علماء: الحيوانات «السارقة» أمنت بقاء النخيل الأسود منذ آلاف السنين

القوارض تدفن البذور في أماكن بعيدة عن المكان الأصلي مما ساهم في انتشاره

TT

ذكر علماء من أكثر من دولة أن النخيل الأسود في منطقة أميركا الوسطى نجح في الاستمرار في البقاء هناك على مدى آلاف السنين لأن حيوانات قارضة اعتادت سرقة ثمار هذا النخيل من معسكر أقرانها ودفنها في مكان آخر من الأرض، وهو ما ساعد على نشر هذه الأشجار في أماكن أخرى.

وقال الباحثون تحت إشراف باتريك يانزن من جامعة فاجنينجين الهولندية إن هذه الحيوانات القارضة كانت في البداية تنشر بذور الثمار برتقالية اللون لهذه الأشجار بالقرب من هذه الأشجار، ثم بدأت بعد عام من التجربة التي أجراها الباحثون بدفن هذه البذور على مسافة أكثر من 100 متر من الأشجار الأم، وهو ما أتاح لأشجار النخيل استيطان مناطق جديدة وتكييف منطقة انتشارها مع الظروف البيئية المتغيرة.

وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن الباحثين بذلوا الكثير من الجهد لتتبع آثار هذه البذور، حيث جهزوا 589 من بذور النخيل الأسود بأجهزة إرسال دقيقة الحجم، ثم نشروها في إحدى الجزر الصناعية في جزيرة بنما، وزودوا بعض حيوانات الأجوطي الستة عشر الموجودة في هذه الجزيرة بجهاز إرسال.

وحيوان الأجوطي هو حيوان قارض على قرابة بفصيلة ما يعرف بالقبيعات، وهي حيوانات قارضة منتشرة في منطقة أميركا الوسطى والجنوبية. كما ثبت العلماء كاميرات فيديو في هذه الجزيرة لمتابعة 409 من البذور الـ589 التي نثرت في هذه الجزيرة الصغيرة، في حين فقدت بقية هذه البذور أو التهمت من قبل حيوانات أخرى.

وقال الباحثون في نتائج الدراسة: «لقد تبين من خلال التصوير المستمر أن البذور نشرت على مراحل، لقد سرقت حيوانات الأجوطي البذور التي دفنتها حيوانات أخرى وقبرتها في مكان آخر، لقد سرقت بقية الحيوانات الأخرى بذورا وسُرقت منها بذور أيضا، لم تسلم من هذه البذور من السرقة سوى أقل من واحد من كل ست بذور..».

أضاف العلماء: «بل إن بذرة سرقت 36 مرة وحملت أكثر من 749 مترا بعيدا عن مكانها الأول قبل أن يعيدها أحد حيوانات الأجوطي في النهاية على بعد 280 مترا من مكان انطلاقها الأول، وذلك بعد 209 أيام من بداية التجربة».

واستنتج الباحثون من ذلك أنه من الممكن أن يكون نشر البذور على يد الحيوانات القارضة بديلا فعالا عن الانتشار الأصلي للبذور الكبيرة على يد حيوانات ثديية كبيرة.

وكان العلماء يعتقدون حتى الآن أن الحيوانات الأثقل وزنا بكثير من مثل حيوان الأجوطي هي القادرة على حمل بذور الأشجار الخشبية في الغابات المدارية في أميركا الجنوبية والوسطى بشكل فعال وعلى مسافات بعيدة.

ولهذه النباتات ثمار ليفية كبيرة يبلغ قطرها خمسة إلى عشرة سنتمترات، وتحتوي على ما يصل إلى خمس بذور كبيرة جدا، وكانت الحيوانات الكبيرة تبتلعها بشكل كلي ثم تلقي بالبذور التي لم تستطع هضمها في مكان آخر ضمن برازها.

غير أن مثل هذه الحيوانات العملاقة انقرضت في هذه المناطق منذ أكثر من عشرة آلاف سنة، وكانت تشبه الأفيال الحالية في أفريقيا، وهو ما كان يعني انقراض أشجار النخيل معها لو صحت هذه الفرضية، وهو ما لم يحدث، مما جعل العلماء يرجحون أن حيوانات الأجوطي الدؤوبة هي المسؤولة عن استمرار هذه الأشجار.