قرار شخصي حول ثياب جانيات الفراولة يثير جدلا يتخذ أبعادا سياسية في النمسا

TT

عبارة حقول الفراولة، ارتبطت دائماً بالأغنية الخالدة لفرقة «البيتلز» البريطانية الشهيرة Strawberry Fields.. For Ever أو«حقول الفراولة إلى الأبد»، وفي أحد مقاطعها غنى الرباعي «إن الحياة أسهل مع العيون وهي مغمضة، كي لا ترى ما قد يثير المشاكل على ما يبدو. وهذا بالضبط هو الحال الآن في مشكلة بدأت بسيطة، لكنها بدأت أخيراً في التوسع والانتشار، لتتخذ أبعاداً أخرى.

القضية تتصل بقرار اتخذه صاحب مزرعة فراولة بمنطقة فيينا ـ نويراشتات، يمنع بموجبه النساء ممن يعملن في مزرعته كجانيات لثمار الفراولة، ان يمارسن مهامهن إن كن يرتدين تنانير (جونلات) أو فساتين، مبرراً قراره بما تلقاه من احتجاجات، بل مقاطعة من بعض الزبائن الشراء من مزرعته، خوفاً من تردّي الأوضاع الصحية، بسبب ملامسة أجساد النسوة للفاكهة، مما قد يعرضّها للتلوث. وبما أن الأمر وصل إلى حد المقاطعة والإضرار بأرباحه، لم يتردد الرجل في المبادرة إلى حرمان أي فتاة أو امرأة تأتي للعمل معه، إذا كانت ترتدي تنورة، حتى ولو كانت من النوع الطويل، الذي يغطي كل اجزاء الجسم، وشرح صاحب المزرعة النسوة العاملات، وبسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقارب الثلاثين درجة مئوية، يعملن بعفوية على تقصير تنانيرهن وفساتينهن بجذبها إلى أعلى وعقدها، مما يكشف عن أجزاء من اجسادهن أو ثيابهن الداخلية، التي قد تلامس الفراولة. وبالتالي قرر أنه على كل من ترغب في الاستمرار في العمل معه، فلا بد ان تلبس سروالاً (بنطلونا) طويلاً، مع العلم أن لبس «الشورت» يدخل ضمن الممنوعات أيضاً. بعض النسوة قبلن طبعاً بهذا الشرط لحاجتهن إلى المال، وبخاصة أن العاملات يأتي معظمهن من دول الجوار الفقيرة، وأن العمل في المزارع يناسبهن، لأنه لا يتطلب مؤهلات صعبة. بل انه عمل موسمي يزيد عائده كلما ازدادت درجات الحرارة، مما يتطلب الإسراع في جمع المحصول كي لا تخربه أشعة الشمس القوية. غير أن القصة لم تنته هنا، إذ تدخلت جماعات مدافعة عن حقوق العمال، ولم تقصر بدورها بعض وسائل الاعلام التي نظرت إلى ما حدث من أبعاد أخرى غير بعيدة عن السياسة، واعتبرت أن القرار ينطوي على استهانة بالعمالة الأجنبية، واستغلال لحاجتها بمحاولة كل صاحب عمل فرض ما يشاء من قوانين على العامل الفقير الوافد، وبالأخص أن مضمون هذا القرار، انتشر ليصبح جماعياً تمسّك به اصحاب المزارع في معظم المناطق. ورأى البعض أن القضية في مجملها تشكل إهانة للعاملات، كما يعتبر تدخلا في أمورهن الشخصية، وتعدياً على حريتهن في اختيار ألبستهن، وأنهن لم يوقّعن ضمن شروط العمل على الالتزام بزي معين. أضف الى ذلك أن أصحاب المزارع لم يصرفوا لهن علاوة «بَدل لبس».