مؤتمر عالمي في باريس حول العنف الواقع على الكرديات

تزايد «جرائم الشرف» بسبب الظنون والوشايات ونساء يدفعن إلى الوادي أو يحرقن إخفاء للمعالم

TT

استضاف مبنى مجلس الشيوخ الفرنسي، اول من امس، مؤتمراً عالمياً حول العنف الذي تتعرض له النساء الكرديات بمشاركة باحثات وباحثين من المناطق الكردية وبلاد المهجر وعدد من المتخصصين الاوروبيين. ولقي المؤتمر اقبالا من جمهور واسع ومتعدد الاهتمامات خصوصاً ان قضية الشابة الكردية فاطمة، التي قتلها ابوها في السويد، ما زالت ساخنة.

اشرف على تنظيم المؤتمر المعهد الكردي في باريس بالتعاون مع «حركة النساء الكرديات ضد جرائم الشرف» و«الشبكة الدولية لدراسات النساء الكرديات»، وبدعم من وزارة العمل والتضامن الفرنسية ومؤسسة «فرنسا ـ الحريات» التي ترأسها دانيال ميتران قرينة الرئيس الفرنسي السابق.

وافتتحت المؤتمر الدكتورة نزند بيجيخاني، الباحثة في جامعة غرب انجلترا والمتخصصة في قضايا المرأة الكردية والاسلام السياسي، ثم القت دانيال ميتران كلمة بالمناسبة قبل ان تتوزع اعمال المؤتمر على خمس طاولات مستديرة.

وتركزت الابحاث والشهادات على العنف الذي تتعرض له المرأة الكردية، سواء كان سياسيا باعتبارها جزءاً من محنة الشعب الكردي، او عائلياً باعتبارها كائناً يعاني من التمييز في مجتمعات زراعية وعشائرية محافظة.

وتحت شعار «لا شرف في الجريمة»، سلطت كلمات المشاركين والمشاركات الضوء على ما يسمى بـ«جرائم الشرف» او «غسل العار» وظروفها واسبابها والقوانين التي سنت في المنطقة الكردية، شمال العراق، للحد منها. واوضحت المحامية نرمين قره داغي التي تعمل في اربيل ان القانون الجديد يعتبر «جريمة الشرف» مثل غيرها من جرائم القتل ولا يعفي مرتكبها من العقوبة.

واوردت الباحثة احصائيات عن اعداد الجرائم، وقالت ان الجناة يعمدون الى احراق جثث الضحايا لكي يصعب تمييزها، وقد تم العثور على 140 جثة محترقة لنساء بعضها حالات انتحار وبالباقي بيد الاقارب لاسباب اخلاقية، اذ اصبح الحرق موضة دارجة! وتحدثت الصحافية روناك فرج مطولاً عن تجربتها في متابعة «جرائم الشرف» من خلال عملها في المركز الاعلامي النسائي في السليمانية، شمال العراق. وقالت ان الرجل الكردي ينشأ على تقاليد معينة يصعب عليه التخلي عنها، وهناك من تضخم لديه مفهوم الشرف، بمعنى امتلاك المرأة، خصوصا بعد ان فقد ارضه. واضافت ان هناك عملاً كثيراً يجب القيام به لتغيير العقليات والتوعية بالظلم الواقع على النساء. واشارت الباحثة الى مصطلح بات معروفاً في منطقتها، وهو «ضحايا الوادي»، وتقصد به النساء اللواتي يلقى بهن في الوديان درءاً للفضيحة، مع التأكيد على الظنون والوشايات التي ادت الى مقتل العديد من الفتيات البريئات.

وعن اقامة ملجأ لحماية النساء في السليمانية تحدثت الباحثة نازنين رشيد من «حركة النساء الكرديات ضد جرائم الشرف»، فقالت ان هذا الملجأ يضم حالياً نساء تتراوح اعمارهن بين 15 و40 عاماً، عانين من العنف وتعرضن للضرب من الأب او الأم او الزوج او الحماة، ويتلقين في الملجأ الرعاية الطبية والنفسية والقانونية.

واضافت الباحثة ان هناك 12 امرأة مسلحة من «البيشمركة» يحرسن الملجأ، خصوصاً ان العاملات فيه يتعرضن للتهديد ولهجوم الاهالي الذين لا يحبذون لجوء بناتهم اليه.

ودعت المتحدثة الى مزيد من التوعية بالظلم الذي تعاني منه النساء وضرورة ادخال مواد تحض على احترام المرأة في المناهج الدراسية.

كما القيت في المؤتمر ابحاث اخرى حول المرأة والنزاعات المسلحة، وحول حملات الابادة والتهجير ضد الاكراد، وحول مشكلات النساء الكرديات في بلاد الهجرات المختلفة. وتلقى المشاركون والمشاركات رسائل تحية من رفيقات لهم منعتهن الظروف من الاسهام في المؤتمر، ابرزهن المناضلة الكردية ليلى زانا، النائبة في البرلمان التركي والسجينة حاليا في أنقرة.