عقار يبعث الأمل لدى مرضى الزهايمر

عن طريق وقف موت الخلايا العصبية

نساء مصابات بالزهايمر
TT

قام فريق من مجلس الدراسات الطبية البريطانية بالتركيز على جذور أسباب الكثير من أمراض الدماغ التنكسية، أي التي تسوء بمرور الوقت. وهذه الأسباب هي البروتينات ذات الشكل غير الطبيعي أو المنحرف والتي تلتحم معا في كتل وألياف. وعندما يتشكل في المخ عدد كاف من هذه البروتينات ذات الشكل المنحرف، يكون بإمكانها خلق رد فعل يؤدي إلى موت الخلايا العصبية.

محاولات أخرى للعلاج تركز على وقف أو تحجيم تراكم البروتينات الشاذة، والتي تكون مطوية باتجاه معاكس للاتجاه الطبيعي.

لكن هذه الدراسة، المنشورة في صحيفة «ساينس ترانسليشونال ميديسين»، ركزت على الطريقة الضارة التي تتفاعل بها خلايا المخ مع البروتينات الشاذة. وباستخدام دواء يحقن في معدة الفئران من خلال أنبوب عن طريق الفم، قام العلماء بقلب شكل الخلايا الشاذة لمنع الخلايا العصبية من الموت.

خمسة أسابيع بعد العلاج، ظلت الفئران خالية من أعراض الأمراض مثل فقدان الذاكرة، وضعف ردود الفعل. كما عاشوا مدة أطول من الحيوانات التي لم تعالج من نفس المرض. أثناء الدراسة، قام العلماء بإدخال مرض عصبي تنكسي تسببه بروتينات بريون الشاذة في جسد الفئران.

أمراض بريون، التي تشمل مرض كروتزفيلد جاكوب المعروف بمرض «جنون البقر»، هي أمراض نادرة في البشر، ولكنها تشترك في نفس السبب الكامن - البروتينات المطوية خطأ - وهو أكثر الأسباب شيوعا لأمراض مثل الزهايمر.

وأوضحت العالمة الشهيرة جيوفانا مالوتشي، من وحدة علم السموم في جامعة ليستر «كنا متحمسين للغاية عندما رأينا أن العلاج أوقف مسيرة المرض وقام بحماية خلايا الدماغ ومنع فقدان الذاكرة عند الفئران».

يشدد العلماء على أن تجربة هذا الدواء على الإنسان لن تتم إلا بعد مدة طويلة وأن الفئران عانت من آثار جانبية خطيرة منها نقص ملحوظ في الوزن وارتفاع نسبة السكر في الدم. لكنهم يعتقدون أيضا أن البحث يدل، من حيث المبدأ، على إمكانية تطوير علاج يتناول عن طريق الفم - في شكل حبوب أو شراب سائل - يمكن أن يحمي الدماغ من الأمراض التنكسية للأعصاب.

البحث لا يزال في مرحلة مبكرة جدا وقد يتطلب الأمر عشر سنوات أو أكثر قبل أن يتم إنتاج الدواء. لكن الخبراء يؤكدون على أن النتائج هامة للغاية. وقال البروفيسور روجر موريس، من كينجز كوليدج بلندن، إن «هذا هو أول تقرير مقنع عن أن دواء صغيرا، يمكن إنتاجه بسهولة، يوقف الموت التدريجي للخلايا العصبية في الدماغ كالتي توجد، على سبيل المثال، في مرض الزهايمر».

وتابع: «صحيح أن هذه الدراسة أجريت على الفئران وليس الإنسان وأنه تم علاج مرض بريون وليس الزهايمر. لكن مع ذلك، هناك أدلة كثيرة على أن الطريقة التي تموت بها الخلايا العصبية في كلا المرضين متشابهة، والدروس المستفادة من التجربة على الفئران من مرض بريون أثبتت طرقا دقيقة يمكن اتباعها للحد من تقدم مرض الزهايمر لدى الإنسان». وأضاف «أعتقد أن التاريخ سيحكم على هذا الاكتشاف باعتباره نقطة تحول في البحث عن أدوية مكافحة والسيطرة على مرض الزهايمر». وقال البروفيسور ديفيد ألسوب، من جامعة لانكستر «بعض النتائج مثيرة ومشجعة للغاية».

وأردف: «المحاذير الرئيسة للبحث هي أن مرض بريون نادر جدا في البشر، وليس من الواضح بعد إذا ما كان نفس النهج سيكون فعالا بالنسبة لأمراض الخلايا العصبية الأكثر شيوعا مثل الزهايمر وباركنسون».

وختم بالقول: «هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لتحديد إذا ما كانت هذه الطريقة تصلح لعلاج أمراض أخرى غير مرض بريون وأيضا لإيجاد سبل لتفادي الآثار الجانبية للدواء».