من يريد مطار باريس الثالث؟

الحكومة الفرنسية أقرته والبريطانية اعترضت عليه والأهالي يقابلونه بالعصيان

TT

يخوض رافائيل بوبار، عمدة قرية «فيرومون» الفرنسية، وخلفه اهالي قريته وكل سكان منطقة بيكاردي (شمال) معركة شرسة مع الحكومة لاجبارها على التراجع عن قرار اختيارها هذه المنطقة لانشاء مطار دولي ثالث يخفف الضغط المتزايد على مطاري اورلي وشارل ديغول، في محيط باريس.

وقال بوبار للصحافة: «سيزيلون قريتنا من الوجود، وسيهجر الاهالي بيوتهم، رغما عنهم، ويتحولون الى مشردين». واضاف ان قرار الحكومة يعتبر اساءة لمنطقة ابلت بلاء حسناً في الحرب العالمية الاولى، وقدمت المئات من ابنائها شهداء في سبيل فرنسا، وهم اليوم يقتلون ثانية.

ويجد اهالي القرية سنداً لهم في موقف الحكومة البريطانية التي اعلنت، مؤخراً، اعتراضها على نقل رفات الالاف من الجنود البريطانيين المدفونين في المقبرة العسكرية بموقع شولن، قرب القرية. وتضم المقبرة 40 ألف قبر لجنود من فرنسا والمانيا ودول الكومنولث، يجري التفكير في نقلها الى موقع آخر.

وبدأت الحكومة الفرنسية بالبحث عن حل لمشكلة كثافة حركة النقل الجوي فوق باريس منذ سنوات وتمت دراسة عدة مشاريع، ابرزها توسيع مطار شارل ديغول. وجرى افتتاح هذا المطار عام 1974 ليرفع الضغط عن مطار اورلي. وكان مخططاً له ان يكون منصة قابلة للتوسع بحيث يمكنها استقبال 80 مليون مسافر في السنة.

وصرفت الحكومة النظر، مؤقتاً، عن المشروع بعد المعارضة الشديدة التي واجهتها من سكان المناطق المحيطة بالمطار، نظراً للضجيج الناجم عن حركة الطيران. وكان الحل الآخر هو اقامة مطار ثالث في محيط العاصمة، لكي تصبح لباريس مطارات تضاهي ما هو قائم في عواصم اوروبية اخرى مثل لندن وامستردام. وبعد دراسة عدة اختيارات، وقع الرأي على موقع شولن في منطقة بيكاردي، على مبعدة 120 كيلومترا شمال العاصمة.

ويرى خبراء تخطيط المدن ان المطار الثالث سيكون بعيداً عن باريس بمسافة تعتبر قياسية بالنسبة الى باقي المطارات الدولية، اذ ليس هناك مطار يقع على مسافة تزيد عن 40 كيلومترا عن مراكز المدن الكبرى سوى مطار ناريتا في اليابان الذي يبعد 65 كيلومتراً عن طوكيو.

اما في بريطانيا، فان مطار ستانستيد الذي يبعد 55 كيلومترا عن لندن، فشل في مواجهة مطار هيثرو الاقرب الى العاصمة، وما زالت شركات عديدة للطيران ترفض هبوط طائراتها فيه.

اما مطار ميرابيل الذي يبعد 53 كيلومترا عن مدينة مونتريال في كندا، فقد واجه فشلاً ايضاً بحيث انه لا يستقبل اكثر من مليوني مسافر في السنة، على عكس مطار دورفال الذي يقصده الجميع لانه الاقرب الى المدينة.

وفي حال البدء بتنفيذ مطار باريس الثالث الذي قدرت كلفته بخمسين مليار فرنك (7 مليارات دولار) ويستغرق انجازه 20 عاماً، فان من المتوقع ان تشهد منطقة بيكاردي سلسلة من حركات العصيان لعرقلة اعمال البناء، وذلك بمساندة احزاب الخضر وانصار الحفاظ على البيئة.