بحث تاريخي يربط توطين إيطاليين في مدينة إسبانية مكان الموريسكيين بأمراض موجودة حتى اليوم

التاريخ في خدمة العلم

TT

نشرت، أخيرا، نتائج بحث اشترك في إعداده مؤرخون وأطباء ومتخصصون في علم الوراثة، وخصص لدراسة مرض انحراف أصابع القدم المنتشر بين أهالي مدينة غانديا، المطلة على البحر الأبيض المتوسط والتابعة لمحافظة بلنسية، شرق إسبانيا.

وكشفت نتائج البحث أن سبب هذا المرض متعلق بطرد الموريسكيين (بقايا العرب والمسلمين في إسبانيا) من المدينة وإحلال مواطنين من مدينة جنوا الإيطالية، خلال القرن السابع عشر الميلادي، مكانهم.

انتشار هذا المرض المعروف باسم «مرض لينج»، في هذه المدينة بالذات قد حير الكثيرين، إذ إن عددا غير قليل من الأهالي يمشون بشكل غير طبيعي بسبب الآلام التي يسببها هذا المرض. فتشكلت لجنة لدراسة هذه المشكلة من الأطباء أولا، ثم أضيف إليهم متخصصون في الجينات، وتبع ذلك إدخال متخصصين في التاريخ لتحديد طبيعة المرض وتاريخه في المدينة، وقد تم التعرف أولا على أن المرض مشترك بين مدينتي غانديا الإسبانية وجنوا الإيطالية، وعندها تم التركيز على ماهية العلاقة التاريخية بين المدينتين، وسبب انتشار المرض أولا في مدينة جنوا، وبعد ذلك في مدينة غانديا، وبعد البحث التاريخي الدقيق توصل البحث إلى أن المرض ظهر في المدينة بعد أن قام الإسبان بطرد الموريسكيين في القرن السابع عشر من المدينة، تنفيذا لأوامر ملكية أصدرها فيلب الثاني، وتقضي بطرد جميع الموريسكيين من إسبانيا.

أشرف على البحث الدكتور خوان خيسوس بيلجيث، رئيس قسم الأمراض العصبية والعضلية في مستشفى «لا في» بمدينة بلنسية، وشارك فيه كثير من الباحثين، منهم باحثان متخصصان في الموروثات، هما كارمن اسبينوس وفرانثيسكو بالاو، بجانب المؤرخ خيسوس آلونسو.

وجاء في شرح الدكتور بيلجيث: «لقد بات واضحا أن سبب المرض يكمن في طفرة وراثية ذات أصل إيطالي تعود إلى القرن السابع عشر، عندما طُرد الموريسكيون من منطقة سافور (ومركزها مدينة غانديا)، وجرى تعويضهم بعائلات جاءت من منطقة إيطالية».

وأضاف: «إن المرض هو عبارة عن مشكلة عصبية عضلية تصيب بشكل خاص الأقدام فتسبّب فقدان قوتها العضلية، ويؤدي بالتالي إلى صعوبة صعود السلم أو التعثر عند المشي أو لبس النعال».

وقد لخص المؤرخ الدكتور آلونسو غانديا تاريخ المرض في غانديا بأنه «بعد طرد الموريسكيين من المنطقة، احتاجت المنطقة إلى مواطنين لملء الفراغ، وعندها بدأت أعداد كبيرة من الإيطاليين بالتدفق على المنطقة».