والدان فرنسيان يلجآن إلى قانون عمره 200 عام لمنع ابنهما من الزواج

يشكان في أن الخطيبة الصينية جاسوسة وذات نوايا سيئة

الخطيبان يحملان علبة خاتمي الزواج أمام مبنى البلدية التي كان من المفروض أن يتزوجا فيها قبل شهرين
TT

لجأ والدان فرنسيان إلى قانون قديم يعود إلى زمن الإمبراطور نابليون، في سبيل منع ولدهما من الاقتران بشابة صينية. ونفض والدا العريس المفترض الكثير من الغبار عن سجلات القوانين التاريخية بحثا عن المادة 173 التي تنص على حق الأب أو الأُم، أو الاثنين معا، وكذلك الأجداد والجدات، في الاعتراض على زواج أبنائهم أو أحفادهم حتى ولو كان هؤلاء قد بلغوا سن الرشد.

وكان الابن ستيفان ساج، وهو مهندس في الخامسة والعشرين من العمر، قد تعرف قبل سنتين على مان سين ما، وهي طالبة صينية من هونغ كونغ أنهت دراستها في أحد معاهد مدينة غرينوبل، جنوب شرقي فرنسا، ووقع في حبها وبادلته الحب بحيث قررا الزواج. لكن والدي الشاب أشهرا اعتراضهما على العرس قبل أيام قلائل من مراسم القران التي كانت مقررة قبل شهرين أمام عمدة بلدة ميلان القريبة من غرينوبل. وحسب صحيفة «لادوفينيه ليبيريه» التي نشرت الخبر، أمس، فإن الوالدين بررا رفضهما بشكوك حول صحة الزواج واعتقادهما بأنه «عقد أبيض» أي مجرد وسيلة تساعد العروس على البقاء في فرنسا والحصول على رخصة إقامة. وسعى الابن إلى ترتيب عدة لقاءات بين والديه وحبيبته، دون أن ينجح في تغيير رأيهما. واضطر إلى تحويل حفل العرس إلى حفل خطوبة، في اللحظة الأخيرة، لكي لا يضع خطيبته في موقف محرج أمام أقاربها الذين جاءوا خصيصا من الصين إلى فرنسا، لحضور المناسبة السعيدة. وحسب الصحيفة، فقد لجأ الخطيبان إلى القضاء للاعتراض على اعتراض والدي الخطيب. وأقرت محكمة غرينوبل، قبل أسبوعين، بحق ستيفان ومان سين في الزواج مع رفع الحظر المفروض حسب قانون عفى عليه الزمان. وجاء في قرار القاضي أن الأبوين وصفا ولدهما بأنه «ضعيف» و«قابل للخضوع للتأثيرات»، لكنهما لم يقدما الدليل على تلك المزاعم. وقالت وكيلة النائب العام في المحكمة المدنية إن الوالدين لم يتمكنا من إثبات مزاعم أُخرى تشكك في صفاء نية العروس.

ولم يعرف، بعد، فيما إذا قرر الوالدان استئناف الحكم، خصوصا وأنهما أضافا إلى أسباب الاعتراض على الزواج سببا جديدا، هو اعتقادهما بأن العروس جاسوسة لحساب السلطات الصينية، وذلك بالاستناد إلى مصارحات سابقة جرت بينهما وبين ولدهما.

واستطلعت الصحيفة آراء عدد من القانونيين حول هذه الحالة النادرة. وقال المحامي المتخصص في الأحوال المدنية، بوافي لوكليرك إن الوالدين نجحا في تأخير الزواج، وفي حال قضت المحكمة بأن اعتراضهما كان تعسفيا فإن من حق العروسين المطالبة بتعويض عطل وضرر. أما المحامية هيلين مارس فلم تعثر في سجلات القضاء سوى على سابقتين مشابهتين خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة. إذ يحدث وأن يكتب الأهل خطابا إلى النائب العام للتعبير عن الخشية من أن يكون أحد العروسين قد تعرض للضغوط. لكن لم يحدث أن طلب والدان منع إجراءات عقد زواج ابن أو ابنة. وأشار خبير قانوني ثالث أن العادة جرت على أن يتولى موظف السجل المدني إخطار النائب العام في حال الشك في ارتباط مقرر بين شخصين، خصوصا في حالة الارتياب بأنه «زواج أبيض» لأهداف التحايل على قوانين الإقامة في البلد. أما اللجوء إلى المادة 173 المندثرة، فإنها لا تسمح، في الزمن الحالي، للآباء والأجداد بالاعتراض التعسفي على اختيارات الأبناء. فقد جرت تعديلات كثيرة على القانون النابليوني منذ تشريعه، عام 1804، وحتى اليوم. حيث نص ذلك القانون، على سبيل المثال، أن السن القانونية الدنيا للزواج هي 25 عاما للشبان و21 عاما للشابات. وحتى بعد بلوغ هذا العمر يتوجب على المقبلين على الزواج الحصول على موافقة الآباء كنوع من الاحترام الذي يجب توثيقه عند الكاتب بالعدل، قبل إجراء العقد. وبخصوص المادة التي تمنح الآباء حق منع العقد، فإن المشرع قيّدها بشرط تقديم إثباتات قانونية تدعم الطلب، مثل عجز الابن عن اتخاذ القرار لسبب نفسي أو صحي.

ولحين هذا اليوم، ما زال ستيفان ساج وخطيبته الصينية ينتظران اكتمال الإجراءات التي ستسمح لهما بالارتباط رسميا، لكنهما أعلنا أنهما وضعا خاتمي الزواج في بنصريهما من الآن.