أدت أعمال بناء خط مترو «الشمال» تحت مدينة كولون، ثالث كبرى مدن ألمانيا، إلى انهيار مبنى أرشيف المدينة التاريخي، وإلى انحراف برج إحدى الكنائس القديمة، وإلى تشقق جدران العديد من المباني القديمة. إلا أن أعمال البناء التي بدأت عام 2004 كشفت عن الكثير من اللقى التاريخية التي تختفي تحت أرض مدينة كولون الرومانية القديمة.
الباحث الدكتور ماركوس ترير، المدير الفني للمتحف الروماني في كولون، تحدث عن 2,5 لقية رومانية قديمة عثر عليها بين عامي 2004 و2009. وقد أخضع معظم اللقى الثمينة، ذات الأهمية التاريخية، إلى الترميم وسيجري عرضها في المتحف، في حين سيصار إلى أرشفة ثلاثة أرباع اللقى وتحفظ في أقبية المتحف لأغراض الدراسة والبحث.
من بين الآثار التي اكتشفت نحو 400 قبر تحتوي على نفائس تعود إلى نبلاء الرومان الذين سكنوا المدينة قبل 1800 سنة. ووصف ترير أعمال التنقيب المرافقة لحفر نفق «المترو» بأنها الأكبر في تاريخ أوروبا لأنها شملت مساحة 30 ألف متر مربع. ومعظم اللقى تعود إلى القرون الثلاثة الأولى التي أعقبت ميلاد المسيح وعلى عمق 11 مترا تحت سطح الأرض، بينها جرار حفظ فيها رماد الموتى، إضافة إلى قوارير وزيران ومزهريات من الزجاج الملون والمزين بالرسوم الرومانية والزخارف القديمة التي عرفت في كولون.
أضف إلى ذلك أن معظم هذه اللقى أمكن العثور عليها قرب ساحة كلودفيغ في الحي الجنوبي حيث تنتصب بوابة المدينة القديمة «سيفرين تور»، وقرب الباب الخلفي من محطة السكك الحديدية حيث تنتصب كاتدرائية كولون الشهيرة وبقايا البرج الروماني القديم. وتجري حاليا أعمال تصنيف وتقييم عمر موجودات قبر يحمل اسم النبيل «لوشيوس كوادراتيوس» الذي يعود إلى القرن الميلادي الأول.
الجدير بالذكر، أن الرومان كانوا قد استقروا على نهر الراين في هذه المنطقة قبل 4 سنوات من ميلاد المسيح وأطلقوا عليها اسم «كولونيا» (أي «مستعمرة»). واستخدمت كولون (الاسم الفرنسي) كمركز لاحتلال بقية المنطقة الممتدة على نهر الراين حتى مصبه في روتردام بهولندا. وسيتأخر موعد إنجاز «المترو» حتى نهاية 2013 بسبب مشاكل البناء تحت المدينة القديمة وبسبب التوقف لإتاحة الوقت للباحثين للتنقيب في الآثار التي تكشفت عند الحفر.