت ماشا بيرانجيه على مظهر بالغ الأناقة، ولم تكن تهمل زينتها حتى وهي وحيدة في الاستوديو. كما كانت تعتمر كل يوم قبعة جديدة، وكأنها كانت تتجمل لكي تذهب إلى مواعيد غرامية مع مستمعيها. كذلك كانت تستضيف في برنامجها، أحيانا، نجوم الغناء والسينما والأدب. وبلغ عدد من لبوا دعوة «آلو ماشا» أكثر من ألفي ضيف، أشهرهم الكوميدي الراحل الشهير لويس دو فونيس الذي قيل إنه كان من عشاقها.