عبد السلام المجالي رئيس وزراء الاردن السابق من «بيوت الشعر» إلى القصور الملكية «الحلقة الأخيرة» ـ لم يحمل لنا اتفاق وادي عربة الانفتاح الاقتصادي المتوقع

أقدمت على الاستقالة لإفساح المجال أمام حكومة جديدة تمتص أثقال الناس وقلب صفحة التململ * قال لي الملك حسين: لقد جربت جميع أصناف الرجال فلم أجد أكثر منك صبرا على المتاعب

TT

* خسرت سبعة كيلوغرامات من وزني بعد الاستقالة واسترجعتها في إجازة ممتعة في جزر الكناري

* سارت المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي في وادي عربة، سيرا حسنا ومطمئنا. وفي 18 تشرين الاول / اكتوبر 1994 عقد مجلس الوزراء جلسة برئاستي بحثنا فيها تفاصيل معاهدة السلام مع اسرائيل، وقرر المجلس الموافقة عليها، وفوضني التوقيع عليها استنادا الى انها تتفق اتفاقا تاما مع المسلمات والثوابت الاردنية.

وفي 26 تشرين الاول / اكتوبر، رعى جلالة الملك حسين، في حضور الرؤساء: الاميركي (بيل كلينتون) والاسرائيلي (عازر وايزمن) ووزير الخارجية الاميركي (وارن كريستوفر)، ووزير خارجية روسيا (لم يعد اسمها الاتحاد السوفياتي) اندريه كوزيريف، وسمو الامير الحسن بن طلال ولي العهد، واعضاء الوفود المدعوة من عدد كبير من الدول الشقيقة والصديقة، اضافة الى اسحق رابين رئيس الحكومة الاسرائيلية وانا بصفتي رئيسا لوزراء الاردن. وحضر جلالته الاحتفال بتوقيع المعاهدة الذي جرى في معبر وادي عربة الحدودي، حيث تم توقيع المعاهدة رسميا فوقعها رابين عن الجانب الاسرائيلي ووقعتها انا عن الجانب الاردني.

والقى الملك الحسين كلمة، ثم تبعه الرئيس كلينتون، فاسحق رابين، فالسيد شمعون بيريس، فالسيد وارن كريستوفر فالسيد كوزيريف.

وتقديرا من جلالة الملك حسين لجهودي في المفاوضات، انعم جلالته عليّ بوسام النهضة المرصع، وانعم على فايز الطراونة رفيقي في الوفد الذي اصبح رئيسا له بعد تكليفي برئاسة الحكومة وعلى اعضاء الوفد بأوسمة ملكية وهدايا.

وفي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1994 قام جلالة الملك حسين وسمو الامير حسن ولي العهد، وانا والشريف زيد بن شاكر رئيس الديوان الملكي يزيارة الى طبريا، حيث التقى جلالته بالسيد اسحق رابين رئيس حكومة اسرائيل وجرى تبادل وثائق المعاهدة بعد تصديقها في الدولتين.

* حكومتي الثانية

* مع نهاية 1994، وبعد توقيع معاهدة وادي عربة، اخذت اشعر ان الوضع المحلي عندنا قد ثقل حمله وازدادت الضغوط اليومية والمعيشية عليه.

فالاصلاح الاقتصادي الذي تحدثت عنه قبل قليل لم يكن في وضع مريح للاسباب نفسها التي نعاني منها منذ نهاية حرب الخليج الثانية، وانعكاس هذه الحرب علينا بمزيد من النفور والعزلة الدولية والعربية.

وكان قانون ضريبة المبيعات الذي اصدرته حكومتي ايضا، قد اثقل على بعض المواطنين بحيث ارتفعت شكواهم خصوصا بسبب معاناة البلد نفسه على الصعيد الاقتصادي الذي كان قانون ضريبة المبيعات نفسه احدى وسائل المعالجة منه.

وأخيرا، شكل اتفاق وادي عربة والمعاهدة الاردنية ـ الاسرائيلية، عبئا فوق الاعباء، لا سيما ان هذه المعاهدة لم تحمل معها الانفتاح الاقتصادي والتجاري الذي كان البعض في الدولتين، يتطلعون اليه.

ورأيت ان الناس بحاجة الى تغيير، او الى نقلة جديدة مفاجئة تعيد حركة المجتمع الى طبيعتها السابقة لهذا الجمود الكئيب. وكان التغيير الوحيد الذي خالج مشاعري، هو الاستقالة والمجيء بحكومة جديدة تمتص اثقال الناس أو تساهم على الاقل في قلب صفحة التململ الحاصل.

وعرضت الامر على جلالة الملك، اكثر من مرة، وفي اكثر من مناسبة، ولكنه لم يتفق معي على هذا الحل بالذات، لكن مشاعري كانت هي الاخرى تضغط عليّ فجلست في يوم من ايام نوفمبر 1994 وكتبت استقالة عاطفية على صيغة قصيدة نثرية، على غرار ما يسميه شبابنا اليوم: الشعر الحر. قلت له فيها ما يلي:

سيدي ومولاي الحبيب جلالة الحسين العظيم، عنقي طوقته.

ساعدي شددته.

طريقي عبدته.

اسمي بنيته.

مجدا بنيت.

بناء أعليت.

أفقا جليت.

وطنا عظمت.

حبا عممت.

قوما دعوت.

نصرا حققت.

رافقتك الدرب الطويل.

واهتديت بحكمتك ودرايتك وحلمك.

فوفقت بذلك، وأنا الشاكر لصاحب الفضل.

فلك مني الحب الذي لا ينفصم.

والتعظيم الذي لا ينقطع.

يعجز لساني يا سيدي في معزتك ان يبوح بكل ما في صدري من اعتزاز واحترام راجيا ان اعذر فيما لم استطع اليه بيانا.

اليوم اجد نفسي وانا في السنوات الاخيرة من عمري وبكل الدين الذي لك في عنقي، اجدني مستميحا ان تكون هذه السنوات هادئة هانئة في ذكرى اربعة عقود ونيف من الزمان تحت ظلك ودفء عطفك حيث ستكون صلاتي ودعائي لك فيها متصلة ومتصاعدة علني أسدد بعض ذلك الدين.

سيدي صدعت لأمرك وما توانيت فهل لي ان استريح، ليس انهزاما من المسؤولية وانت خير العالمين بذلك، ولكن يعز عليّ ان لا استطيع في هذا الوقت تحقيق ما تتطلع انت اليه مني وما نذرت نفسي له لك.

والامر من قبل ومن بعد، لك بعد الله، وانني الجندي الامين الوفي لقائده، يؤمر فيطيع، ولن يحيد عن ذلك ابدا.

مع كل الحب والولاء والاجلال.

من الجندي عبد السلام وبعد ايام، التقيت جلالته في مدينة الحسين الرياضية، وكنت برفقته للمشاركة في مناسبة رياضية. ودخل الى أحد المكاتب فتبعته وقدمت لجلالته القصيدة ـ الاستقالة، فقرأها ثم أعاد قراءتها وأنا انظر اليه وانتظر، فرأيت التأثر باديا على وجهه. واخيرا نظر اليّ وقال بنبرة خاصة:

ـ لا، ليس هذا وقتها يا عبد السلام.

فشرحت له اسبابي ومبرراتي ووجهة نظري، لكنه كرر عبارته:

ـ ليس وقتها الآن.

وفي مطلع العام الجديد، بعد اسابيع من هذه الجلسة، شرفني جلالته في 6/1/1995 بزيارة الى بيتي، وتحدث في امور كثيرة، ثم قال لي:

ـ انا جربت جميع اصناف الرجال، كبيرهم وصغيرهم، ولم أجد أكثر منك صبرا على المتاعب. وها انت الآن في قمة عطائك وهالتك، ولست أريد لهذه الصورة ان تخدش بأي شكل من الاشكال، على انني اتفق معك على تفسيرك للتراكمات الحاصلة في المجتمع الاردني، وارى مثلك ان المسألة تستحق التغيير. ولذلك، اراني اوافقك على الاستقالة ولكني لن اوافق على غيابك عن الحكومة الى وقت طويل.

فنهضت واقتربت منه وقبلته شاكرا تفهمه شكرا جزيلا. وقبل ان يغادر منزلي سألت جلالته عن الشخص الذي يرى انه سيقوم بهذا التغيير على رأس حكومة جديدة فقال: انه ابو شاكر (اي الشريف زيد بن شاكر).

واضاف مازحاً:

ـ وهكذا نكون قد اوقعنا عليه حملا باهظا فعسى ان يكون قادرا على حمله بأعبائه وتراكماته.

فقلت لجلالته ان الشريف زيد «قدها وقدود».

ثم انتقلنا الى حديث آخر، وسألني جلالته عما انوي ان افعله بعد الاستقالة فأخبرته بنيتي الذهاب الى بريطانيا كي ادخل مصحة لتخفيف الوزن، فقال: ـ هل تسمع نصيحتي؟

فقلت:

ـ سمعاً وطاعة.

فقال:

ـ هل زرت جزر الكناري الاسبانية؟

فقلت:

ـ نعم يا سيدي. لقد زرت بالماس ذات مرة.

فقال:

ـ وانا انصحك بالذهاب الى جزيرة لانزاروتي مادمت تريد ان تتبع ريجيما معينا.

.. وبالفعل، ذهبت الى انكلترا، لعدة ايام، حيث خسرت سبعة كيلوغرامات من وزني، ومن هناك ذهبت الى لانزاروتي وكانت جزيرة مدهشة. فهي بقية جزيرة بركانية لا يزال احد البراكين فيها يحمل بعض السخونة المقبولة، بل المحرقة في بعض الاماكن. وكان السياح يرمون في الحفر الباقية من البركان اعشابا او اوراقا خضراء، فلما تبلغ الحفرة تشتعل فيها النار وتحترق تماما. واما الامر المدهش في هذه الجزيرة، فهو المطعم الذي يقوم على فوهة البركان نفسها. وكان رواده يشوون اللحم على الهواء والبخار المنبعث كالنار.

واما خارج المطعم وفي منحدرات الجبل، فقد شاهدنا بقايا لجج البركان المنحدرة من قمته نحو البحر، فمنها ما وصل الى الماء ومنها ما عجز عن الوصول، فأقيمت فيها المسارح والمقاهي التي يفيد منها الزوار تمتعا بهذه الظاهرة الغريبة.

واما هذه الاجازة الممتعة، استرجعت الكيلوغرامات السبعة التي خسرتها بشق النفس في بريطانيا، بل ان زوجتي قالت لي انني كسبت اكثر من كيلوغرامين فوق وزني السابق.

في مطلع شهر آذار من العام 1997، وكنت على عادتي كل نهاية اسبوع، في بلدتي الياروت في محافظة الكرك، جاءني هاتف من سكرتير جلالة الحسين، وطرح عليّ السؤال التالي:

ـ هل انت مقيم في الاردن هذه الايام.. ام مسافر؟

فسألته بدوري:

ـ لماذا تسألني هذا السؤال بالذات؟

فقال: لا شيء.. لا شيء.

غير انني شعرت ان جلالته يهيئ لي شيئا ما.

وبعد هذا الاتصال بأيام، دعينا لحضور حفل خطوبة في بيت سمو الامير علي بن نايف ابن عم جلالة الملك، وكان جلالته هناك، واثناء الحديث قال لي:

ـ الم تنته اجازتك بعد؟

فقلت؟

ـ بلى.. يا سيدي. انتهت.

ولم يزد جلالته على هذا السؤال شيئا، ففهمت للحال ان وراء السؤال مقصدا. وبعد هذا الحوار بأيام قليلة طلبت الى الديوان لمقابلة جلالته، فكلفني برئاسة الحكومة مرة اخرى، بتاريخ 19 آذار/ مارس 1997.

ومثل الحكومة الاولى، كان أحد اهداف هذا التشكيل:

ـ الاشراف على الانتخابات التشريعية.

ـ معالجة الاوضاع المترتبة على اتفاقية السلام.

ـ مواصلة الاصلاحات الاقتصادية والاصلاح الاداري.

وفي ما يتعلق بالاصلاح الاداري، فقد كان اكثر المهمات الحاحا وضرورة. فقد اصبح شائعا عندنا في الاردن مرض اداري اسمه: الواسطة. وكانت الواسطة تفعل فعل السحر بين الناس والادارات. وبينهم وبين ممثليهم في المجلس النيابي، وحتى في مجلس الوزراء نفسه. وكان يمكن لمواطن عنده واسطة، ان يفعل ما لا يفعله الآخرون. وان ينجز معاملة في يوم يحتاج الآخرون الى شهر او اكثر لانجازها.

وكان من شأن هذا المرض، ان اساء بشكل واضح لكل شرائح المجتمع الاردني. فالمواطن الذي ليس له وسيط يشعر بالغبن والظلم. والنائب الذي يجري التوسط لديه، يشعر بالغبطة من جهة لأنه افاد ناخبه، وبالضرر من جهة اخرى لانه اقحم نفسه في حلقة الخدمات المتبادلة والصعبة احيانا بينه وبين الادارات او الوزارات. وكذلك الوزير والمدير والموظف. اما المواطنون فكانت معاملاتهم تضطرهم الى حرق الكثير من الوقت والجهد والمال والقلق.

ولمواجهة هذه الظاهرة الخبيثة، قررت ان اشن عليها حربا لا هوادة فيها. وكان سلاحي الماضي هو ايماني المطلق بضرورة اطلاق مبدأ اللامركزية في الادارة الاردنية، فنقلت الكثير من صلاحيات الوزير في الحكومة الى الادارة الميدانية ولكن تحت اشرافه، واصبحت المحافظات والادارات المنتشرة في جميع انحاء المملكة مخولة بتنفيذ مطالب ومراجعات الناس حيث هم. املا بأن تصبح الوزارات خالية تقريبا من المراجعات والمراجعين.

ـ واصبح اتخاذ القرار اليومي كله في الميدان وليس في العاصمة عمان.

ـ وفرنا على المواطن السفر من قريته او مدينته الى العاصمة، ولم يعد يتكبد المصاريف والوقت والجهد في اروقة الوزارات ومديريات العاصمة.

ـ وافادنا هذا الاجراء في اننا جعلنا الاداء الاداري افضل واسرع واكثر جاذبية للناس.

عاشت حكومتي الثانية في خضم معالجة هذه المهمات الاربع التي وردت في الارادة الملكية، حتى شهر آب/ اغسطس من العام 1998.

في آب 1998، استأذنت جلالة الملك لقضاء اجازة مع عائلتي في اوروبا. فذهبنا الى دوقية اللوكسمبورغ ودولة سلوفانيا. وقبل انتهاء الاجازة بيومين، علمت ان جلالة الملك ألمت به وعكة صحية انتقل على اثرها الى الولايات المتحدة الاميركية للمعالجة. وفي هذا الوقت بالذات، انطلقت في عمان حملة صحافية تعلن ان مياه الشرب في العاصمة ملوثة وتفوح منها روائح غير مقبولة. وذهب بعض الصحافيين مذاهب شتى.

وعدت الى عمان، وباشرت التحقيق في الامر على اعلى المستويات الفنية والتقنية. وذهبت الى محطة الضخ في منطقة «زي» واشرفت بنفسي على ما فعله الخبراء والمختصون، فأنا في كل حال، طبيب، وبعد الفحوص والبحث والتدقيق قال الخبراء ان الحرارة الشديدة، في منطقة الغور، اثرت في بعض الطحالب التي تعيش في الماء فتفسخت وجعلت للمياه رائحة ومذاقا مختلفين. وقالوا ان السبب في ذلك هو نقص في كمية الكلور الضرورية للحفاظ على نقاء الماء، فأصلحنا الامر، لكن القساطل التي كانت لا تزال تختزن بعض الماء.. استغرق نقاء مائها وقتا اطول، وهذا ما جعل بعض الصحافيين يتهمون اسرائيل بأنها وراء تلويث مياهنا نتيجة لعملية السلام. وعندئذ، اخذ الامر شكلا مختلفا فبينما كان موضوعنا ازمة مياه غير نقية، اصبح مشكلة سياسية. فشكلنا هيئة تحقيق، خرجت بنتيجة مؤكدة وهي ان مياهنا لم تتعرض الى عمل خارجي او تخريبي.

وفي خضم هذه الضجة، ابلغني سمو الامير حسن نائب الملك آنذاك، ان جلالته يرغب ان يقدم وزير المياه استقالته، كما يحدث في الدول الديمقراطية. وكان هذا رأيا وجيها من جلالته، فاستدعيت الوزير الدكتور عبد الله النسور بصفته نائبا لرئيس الوزراء، وطلبت اليه ان يلتقي وزير المياه الدكتور منذر حدادين وينقل اليه رغبة جلالة الملك.

وجاء النسور وحدادين لزيارتي في بيتي، وكان حدادين يشعر بأن ما نطلبه منه فيه شيء من الاجحاف بحقه. فطلبنا منه ان يأخذ اجازة مفتوحة ريثما يكون جلالة الملك قد عاد، ويجري بت الامر بصورته النهائية. وان يقدم استقالته ويترك الامر لجلالته عند عودته.

واخيرا قدم حدادين استقالته بكتاب غاية في التهذيب، وطلب الاجازة واخذها. ورفعت استقالته الى نائب الملك سمو ولي العهد الامير الحسن، بانتظار عودة جلالته من الولايات المتحدة.

وفي اليوم التالي، كنا على غداء في ضيافة سمو الامير الحسن في القصر، وكان على المائدة دولة زيد الرفاعي، وانا وآخرون. فوجه سمو الامير الى زيد الرفاعي السؤال التالي:

ـ هل يجوز ـ دستوريا ـ لجلالة الملك ان يقبل استقالة الوزير او الحكومة وهو خارج البلاد.

فأجاب الرئيس الرفاعي: نعم يجوز.

واما انا فكنت اعتقد ان العرف يقتضي ان يكون جلالة الملك على ارض الوطن وهو الذي يقبل استقالة الوزراء.

ولكي لا ندخل في اشكال دستوري كتبنا ارادة ملكية تنص على جواز قبول استقالة الحكومة او الوزير واقالة الحكومة او الوزير من نائب الملك ولي العهد الامير الحسن، اي ان هذه الارادة اوكلت صلاحيات الملك في هذا الامر الى نائبه اثناء غيابه. وبعثنا بهذه الارادة الى جلالة الملك في الولايات المتحدة فوقعها، فأصبحت شرعية وبالتالي، اصبحت استقالة الوزير منذر حدادين سارية المفعول.

وبعد ايام التقيت سمو الامير الحسن، نائب الملك (آنذاك) فحدثني في موضوع اجراء تعديل في حكومتي، فأجبته مازحا:

ـ الآن، لم يعد التعديل فقط من صلاحيات سموك، بل تستطيع ايضا ان تقبل استقالة الحكومة كلها اذا شئت.

وقال: ـ ما رأيك بتغيير بعض الاسماء.

فوافقت مبدئيا، واتفقنا معا على اسماء الوزراء الذين سيتم تغييرهم، واسماء الذين سيخلفونهم. وفي جلسة لاحقة سألني عن موعد هذه التغييرات، فأبلغته ان الضجة الصحافية القائمة ما زالت حامية، رغم استقالة الوزير، فاذا جرى التعديل الآن، فقد يلحق تهما شتى بالوزراء الخارجين. وطلبت منه ان نتريث اسبوعا، لكنه رأى ان التعديل ضروري ولا لزوم لتأجيله. فعرضت على سموه التغيير الكامل، فرفض. وفي اليوم التالي كنا في مناسبة عزاء بهاء الدين طوقان (والد الملكة الراحلة علياء) وفي منزل طوقان تبلغت ان سمو الامير الحسن يريد ان يزورني في بيتي. وشرفني وجلسنا معاً واستعرضنا احداث البلد، وشؤوناً اخرى.

فقال سموه انه اجرى اتصالا هاتفيا بالامس مع جلالة الملك وعرض عليه ما دار بيننا حول التغيير والتعديل والاستقالة، فقال له جلالته:

ـ اذا اراد عبد السلام ان يرتاح، فليفعل.

ونهضت على الفور، وقبلت سموه شاكرا، ممتناً، وسألته عمن سيكون الرئيس المقبل، فقال:

ـ فايز الطراونة. فتمنيت لسموه الخير، ولفايز الطراونة حظاً سعيداً.

وقال سموه:

ـ كيف ذلك؟.. تبارك للرئيس المقبل، ولا تغضب لذهابك.

فقلت: ـ بالعكس يا سيدي، بل انا شاكر جداً، خصوصاً ان زميلي فايز هو الذي سيخلفني في هذا المنصب.