رحيل الفرنسي جيلبير بيكو... مغني «ناتالي»

قدم أكثر من 400 أغنية وغنى في لبنان فاجتذب الكل.. حتى ميشيل عفلق

TT

«بعد صراع طويل مع السرطان»، هذه العبارة التي صارت تقليدية في معظم اخبار النعي، توفي صباح امس في باريس عن 74 عاماً، جيلبير بيكو، احد اعمدة الغناء الفرنسي خلال السنوات الخمسين الماضية.

ولد بيكو، واسمه الاصلي فرانسوا سيلي، في ميناء طولون جنوب فرنسا، ودخل الكونسرفاتوار ليتعلم العزف على البيانو وهو في العاشرة من عمره، وقدم خلال حياته الفنية الحافلة اكثر من 400 اغنية، اشهرها «ناتالي» التي يتغنى فيها بدليلة سياحية روسية طافت به على معالم موسكو. ومن اغنياته التي ما زالت تتردد عبر الاذاعات منذ ثلاثين عاماً «الوردة هي المهم» و«والآن وقد هجرتني...» وقد نقلت هذه الاغنية الاخيرة الى لغات عديدة، وصارت نشيداً للعشاق المهجورين، وغناها اكثر من 150 مغنياً ومغنية في ارجاء العالم، بينهم بربارا سترايسند.

وغنى جيلبير بيكو في لبنان عدة مرات، قبل الحرب، وكانت حفلاته تجتذب افراد ما كان يسمى بـ«المجتمع المخملي»، مثلما تجتذب كبار سياسيي البلد وحتى بعض السياسيين العرب الذين اقاموا في بيروت خلال الستينات من القرن الماضي، ومنهم زعيم حزب البعث ميشيل عفلق الذي لم يعرف عنه ولعه بالحفلات العامة.

واتخذ المغني لقب والده بالتبني منذ بداياته، وتعرف على الممثلة العملاقة اديت بياف في مطلع شبابه، وكان لها دور في انطلاقته وانطلاقة زميله شارل ازنافور. وكان بيكو اول فنان يغني على مسرح صالة «الاولمبيا» الشهيرة في باريس، وارتبط اسمه باسمها حيث اقام فيها مواسم غنائية زادت على الثلاثين.

واشتهر بيكو، على المسرح، بالبدلات الزرقاء اللامعة وبربطة العنق المنقطة بالابيض، وبالغناء واضعاً راحة كفه على اذنه، على الطريقة العربية. وكانت السيجارة لا تفارقه، يغني وهو يدخن او يضعها في منفضة فوق البيانو. كما كان قادراً على اشعال الصالة بالحرارة والحركة، والتواصل بشكل خارق مع الجمهور، بحيث ان صحافياً اميركياً وصفه بانه «رجل المائة الف فولت». وصار الوصف لقباً ثانياً له. وما زال اصحاب «الاولمبيا» يذكرون ان الجمهور حطم كراسي الصالة، من شدة الانفعال، اثناء حفلة لجيلبير بيكو عام 1958. ولم يتوقف صاحب «ناتالي» عن الغناء رغم تقدمه في السن ومعاناته من المرض، وانشد عدة اغنيات يخاطب فيها حتفه الآتي، وكان ينوي اصدار اسطوانة تضم اغنيات ثنائية مع رفيق دربه شارل ازنافور، لكن السرطان اخذه وهو في زهرة شيخوخته، ليلحق بمن سبقه من كبار رموز الاغنية الفرنسية، امثال ليو فيري وجاك بريل وجو براسانز وايف مونتان.

ونعى الرئيس الفرنسي جاك شيراك بيكو، امس، وقطعت الاذاعات برامجها لتبث خبر رحيله، وخصته محطات التلفزيون الفرنسية بالحصة الاكبر من نشرات الاخبار.