تحويل 700 صحافي لبناني إلى حراس وحجاب وسائقين في دوائر الدولة

رئيسة دائرة الأخبار أصبحت حارسة ومحررة عينت عاملة تقنية في مصلحة الكهرباء وإذاعية.. سائقة

TT

حوالي 700 صحافي متعامل مع الوكالة الوطنية في وزارة الاعلام اللبنانية تغيرت مهنتهم ليصيروا اما حراساً او حجاباً او سائقين او مستكتبين في دوائر وزارات لا علاقة لها بمهنة البحث عن المتاعب. فقد وصلت رحلة المتعاملين الى نهاية المطاف بعد اعتبارهم فائضاً وصرفهم من الوكالة وتحويلهم الى مجلس الخدمة المدنية وتوزيعهم على الوظائف الشاغرة في الوزارات.

والمعروف ان الوكالة الوطنية للاعلام شهدت توظيفاً عشوائياً ابان الاحداث اللبنانية، خضع الى مقاييس قوى الامر الواقع آنذاك، بحيث تضاعف عدد الموظفين في الوكالة مثنى وثلاث ورباع ليقارب 1500 متعامل لم تكن تسمح القوانين بتثبيتهم في ملاك وزارة الاعلام.

وحل قضية المتعاملين بدأ بحثها مطلع التسعينات، لكن التجاذبات السياسية اجلتها عقداً كاملاً ليصار الى صرف 700 منهم مع الحكومة الحالية بعد ان تولى غازي العريضي حقيبة وزارة الاعلام وخاض غمار ملفات شائكة موروثة من زمن الاحداث الاهلية، ومنها الوكالة الوطنية والاذاعة والتلفزيون الرسميين.

لكن المفاجأة تجلت في طريقة توزيع هؤلاء المتعاملين الذين اختلط حابل كفاءاتهم بنابل المحسوبيات، فقد اعتمد مجلس الخدمة الوطنية لتوزيعهم على الادارات في الدولة مبدأ الشهادات العلمية، بعيداً عن الخبرة وسنوات الخدمة التي تحتسب عادة درجات في التطور الوظيفي.

ونسبة كبيرة من المتعاملين تجاوزوا الخمسين، اي انهم امضوا في الوكالة الوطنية والاذاعة اللبنانية حوالي نصف قرن، لأن معظمهم اقتصرت دراسته على المرحلة الثانوية ولم تكن الدراسة الجامعية شائعة في شبابه، كما ان الشروط الوظيفية لم تكن تتطلب شهادات علمية عالية للتوظف، لذا تعامل معهم القانون وفق تقييم حيادي وحسابي ضيق، فقد تحول صحافي عمل 33 عاماً في الوكالة، وتمكن الى جانب عمله من اصدار مجلة اقتصادية متخصصة، الى حاجب في احدى الوزارات. كذلك عين حاجباً احد المندوبين في وزارة فاعلة فاضطر الى الاستقالة من وظيفة الدولة التي تشكل اماناً لمعظم اللبنانيين والاكتفاء بالعمل في مهنة الصحافة حفاظاً على كرامته واحتراماً لخبرته المهنية.

والجديد هو تعيين النساء برتبة حاجب في الوزارات، مع ان الامر غير مألوف في لبنان، واحدى الحاجبات هي موظفة سابقة في دائرة تابعة للاذاعة اللبنانية وام لمطرب صاعد.

واحدى مهندسات الصوت في الاذاعة نامت على حرير الوعود ممن راجعتهم لتستفيق مسؤولة عن مراقبة باب احدى الدوائر الرسمية، كما تحولت محاسبة مالية الى عاملة طباعة.

اما الطريف فهو الالتباس في اسماء الذكور والاناث، والاسم الذي يجوز فيه الاحتمالين لقيت صاحبته مصيراً مميزاً، فرئيسة دائرة الاخبار باللغة الفرنسية، واسمها ميشيل، وجدت نفسها حارساً بعد عمل حوالي 30 عاماً، وشقيقة شخصية سياسية معروفة، كانت تعمل مترجمة واصبحت اليوم سائقة. ولقيت محررة اخبار مصيراً مهنياً غريباً اذ عينت عاملة تقنية في مصلحة كهرباء لبنان.