وفاة طفل تعكر احتفالات «ملوك الشرق» في إسبانيا

رئيس البلدية عرض إلغاء الاحتفال لكن عائلة الطفل رفضت

العربة التي دهست الطفل خلال الاحتفال بقدوم ملوك الشرق (إ.ب.أ)
TT

على الرغم من الأزمة الاقتصادية الحادة في إسبانيا وإجراءات التقشف في جميع المجالات، فإن احتفالات ملوك الشرق التي جرت مساء أول من أمس السبت لم تتأثر كثيرا، لكنها تعكرت بشكل واضح بسبب وفاة طفل (6 أعوام) قفز لالتقاط قطعة حلوى رماها أحد ملوك الشرق نحو الأطفال، في أحد شوارع مدينة ملقة، جنوب إسبانيا، فما كان من الطفل إلا أن قفز نحو حافلة الملك لالتقاط الحلوى، وإذا به يعثر أمامها، لتدهسه الحافلة.

وعلى الرغم من أن سيارة الإسعاف كانت قريبة من مكان الحادث، كما أن والده الذي كان بالقرب من ابنه لحظة وقوع الحادث أسهم وهو طبيب أيضا في محاولة إنقاذه، فإن الطفل توفي بعد نحو نصف ساعة. وكان وقع الحادث شديدا جدا على الجميع، حتى إن رئيس البلدية فرانسيسكو دي لاتوري حضر إلى المكان لتقديم التعازي لعائلة الطفل، كما عرض عليها اقتراح إلغاء الاحتفال بملوك الشرق لهذا العام، لكن عائلة الطفل طلبت منه الاستمرار في الاحتفال، فقرر رئيس البلدية الاختصار في مسيرة موكب الملوك، وانتهى الاحتفال قبل موعده بساعة، كما أعلن حداد المدينة على وفاة الطفل لمدة يومين.

وكان الأب يمسك بيد ابنه لحظة مرور حافلة ملوك الشرق، لكن الانفعال سيطر على الطفل عند مشاهدته الملوك الثلاثة وهم يرمون بالحلوى نحو الأطفال، وفي تلك اللحظة سحب يده وقفز نحو وسط الشارع لالتقاط حلوى الملوك.

وحسب التقاليد الإسبانية فإن ثلاثة من ملوك الشرق، وهم ميلجور وغاسبار وبالتاسار، تتبعوا نجما في السماء أوصلهم إلى بيت لحم بعد ولادة السيد المسيح، وهناك قدموا التهاني والهدايا إليه، بمناسبة ولادته. وتهتم إسبانيا كثيرا بهؤلاء الملوك، ويتعلق الأطفال بهم تعلقا كبيرا، حيث تقام الاحتفالات الضخمة كي تسير في مواكب مزينة مهيبة، وفيها الملوك، وهم في أزياء ملونة ومثيرة ومزركشة. وتصاحب المواكب فرق فنية تقدم بعض الفعاليات والموسيقى الخاصة بالأطفال. وفضلا عن توزيع الحلوى، فإن الملوك الثلاثة يقدمون الهدايا للأطفال، وتتبرع الكثير من الشخصيات المعروفة، ومنها شخصيات سياسية وفنية وإعلامية وكتاب، للقيام بدور أحد ملوك الشرق، كي يقوم بتوزيع الهدايا للأطفال، وفي الكثير من المرات يقومون بزيارة المستشفيات أو بعض مراكز الأطفال كي يقدموا لهم الهدايا.

ومن عادة العوائل الإسبانية أن تقول للطفل إن الملوك الثلاثة سيأتون له بهدية ثمينة إذا تصرف تصرفا صحيحا وجيدا، وبعكسه فإن هديتهم إليه ستكون كيسا من الكربون، ولهذا ينام الطفل يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) وهو يتمنى أن يقوم ملوك الشرق بإهدائه هدية ثمينة. وبعد نوم الطفل تقوم العائلة بوضع هدية في مكان واضح من المنزل، وفي العادة عند شجرة عيد الميلاد، وفي اليوم التالي، عند نهوض الطفل، صباح يوم 6، يهرع للبحث عن الهدية، وفي بعض الأحيان يكون خائفا من أن يهدوه كيسا من الكربون، فيعثر عليها، وهي في العادة مما طلبه في رسالة خاصة كان قد كتبها قبل فترة إلى ملوك الشرق، وكتب فيها طلباته.

وحتى اليوم لم يتأثر هذا التقليد في إسبانيا، على الرغم من التغير الكبير الذي طرأ على العادات الإسبانية، ولا تزال هذه الاحتفالات محافظة على نشاطها على الرغم من الدعاية الكبيرة لبابا نويل، إلا أن الأطفال لا يزالون متعلقين بملوك الشرق لدرجة كبيرة.