«إيقاعات خالدة» تنوع رقعة وفعاليات مهرجان مراكش للفنون الشعبية

TT

في مراكش لا تعدم ما يسرقك من ساحة الفنا وسوق السمارين او سوق الملاح او الأزقات والدكاكين التي جمد الزمن بها منذ العصر الذهبي للأندلسيين. كل شيء في هذه المدينة منذور للإبهار وشهقة الاكتشاف، لكن المحظوظ اكثر هو من يكون في المدينة خلال أيام مهرجانها السنوي للفنون الشعبية.

مهرجان هذا العام، وقد مر على تأسيسه اكثر من اربعة عقود، يقام تحت شعار «إيقاعات خالدة»، وهو شعار مفصل بدقة لمقاسه وإلا أين تجتمع ألحان وإيقاعات قرى الأطلس ورقصات أبناء الصحراء وأغاني المدن العابقة بعطور الأندلسيين؟ اين تجد ازياء حسناوات قرطبة مع اقراط الغرناطيات وهن يضربن بأقدامهن في رقصات تردد صدى ايقاعاتها تلال الأندلس مع روابي الأطلسين؟ في مراكش فقط.

فرق أتت من الصين حتى السنيغال (ضيفة الشرف) مرورا باسبانيا وفرنسا وجنوب افريقيا وعشرات الدول الأخرى. لقد بهرت فرقة الصغار الصينيين الموهوبين مشاهديها الذين ازدحموا في المسرح الملكي بأدائهم وهم لم يجاوزوا بعد السابعة من اعمارهم. أي ذاكرة يمتلكها هؤلاء الصغار لحفظ تلك الألحان والايقاعات؟. جديد مهرجان هذا العام هو سعة رقعته واجندته، فبعد ان كان قصر البديع، الذي بناه السلطان احمد المنصور في القرن الرابع عشر، واستغرق من السلطان مولاي اسماعيل، الذي جاء على أنقاض المنصوريين، عشر سنوات حتى يجرد البديع من زينته وزخارفه وكل محتوياته، تحول المهرجان الى ساحة المنارة التي احتضنت الحفل الرئيسي لافتتاحه. ثم قصر الباهية، الذي بناه الوزير الأعظم سي احمد بن موسى عام 1894، وهو محاذ لسوق الملاح الذي كان المركز التجاري الرئيسي ليهود المغرب والذي لا تزال فيه اكبر محلات الصاغة في المدينة.

وكان حماس مدير المهرجان محمد كنيدري واضحا في حديثنا معه في نهاية حفل الفنانة المغربية نزهت الشقرون في قصر الباهية حين قال ان تنوع اجندة المهرجان يعكس التنوع الثقافي والفني للمغرب بشكل عام ولمراكش خاصة، هذا التنوع هو مصدر ثراء المغرب الحضاري.

واوضح المسؤول الاعلامي للمهرجان فؤاد صويبة، ان اختيار الفرق او الفنانين من داخل المغرب وخارجه يخضع لمعيار وحيد هو المستوى الفني وما لديهم من جديد، اذ تجول لجنة متخصصة البلاد لتشاهد الايقاعات والألحان لتختار ما هو مبهر، ولا معيار غير ذلك. كما ذكر ان اكثر من 250 صحافيا من المغرب والعالم يغطون فعاليات المهرجان التي ستستمر حتى اواخر الشهر الجاري. ولأن المهرجان مبهر حقا فقد طغت عروضه في ساحة جامع الفنا على كل ما تحويه هذه الساحة من غريب وطريف، فكان الجمهور ينجذب الى الايقاعات الخالدة سامحا لنفسه الابتعاد لبعض الوقت عن الساحة، فالمهرجان أيامه معدودة لكن ساحة الفنا باقية مع بقاء مراكش.