فقراء الألمان «مكتئبون».. وأثرياؤهم «محترقون»

في دراسة عن الأمراض النفسية والعقلية

TT

تتسلل البدانة، ومعها أمراض السكري والقلب والدورة الدموية، ببطء بين الألمان منذ عقدين، غير أن الأمراض النفسية والعقلية تجذرت كثيرا بينهم خلال السنوات الثلاث الماضية.

ولكن يظهر أن الأمراض تتمتع بـ«حس طبقي» عال، لأن أمراض الفقراء تختلف عن أمراض الأغنياء، أسوة بالفوارق التي تمتد بين الإقامة والسفر والصحة. على الأقل، هذا ما تثبته دراسة بعنوان «صحة البالغين في ألمانيا»، نشر حصيلتها مؤخرا معهد روبرت كوخ المرموق.

الدراسة الألمان من ذوي الدخول المحدودة عانوا في السنة الأخيرة بنسبة 14 في المائة من الاكتئاب، في حين لا تزيد نسبة الإصابة به عن 4.65 في المائة فقط في صفوف الأثرياء، مقابل ذلك ألقت الثروة بكامل «نارها» على أدمغة الأثرياء فعانى 5.8 في المائة منهم، في الفترة ذاتها، من ظاهرة «الاحتراق» Burn out، أو لنقل الانهيار النفسي الكامل (2.6 في المائة بين ضعيفي الدخول). وكان هذا المرضان من أكثر الحالات النفسية شيوعا بين مختلف فئات المجتمع.

شملت الدراسة 7800 ألمانية وألماني من الفئات العمرية بين 18 و80 سنة، وظهر منها أن 33 في المائة منهم عانوا من اضطرابات نفسية وعقلية خلال الأشهر الـ12 الماضية. وكانت أعلى نسبة من هذه الاضطرابات (45 في المائة) أصابت الفئة العمرية بين 18 و35 سنة، التي تعد الطبقة المنتجة الحقيقية في البلاد.

وهذا، طبعا، لا يبشر بخير اقتصادي كبير، بغض النظر أزمة اليورو، لأن الأمراض النفسية تنعكس سلبا بشكل مباشر على الإنتاج. إذ اعترفت نسبة عالية ممن شملهم الاستفتاء بالعلاقة المباشرة بين تفاقم أوضاعهم النفسية وبين الغياب عن العمل. وقالت نسبة 33 في المائة، من النساء والرجال، إنهم تغيبوا ثلاثة أو أربعة أيام في الأسابيع الأربعة الأخيرة بسبب الاضطرابات النفسية. ومنهم كثيرون يودون لو أنهم تمتعوا بـ 12 يوما كإجازة في الشهر لكي يداروا أوضاعهم النفسية الصعبة.

يبقى أن نقول إن الأمراض ليست «طبقية» فحسب، وإنما جنسية أيضا. إذ تعاني النساء من الأمراض النفسية أكثر مما يعانيه الرجال، لكنهن يعانين في الأغلب من الاكتئاب والرهاب (الفوبيا)، في حين يعاني الرجال من الإدمان.