رائد جراحة القلب مجدي يعقوب يحال إلى المعاش

TT

ابتداء من هذا الاسبوع تتغير مواعيد عمل جراح القلب المصري العالمي الشهير السير مجدي يعقوب، فبعد 30 سنة من الجراحة الدقيقة لزراعة القلب والرئة والمواظبة اليومية المستمرة والاستعداد الذي لا ينتهي للتوجه فورا الى غرف العمليات والطوارئ، يدخل السير يعقوب خدمته المعاشية لبلوغه الخامسة والستين.

وذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية امس ان خدمات الصحة البريطانية (NHS) قد احالته الى المعاش، وقد استشفت الصحيفة عدم رغبته في ذلك من كونه ظل متعلقا بوظيفته في الخدمات الصحية «حتى آخر ساعة ممكنة (عيد ميلاده الـ65 كان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولكن حسب القوانين سمح له بالبقاء على رأس وظيفته حتى بداية السنة الاكاديمية).

ويؤكد ما قالته الصحيفة قوله في المقابلة التي اجريت معه «سأفتقد مرضاي في «الخدمات الصحية الوطنية»، انها علاقة حب احتفظت بها معهم لوقت طويل» .

واضاف «لكن امامي كثيراً من الابحاث عليّ كتابتها» وقال السير يعقوب، وكأنما يستحضر بيت المتبني «اضرّ بجسمه طول الجمام»: «على كل لن تنقص ساعاتي ولن اعمل اقل، كل ما هناك انني اغير اتجاهاتي».

وبدخول السير يعقوب سن المعاش فان التاريخ سيحفظ له بأحرف بارزة انه كان واحدا من اكثر ابناء جيله من الجراحين ابداعا. ويذكر ان عددا كبيرا من جراحي القلب من عدة انحاء في العالم قد انتموا او سعوا حثيثا للانتماء لفريقه الجراحي.

وقال عنه الدكتور علي نور الجليل عبد الرحمن، جراح نقل القلب والرئة في مانشستر: «لقد حقق سير يعقوب انتصارات كبيرة في المجال، ذلك لانه يتمتع بذكاء خارق ومقدرة ظاهرة وكامنة اتاحت له في بعض الاحيان العمل على مدى اربع وعشرين ساعة متواصلة من دون كلل».

وقال الجراح عبد الرحمن امس لـ«الشرق الأوسط»: «لقد حظيت بالتدرب معه لأربعة اشهر اول عملي في نقل القلب والرئة، وعلي ان اشهد له بأني رأيته مرة يؤدي 6 عمليات نقل في 48 ساعة، وهذا امر صعب للغاية» واضاف عبد الرحمن: «لكن اكثر ما سيبقى في الذاكرة استعداده الدائم لمساعدة وتدريب ناشئة الاطباء في صبر ومودة.. انه حسن المعشر وسريع النكتة كأغلب المصريين».

وكما يصفه من عملوا معه فانه انسان ذو قدرات عالية لا ينام اكثر من خمس ساعات في الليل، عنيد، لا يحده سقف في التطلع والرقي بعمله. وفي الوقت نفسه فهو موصوف ايضا بأنه «جنتلمان» ومنطقي لا يستثار، ومثابر من الطراز الاول.

وقالت احدى زميلاته، وهي الدكتورة روز ماري رادلي ـ سميث تدربت معه وآخرون عندما كانوا اطباء يافعين، «مجدي يملك يدين سريعتين مذهلتين، ولكنه ايضا يملك افكارا وعلى الدوام كان في تحد لاي شيء يحده».

وتضيف صحيفة «التايمز» عن صفاته فتقول: رغم «التبجيل» والاحترام اللا محدود الذي يلقاه يعقوب فانه شديد الحياء، حتى ان زملاءه في مستشفى هيرتفيلد (شمال غرب لندن) كانوا قلقين جدا من احتمال عدم حضوره الاسبوع الماضي لحفل اقاموه بمناسبة «تغييره الاتجاه»، حتى انهم اضطروا لسرقة مفاتيح سيارته من سترته عندما كان في غرفة العمليات. وقالت الدكتورة رادلي ـ سميث: «كان ذلك الطريق الوحيد المتاح للحؤول دون مغادرته مباني المستشفى» واضافت «قبل ذلك بأيام قليلة شهدته في احتفال استقبال ضم داعمين لجمعية خيرية انشأها اسمها «سلسلة الامل» للاطفال المرضى بالقلب.. وكان الحضور مندهشين لعدم حضوره الى ان انتبهوا انه كان بينهم ودخوله للمكان لم تصاحبه ضجة بل كان في منتهى العادية».

ويعود اهتمام السير يعقوب بمجال جراحة القلب الى ايام طفولته عندما كان في السابعة من عمره حينما توفيت عمته (22 سنة) بسبب ضيق في صمامات القلب. حينها خاطبه ابوه وكان طبيبا: مثل هذه الحالات تعالج في الخارج ولكن ليس في مصر. ويقول يعقوب ان تلك اللحظة كان لها تأثير عظيم على اختياره دراسة القلب وكذلك على انشائه لـ«سلسلة الامل» للاطفال.

=