أثارت استقالة مدرب كرة القدم المعروف رالف رانغنيك، من نادي إف سي شالكه، بسبب الاستنزاف (Burn out) الكثير من الجدل في ألمانيا حول تفشي هذه الحالة المرضية.
ويبدو أن العاملين في مجال كرة القدم، خصوصا المدربين، معرضون أكثر من غيرهم للانهيار الجسدي والنفسي بسبب ضغط الجمهور والإعلام والنوادي. وقبل رانغنيك، كان حارس مرمى المنتخب روبرت انكه قد ألقى بنفسه تحت عجلات القطار بسبب المعاناة من حالة مماثلة، وتخلى لاعب المنتخب سيباستيان دايسلر (بايرن ميونيخ) عن اللعب بسبب العجز عن المواصلة وخشية أن يؤدي انهياره العصبي إلى نتائج محزنة.
اتحاد شركات التأمين الصحي في ألمانيا نشر بالمناسبة تقريرا يتحدث عن تضاعف أعداد الألمان المعانين مما يسمى «الاحتراق» 9 مرات منذ عام 2004. وكتب الأطباء للعاملين الألمان عام 2010 نحو 8.1 مليون يوم إجازة للمعانين من هذه الحالة، أي ما معدله 72.3 يوم في السنة. وهناك مؤشرات في النصف الأول من عام 2011 على زيادة جديدة في عدد المعانين من الاستنزاف.
البروفسور ماتياس بوريشن، المتخصص في الأمراض الجسدية النفسية من هامبورغ، قال إن الحالة عبارة عن مشاكل عملية وشخصية تبلغ ذروتها بتأثير العاطفة الشخصية. فالحالة تتفشى بين الأشخاص الباحثين عن التكامل في العمل والحياة، والذين يبذلون كل عواطفهم وجهودهم في العمل. وهؤلاء الأفراد عاجزون عن وضع حد فاصل بين حياتهم الشخصية اليومية ومهماتهم في العمل.
والقضية عبارة عن تفاقم الإرهاق الجسدي والنفسي بحالة من الاكتئاب. وغالبا ما يرتبط مرض «الاستنزاف» بالرغبة في تحقيق النجاح على المستوين المهني والشخصي. وقد تقود الحالة في البداية إلى إدمان الكحول والمخدرات في محاولة للهروب من الواقع.
أعراض مرض «الاحتراق» هي التوتر العصبي والجسدي والعاطفي، والشعور بأن الفرد بلا حول ولا حوافز ولا رغبة، والسخرية المرة من الحياة حد «الكلبية»، والبحث عن العزلة والابتعاد عن الناس، واضطراب النوم، وضعف التركيز وارتكاب الكثير من الأخطاء، والمعاناة من آلام لا مبرر لها، خصوصا في الظهر والرقبة، مع شعور بالانقباض في الصدر.
يبقى أن نقول إن الفضل يعود إلى العالم النفسي الأميركي هربرت فرويدنبيرغر، الذي عرّف المرض وعدّد أعراضه وسجله كحالة مرضية معترف بها عالميا عام 1974.