الدولة الفرنسية تكشف أوراقها على شبكة الإنترنت

من ميزانيات الوزارات إلى درجة نقاء الهواء ومياه الشرب

TT

إنها «ثورة فرنسية» جديدة في ميدان الإدارة! هكذا وصف المعلقون الجهود التي أسفرت عن تخصيص دائرة مركزية للمعلوماتية تقدم خدماتها لكل مرافق الدولة الفرنسية. فحتى الآن، كان كل إقليم وكل وزارة وكل مقاطعة في فرنسا يؤسس فضاءه الإلكتروني الخاص به ويحتفظ بموقعه المنفصل على الشبكة، عارضا فيه مشاريعه واحتياجاته ونشاطاته وخرائطه وعناوينه، ومجندا له جيشا من خبراء المعلوماتية وميزانيات تصل في مجموعها إلى 3 مليارات يورو، سنويا.

ولكن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والحاجة لترشيد الإنفاق الحكومي، قررت رئاسة الوزراء، هذا العام، دمج كل تلك الجهود المبعثرة في دائرة واحدة. ولم تتوقف الحكومة عند هذا الحد بل فجرت، اعتبارا من أمس، «ثورة» ثانية عندما قررت نشر كل المعطيات والوثائق الرسمية على الشبكة العنكبوتية، ووضعها في متناول مستخدمي الإنترنت. وهذا يشمل ميزانيات الوزارات ونفقات موظفي الحكومة والمؤسسات الثقافية وجردة بممتلكات الدولة من عقارات وغيرها.

ليس هذا فحسب، بل تمضي الشفافية حد تقديم نشرة مستمرة بنوعية الهواء في كل مدينة من مدن فرنسا ومدى صلاحية الماء فيها للشرب ودرجات التلوث. ويجيء تحرير وثائق الدولة وطرحها للعموم ليختصر نفقات كثيرة وساعات من المراجعات وجهود الموظفين وأطنانا من الورق، كانت تذهب للرد على كل استفسار أو طلب على حدة.

وعليه، بات في متناول كل متصفح راغب باستشارة الموقع لمعرفة آلاف المعلومات، من الاطلاع على مواعيد وسائل النقل والقطارات والطائرات، إلى أماكن الفنادق والمطاعم وصالات الرياضة والمستشفيات، بالإضافة إلى الخرائط المتفاعلة التي ترشد المسافرين عبر الطرقات الداخلية والخارجية المتجهة إلى دول الجوار والتي يشكل إعدادها إلكترونيا، لوحدها، سوقا ينفق فيها 30 مليار يورو في أوروبا.

وحسب سيفران نوديه، مدير مؤسسة «إيتالاب»، التي تضطلع بهذه المهمة وبإشراف رئاسة الوزارة، فإن الهدف هو الوصول إلى شفافية الدولة التي هي أساس أي ثقة ديمقراطية. ولقد استفاد الفرنسيون من التجربة البريطانية التي أشاعت على الشبكة الإلكترونية نفقات كل نائب، بعد الفضيحة التي عانى منها مجلس العموم بسبب النفقات غير المشروعة لعدد من أعضائه. ولذا يريد عدد من نواب المعارضة المضي قدما و«فضح» بعض الأساليب الملتوية التي توزع بها مساكن الدولة على ذوي الدخل المحدود، على الإنترنت.