رحيل الأخت إيمانويل صديقة جامعي القمامة بـ«عزبة النخل» في القاهرة

عاشت 100 عام ونافست الرياضيين ونجوم الفن في قوائم الشخصيات الأكثر شعبية في فرنسا

الأخت إيمانويل
TT

عن مائة عام تنقص شهراً، توفيت في باريس، ليلة أمس، الأُخت إيمانويل، التي اشتهرت بأنها رفيقة جامعي القمامة في القاهرة. وتعتبر الراهبة الراحلة، البلجيكية الأصل، واحدة من أكثر الشخصيات شعبية في فرنسا، وذات حضور إعلامي وإنساني لم يتوقف اشعاعه رغم تقاعدها قبل 15 عاماً.

وجاء في بيان صدر عن الجمعية التي تحمل اسمها أن الأُخت إيمانويل فارقت الحياة وهي نائمة في منزل المسنين الذي تقيم فيه في بلدة «كاليان»، وذلك قبل أيام من الاحتفال الذي كانت تعد له الجمعية ببلوغها سن المائة، في 16 من الشهر المقبل.  وحال ذيوع النبأ نعاها الرئيس نيكولا ساركوزي بالقول إنها «كانت أُختنا جميعاً» وامرأة إيمان وعمل، فهمت النشاط الخيري على أنه أعمال ملموسة للتضامن والأُخوة عبر العالم. كما أعرب الرئيس السابق جاك شيراك عن تأثره وزوجته برناديت لرحيل الأُخت إيمانويل، واصفاً إياها بأنها كانت امرأة استثنائية ممتلئة بالكرم والانسانية والحكمة. واللافت ان دليل بو بكر، عميد مسجد باريس الكبير، حرص على ينعي الاخت ايمانويل أيضا.

ولدت مادلين سنكان، وهذا هو اسمها الحقيقي، في كنف عائلة ميسورة في بروكسل عام 1908. وحصلت على شهادات في العلوم الفلسفية والدينية قبل دخولها سلك الرهبنة عام 1931. وبعد ذلك بسنة هجرت أُوروبا لكي تعمل في الشرق الأوسط وتكتسب حرارة الطبع المتوسطي. وكانت في التسعين من العمر عندما فازت في مسابقة نظمتها مجلة نسائية واسعة الانتشار لكي تحمل لقب أجمل إمرأة في فرنسا.

وذاع اسم الأُخت إيمانويل بعد قرارها الاستقرار في القاهرة، عام 1980، لرعاية الفئات الأكثر فقراً. وكانت يومها في الثالثة والستين من العمر لكنها تمكنت خلال عشرين عاماً من عملها في أوساط الزبالين أن تؤسس مدارس ومستوصفات وجمعيات لتحسين ظروف الرجال والنساء والأطفال الذين تزدحم بهم الأحياء الفقيرة في منطقة عزبة النخل. وكانت قبل ذلك قد عملت في تركيا وتونس، كما تمكنت من توصيل نشاط جمعيتها الى السودان حيث فتحت مدارس للبنات في عز الحرب التي كانت قائمة في الجنوب. وهي لم تغادر «أهلها» في مصر إلا بعد أن أجبرتها الرهبانية التي تنتمي إليها على العودة الى فرنسا للتقاعد. وقد عادت الأُخت إيمانويل لا لترتاح بل لكي تكون سفيرة ناطقة ضد الفقر ونصيرة للمهاجرين والمشردين وناشطة إعلامية تستضيفها أشهر البرامج التلفزيونية، الى جوار نجوم الأدب والفن. ولم تكن الراهبة التسعينية تتوانى عن التطرق الى كافة شؤون السياسة والمجتمع بما لها من روح ساخرة وصراحة تستهوي الجمهور. وكانت الأُخت إيمانويل تردد في كل حواراتها تلك العبارة العربية التي تعلمتها في القاهرة وجعلت منها شعاراً للمضي إلى أمام: «يا الله».