عبدون.. الدوار الذي تحول «مزارا» أسبوعيا للشباب الأردني

البعض يزوره للـ«كزدره» وآخرون لرؤية الحسناوات.. والبعض يتهمه بـ«محور الشر»

TT

ليس هناك حد لما يمثله دوار عبدون القائم في أغنى وأرقى منطقة في العاصمة الأردنية، من أهمية للشباب، حيث تعتبر زيارته نوع من التنفيس عن أسلوب الحياة الروتيني وأيضا كنوع من التمرد والبحث عن الحرية الاجتماعية التي يفتقدها البعض في المناطق الأكثر تحفظا. يعتبر البعض منطقة عبدون كرمز للمجتمع المخملي الراقي الذي لديه الإمكانات المادية الكبيرة للعيش في منازل مغطاة بالأشجار العالية والكثيفة والتي تعمل كحاجز اجتماعي وتجعل من يسكن بداخل أسوارها بعيدا عن هموم عامة الشعب، بينما يعتبره البعض الآخر مثال للفساد الاجتماعي مطلقين عليه لقب «محور الشر»، بالإضافة إلى المكان المثالي لما يسمى «بالكزدرة» (التمشي في الشوارع تضييعا للوقت) أو مجرد تناول وجبة سريعة أو الاستمتاع بلعبة «بلياردو» المفضلة لدى الشباب الأردني. تعد منطقة عبدون الشريان الرئيسي للعاصمة الأردنية فيما يخص الحياة الاجتماعية، فهناك اماكن التسوق الراقية واماكن السهر، حيث تزدحم بالرواد بعد الساعة 11 ليلا من كل يوم اثنين وخميس، بحسب العادة، ما ساهم الى ازدياد شعبية هذه المنطقة.

تقول روان حوراني الطالبة الجامعية «ان خروج يومين في الاسبوع (الاثنين والخميس) «ايام الراحة» تعد عند مجتمع الشباب «من الايام المقدسة ففيهما يتقابل الاصدقاء في احد المطاعم او مشاهدة فيلم». وتضيف ليس هناك شيء آخر لنعمله غير الخروج او البقاء في احد الاندية. روان كغيرها من أبناء جيلها تمارس رياضة المشي أو الـ«جوغينغ» في الشارع الرئيسي والذي يؤدي إلى دوار عبدون. وتقول «إنها أفضل منطقة للمشي في فترة الصباح ولكن في المساء تصبح مكتظة ويتحول المكان إلى ساحة لاستعراض للسيارات والموضة». وكانت منطقة عبدون تعتبر في الستينات منطقة بعيدة عن مركز المدينة، لكن مع حركة التوسع والنمو أصبحت رمزا للرخاء الاجتماعي واعتبرها الكثيرين قصة نجاح أردنية، توازي الـ«داون تاون» (وسط البلد) في العاصمة اللبنانية بيروت. وستشهد منطقة عبدون في القريب العاجل بناء اول جسر معلق والذي سيصل منطقة الدوار الرابع بدوار عبدون للحد من الازمة الخانقة التي تشهدها المنطقة وخصوصا في فترة الصيف.

ويقول أمجد عبود والذي يملك شركة سياحة وسفر ويسكن في منطقة عبدون «إن التطور في المنطقة جعلها من أكثر المناطق ازدحاما وأكثرها تنويعا وبخاصة في فترة الصيف».

ويضيف «أحيانا نجبر أن ننتظر ساعات للمرور من خلال منطقة الدوار للوصول إلى البيت أو لشراء الشاورما». ولا شك ان الحياة الاجتماعية في عمان تبدأ من منطقة دوار عبدون والذي كان يطلق عليه سابقا دوار النادي الارثوذوكسي المشهور والآن اصبح معلما حضاريا يضم المطاعم واماكن السهر كمطعم «حرير» والحانة الايرلندية ودور السينما «غاليريا» بالاضافة الى غيرها.

لكن في المقابل فإن عبدون اصبحت هدفا سهل الانتقاد للمحافظين والمتشددين، وبعض العائلات تمنع ابناءها الذهاب إلى هناك «خوفا من التأثر بما يشاهدونه»، ويقول الشاب العشريني خالد مسعد «ان معظم ألوان وأشكال الموضة الغربية التي نشاهدها في دوار عبدون لا تمت بصلة الى عالمنا العربي المحافظ ومع ذلك ترى الموضة الغربية تنتشر بشكل كبير في الاسواق وتؤثر على شبابنا». ولكن هنالك من يخالف هذا الرأي، حيث تقول الشابة لينا الحمصي البالغة من العمر 22 عاما ان «الموضة هي موضة في اي مكان او زمان، كمثل التذوق هناك من يحب الطعام الآسيوي وهناك من يكرهه ولكنه موجود في كل مكان وليس فرضا على احد». من جهة ثانية، فإن تحول عمّان لمدينة من «المولات» او اماكن التسوق الكبيرة ساهم في «خطف» الشباب من عبدون اليها، ولكن ذلك لم يؤثر كثيرا خصوصا مع بناء مثل هذه المراكز فيها فيما لا زال بعض الرواد «يكزدرون» في «مكة مول» وبعدها يذهبون الى دوار عبدون. وقبل بناء «مكة مول» كان الشباب يكتظون على أبواب «عبدون مول».

وقد شهدت عبدون مؤخرا افتتاح أول مقهى «ستار باكس» وبجانبه يرقد شامخا «بلو فيغ كافيه» وهو مركز تجمع الشباب والصبايا من عمر 14 ـ 30 سنة، و«بلو فيغ» يفتح نهارا كمقهى ومطعم وليلا كمكان سهرة. واللافت حين تدخل دوار عبدون هو انك لا بد ان ترى طابور السيارات الرياضية واقفة على يمين الشارع وبجانبها اصحابها. رائحة الشاورما تعلق بالأنف وتغريك بالاصطفاف جانبا وطلب صحن شاورما عربي. واذا كان اهتمامك موسيقيا ايضا فهنالك من يبيع نسخا من آخر الالبومات الموسيقية بمبلغ دينارين فقط.

أما إذا شعرت بيد تمسك قميصك فلا تفزع إنها يد بائع العلكة الصغير يحاول الدخول معك بمفاوضات لانهائية لبيعك علكة ومعظم الأوقات تكون أنت الخاسر، أو قد تكون يد متسول صغير طالبا ما تجود به نفسك ومعظم الأوقات تكون أنت الخاسر أيضا فكيف تستطيع أن تقاوم الإلحاح من قبل طفل جائع. ولأنها منطقة يقصدها الأغنياء فلا بد من أن يقصدها المتسولون ايضا.