فضيحة جنسية تطارد وزير الثقافة الفرنسي

نشر قبل سنوات كتاب مذكرات يعترف فيه بمثليته

TT

يبدو أن رجال عائلة ميتيران محكومون بالوقوع في شباك فضائح يكشف عنها مؤلفون، أو يفجرونها بأنفسهم في كتب مذكرات، لا تأخذ في الاعتبار الأيام الآتية وما يمكن أن تحمله من مناصب لا تحتمل التصرفات الخارجة عن الأعراف الاجتماعية والسياسية.

ومثلما لاحقت الشبهات «العم» الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتيران بسبب كتاب ينبش في ماضيه ويكشف عن تعاون عتيق له مع حكومة «فيشي» التي هادنت الاحتلال النازي لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، واستمرار علاقة الصداقة التي جمعته بأحد مسؤولي تلك الحقبة، ها هو ابن أخيه وزير الثقافة الجديد فريدريك ميتيران يواجه عاصفة أخلاقية بسبب اعترافات وردت في كتاب أصدره قبل أربع سنوات.. وهي فضيحة قد تطيح به وتدفعه إلى الاستقالة.

فعلى الرغم من الكفاءة الثقافية العالية التي يتمتع بها الوزير، فإن هذه الكفاءة لم تؤمن سترا على ميوله المثلية، علما بأنه لم يكن يخفي تلك الميول. ففي سيرته التي نشرها عام 2005 في باريس بعنوان «الحياة السيئة»، يعترف الكاتب بأنه تردد على مثليين صغار في السن إبان رحلة له إلى تايلاند. وإذا لم تكن المثلية تهمة يعاقب عليها القانون في فرنسا، فإن ثمة مادة تمنع ما يسمى بـ«السياحة الجنسية» خصوصا إلى بلدان شرق آسيا التي يمارس البغاء فيها فتيات وفتيان من القاصرين. وما كان لذلك الاعتراف أن يلفت النظر لولا حملة التشهير التي أعلنتها، منذ يومين، مارين لوبين، نائبة رئيس حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، وسلطت فيها الضوء على المقاطع التي تدين الوزير، وطالبت بخروجه من الحكومة.

وخلال ساعات قلائل كبرت كرة الثلج وصارت شاغل الوسط السياسي والإعلامي، لا سيما أن معسكر اليسار الذي كان ينتمي إليه ميتيران لم يغفر له قبوله منصبا وزاريا في حكومة لليمين. وكانت وزيرة الدولة لشؤون المدينة، فضيلة عمارة، أكثر المتدخلين صراحة حين سئلت، أمس، عن رأيها في القضية، فردّت بأن الوزير «يدفع ثمن اسمه وثمن استيزاره الذي لم يرق لأهل اليسار». وفي حين دافع عن ميتيران كل من وزير الداخلية بريس هورتفو والمستشار الخاص للرئيس نيكولا ساركوزي هنري غينو، أعلنت إحدى نقابات الشرطة الرئيسية نيتها مطالبة المدعي العام في باريس بفتح تحقيق ضد ميتيران بتهمة خرق المادة 225 من قانون العقوبات، أي المادة التي تردع البغاء في أوساط القاصرين.

من جهته، رد الوزير على اتهامات مارين لوبين بتصريح مقتضب أدلى به عقب مغادرته اجتماع مجلس الوزراء، أول من أمس، قال فيه «إنه لشرف لي أن يقوم حزب الجبهة الوطنية بتمريغ سمعتي في الوحل». ونظرا للصدى الكبير التي تسببت فيه الفضيحة ومطالبة شخصيات سياسية للوزير بالدفاع عن نفسه، كان من المقرر أن يظهر ميتيران، ليلة أمس، ضيفا على نشرة أخبار المساء في القناة الأولى، للرد على الاتهامات بشكل مفصل. ويتركز السؤال الجوهري، حاليا، حول أعمار بائعي الهوى الذين قصدهم الوزير، وهل هم من البالغين أم القصر. ففي كتابه لا يوضح ميتيران هذه النقطة بشكل حاسم، بل يكتفي بوصفهم بأنهم كانوا من «اليافعين» و«الأولاد» و«الصغار».