عاطل عن العمل يصبح عمدة مدينة في ألمانيا

يتغدى في مؤسسة كنسية خيرية ويشتري حاجياته من المدن البولندية القريبة

TT

دخل الألماني رولف توير ، 50 سنة، تاريخ ألمانيا الحديث ما بعد الحرب العالمية الثانية كأول عاطل يصبح عمدة مدينة. وانتخب أهالي مدينة بريسكوف ـ فنكنهيرد (شرق) كعمدة لهم في انتخابات حرة شارك فيها 89 في المائة من المواطنين الذين تشملهم شروط التصويت.

ويبدو مكتب العمدة توير في دار البلدية القديمة «على قد الحال»، حسب التعبير الشعبي المصري، لأنه لا يزيد عن 14 مترا مربعا. أما راتبه فيبلغ 345 يورو في الشهر، وهو مبلغ المساعدة الذي يناله كمعونات للبطالة في ألمانيا.

ومنصب العمدة، رغم ما يحمل من سمعة واحترام، يبقى في ألمانيا معنويا ولا يجلب لصاحبه المال، بل الكثير من العمل. وإلى جانب ذلك فإنه مطلوب منه أن يستقبل الضيوف، ويزور الناس متنقلا على دراجته، إذ أنه لا يمتلك سيارة. وفوق هذا فهو لا يتلقى أي مقابل أو مخصصات. وذكر توير أن أول مهمتين سيضطلع بهما ستكونان مد المجاري إلى قطعتي أرض ينتظر أن يصلهما البناء، وشارع رئيسي يخشى السكان أن يؤدي إلى تقسيم مدينتهم (3600 نسمة) إلى قريتين.

وكان توير يعمل في أحد مصانع السيراميك المعروفة في ألمانيا الشرقية، لكنه فقد هذا العمل بعد الوحدة الألمانية. وعثر على عمل كمسؤول عن مبنى سكني لفترة، لكنه فقده أيضا بعد أن أعلنت الشركة العقارية إفلاسها. ويتلقى حاليا معونات البطالة التي تشمل أيضا زوجته كارولا، 47 عاما، وبناته الثلاث ،22 ، 24 و 29 سنة.

وشرح عمدة بريسكوف-فنكنهيرد قدرته على العيش بهذا المبلغ الزهيد كالآتي: ينال غداءه من المؤسسة الكنسية الخيرية يوميا لقاء ثلاثة يوروات، يشتري ملابسه وحاجياته من المدن البولندية القريبة ويشتري سجائره من ماركة «رونسون» البولندية في بولندا أيضا. ويركب الترام يوميا طوال 15 دقيقة كي يصل إلى مدينة فرانكفورت- اودر على نهر الأودر، الذي يفصل بين بولندا وألمانيا، ثم يقطع المسافة مشيا على الاقدام إلى مدينة دامفورشتدات البولندية.

وعن خططه المستقبلية، قال توير إنه لا يملك أملا بالحصول على عمل جديد وهو في الخمسين، أفلست معظم المصانع الصغيرة في المنطقة ولم تتبق غير ورشة حدادة يعمل فيها عشرون شابا. لم يبق أمامه إذن غير أن يستعد لترشيح نفسه لدورة أخرى كعمدة في الانتخابات القادمة، ويبدو أنه يملك أملا جيدا في الفوز، بالنظر لاستقلاليته عن الأحزاب. ولا عجب أن يستقر رأي أهالي بريسكوف- فنكنهيرد على انتخاب توير كعمدة لأن نسبة البطالة في ولاية براندنبورغ الشرقية يرتفع إلى 20,6 في المائة، وهي من أعلى النسب في أوروبا. وأدت البطالة التي تنتشر بين الشباب إلى نزوح آلاف الناس إلى الغرب وبيع بيوتهم بمبالغ زهيدة لأثرياء الغربيين المتقاعدين. واللافت أنهم لم ينتخبوا امرأة لمنصب العمدة رغم ان نسبة البطالة بين النساء ترتفع إلى النصف.