عربي يجبر الحكومة الإسبانية على تغيير قوانين إخلاء المنازل

لجأ إلى محكمة العدل الأوروبية بعد إخلاء منزله من قبل البنك

TT

لم يستسلم المواطن محمد عزيز (52 عاما، متزوج وله ثلاثة أطفال)، من أصل مغربي، ويسكن مدينة مارتوريل، التابعة لمحافظة برشلونة في إقليم كاتالونيا، شمال شرقي إسبانيا، بعد طرده من منزله لعجزه عن دفع الأقساط الشهرية، وتحميله أيضا ما تبقى من قيمة المنزل. وأمام هذه الحالة قرر الالتجاء إلى القضاء ونجح في تصعيد قضيته حتى وصلت محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ للاحتكام لديها، متعللا بأن القانون الإسباني يتناقض مع قوانين الاتحاد الأوروبي في مجال إخلاء المنازل. وبالفعل استطاع محمد أن يحصل على حقه بعد أن بتت المحكمة، يوم الخميس، بأنه على حق وأن قوانين إسبانيا تتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي، ولهذا فلا بد من تغيير قانون إخلاء المنازل المعمول به في إسبانيا حاليا.

وقد أثار هذا الحكم زوبعة كبيرة في إسبانيا لعدة أسباب، أهمها أن هناك آلاف من المواطنين الذين استسلموا لأمر الإخلاء، بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها إسبانيا، وتم طردهم من منازلهم، مع بقاء الدين بذمتهم، كما أن هناك آلافا أخرى ينتظرون أمر الطرد مستقبلا. وعلى الرغم من وجود كثير من الهيئات والجمعيات التي تقف وتكافح إلى جانبهم، لكنها لم تستطع إلا فعل القليل، أما المواطن محمد فقد حقق بتصرفه هذا إنقاذ الآلاف من جحيم قانون إخلاء الدار.

وقد جاء في قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بأن القانون الإسباني يتعارض مع مواد قانون الاتحاد الأوروبي، لعام 1993 المتعلق بحماية حقوق المستهلكين، ومنحت المحكمة الأوروبية الحق للقضاة إيقاف عمليات إخلاء الدار. وقد علق رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي على قرار المحكمة الأوروبية بقوله «إن الحكومة تدرس هذا القرار، وسنغير قانون إخلاء المنازل كي يكون متفقا مع قرار محكمة العدل الأوروبية». وعلق الناطق بلسان الحزب الشعبي الحاكم ألفونسو ألونسو، بأنه لا بد من تطوير قانون الإخلاء في إسبانيا كي يتفق مع القانون الأوروبي. وذكر ألبرتو رويس غاياردون، وزير العدل بأن تشريعات الأوروبية ستضاف إلى القانون الإسباني في هذا المجال.

وكان محمد قد فقد عمله قبل سنوات، كما هو الحال لملايين الإسبان حاليا، فتأخر عن دفع قسط المنزل، فما كان من بنك «كايشا» إلا أن طلب من المحكمة طرد محمد من منزله، فقامت المحكمة بطرده من منزله عام 2011. فما كان منه إلا أن التجأ إلى المحكمة الأوروبية كأمل أخير لمعاناته، وليشرح لها بأن البنك قد تعسف كثيرا في تعامله معه، فأصدرت المحكمة بعد عامين تقريبا من الانتظار حكمها لصالحه.

محمد عندما استلم الرد، صباح يوم الخميس، لم يصدقه وأخذ يبكي من شدة الفرح، إذ لم يبق له من أمل غير قرار المحكمة الأوروبية، وبعد أن أعرب عن بالغ سروره لهذا الخبر، قال في أول تعليق له لوسائل الإعلام: «لا شك أن هذا الحكم سيبث الأمل لدى كل العوائل التي تعاني من مشكلة الطرد من منازلها... لقد عانيت كثيرا، ولكننا انتصرنا أخيرا نحن الضعفاء، لقد انتصرنا. الحمد لله». أما محاميه ديونيسيو مورينو، الذي بذل جهودا كبيرة من أجل ذلك، ولم يقبض حتى الآن جهود أتعابه، فقد خاطب محمدا بقوله: «لقد سجلت اسمك في تاريخ أوروبا، وسوف تخافك البنوك».