رحيل الأثرية العراقية سلمى الراضي الحائزة جائزة الأغا خان في العمارة

توفيت في نيويورك، أمس، خبيرة الآثار العراقية الدكتورة سلمى الراضي، بعد مرض لم يمنعها من استكمال مشروع عمرها في ترميم المدرسة الأميرية في مدينة ردع اليمنية، وهو العمل الذي استغرق أكثر من ربع قرن ساهمت الراحلة خلاله في تكوين فريق يمني مؤهل لمهمات التنقيب والترميم والصيانة.

ولدت الراضي في بغداد عام 1939، وأقامت في طفولتها وصباها في الكثير من الدول بحكم عمل والدها سفيرا، خصوصا لدى إيران والهند. وتخرجت في جامعة كامبريدج التي درست فيها الآثار واللغات السامية القديمة، ثم نالت الماجستير من جامعة كولومبيا الأميركية، قبل أن تحصل على الدكتوراه من جامعة أمستردام في هولندا. وقد قادتها هوايتها وتخصصها العلمي إلى العمل في الكثير من المواقع التاريخية في بلدها العراق، وأيضا في سورية وتركيا ولبنان والكويت ومصر، بالإضافة إلى اليمن الذي زارته في أوائل سبعينيات القرن الماضي فأصبح مسقط قلبها، وانخرطت في البحث عن الدعم لترميم مجمع الأميرية العائد إلى بدايات القرن الخامس عشر والمؤلف من جامع وقصر ومدرسة كانت قد هوت وتحولت إلى خرائب قبل أن تنتشلها يد الترميم وتزيل غبار العصور عن جدرانها البديعة المنقوشة.

وبفضل تلك التجربة، تمكنت الراضي من أن تجمع حولها أهالي المنطقة وأئمة الجوامع والسياسيين وموظفي المنطقة الذين قدموا كل ما في وسعهم لمساعدة الباحثة العراقية وفريق عملها. ولدى اكتمال المشروع عام 2004، استقبلت المنطقة الكثير من مشاهير الضيوف والخبراء العالميين الذين جاءوا لحضور حفل التدشين. وقد كرم الرئيس اليمني صاحبة المشروع بمنحها ميدالية الثقافة. كما نالت جائزة الأغا خان العالمية في الحفاظ على الإرث المعماري، عام 2007، عن ترميم المدرسة الأميرية في ردع.

وسلمى الراضي هي شقيقة الفنانة التشكيلية والخزافة والكاتبة نهى الراضي، صاحبة الكتاب الشهير «يوميات بغداد» الذي صدر بالإنجليزية وترجم إلى لغات كثيرة، وسجلت فيه مؤلفته وقائع الحرب على العراق عام 1991، كما عاشها أهالي العاصمة يوما بيوم. وكان المرض الخبيث قد أودى بنهى عام 2004، لتبقى والدة سلمى ونهى، المثقفة التسعينية السيدة سعاد منير عباس، شاهدة على عصر حرصت على أن تعيشه متيقظة الحواس، وعلمت ابنتيها وولدها عباد الراضي نعمة العمل الدؤوب وحكمة الصبر على المحن.