وأخيراً.. سطع النجم الخليجي في سماء الفضائيات العربية

من البرامج الحوارية والأخبار إلى الفن والمنوعات

TT

انتشرت ظاهرة المذيعين الخليجيين في القنوات العربية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وذلك بعد غياب نسبي عن الفضائيات العربية التي انطلقت في تسعينات القرن الماضي مقارنة بالجنسيات العربية الأخرى، ولعل بعض الأسماء السعودية والكويتية والعمانية.. سجلت حضوراً قوياً واكتسبت جمهوراً عريضاً، لكن باستطاعة المراقب أن يلاحظ بكل وضوح أن «المذيع الخليجي» دخل مرحلة النجومية وخرج من النطاق المحلي، ليصبح مطلوبا على المستوى العربي، تماماً مثل الأغنية الخليجية، وإن كانت بعض الأسماء قد سبقت نجوم المرحلة الحالية، مثل مذيع شبكة «أوربت» السعودي سلمان الدوسري، الذي لمع قبل سنوات.

إلا أن الحال لم يكن على الإطلاق كما هو عليه اليوم، حيث ازداد الطلب على الخليجيين والخليجيات بشكل غير مسبوق في مختلف القنوات الفضائية بشكل عام، فمثلاً استعانت قناة الـ«ال بي سي» اللبنانية بالنجم السعودي محمد الخلاوي لتقديم أحد برامجها الفنية مؤخراً، فيما برزت أسماء كثيرة في هذا الصدد، من بينها يوسف الهوتي; مذيع الأخبار العماني في قناة «العربية»، تعتبر نموذجاً للمذيع الخليجي الذي استطاع أن يجتاز حاجز الفضائيات العربية بقوة ونجاح، ومن ضمن الأسماء الكاتب السعودي داوود الشريان، مقدم برنامج «المقال» على قناة «دبي».

ويرى الهوتي أنّ التنوع قد يجعل الصورة في المحصلة الأخيرة وافرة الألوان.. ويتفق في ذلك مع الدكتور ياس البياتي; وكيل عميد كلية المعلومات والإعلام والعلاقات العامة في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في دولة الإمارات، الذي يرى أن ظاهرة المذيعين الخليجيين ايجابية في الحياة العربية، لأن المشاهد العربي يحتاج إلى التنوع في الشكل والمظهر والحضور لأسباب سايكولوجية ترتبط بالطبيعة البشرية ورغباتها وحاجاتها، إلا أن هذا التنوع والتفاعل يرتبط، من جهة أخرى، بقدرات المذيع الخليجي وحضوره الإعلامي وثقافته. والدليل إن المشاهد الخليجي بشكل خاص، والعربي بشكل عام، يتفاعل بقوة مع المذيع الخليجي الأكثر حضوراً وديناميكية، والأكثر ابداعاً في عملية توصيل الرسالة الاعلامية الى الجمهور.. إذ أن الأبداع الإعلامي لا يرتبط بجنسية أو مكان أو زمان، بقدر ارتباطه بالبيئة الإعلامية الصحيّة، وبالحريّة الإعلامية المتاحة، إضافة الى رقي وحضارة المؤسسات الإعلامية ومضمون رسالتها الإعلامية.

من جهة ثانية سجلت الخليجيات حضوراً لافتا على الساحة التلفزيونية الفضائية العربية، وإن كن قد دخلن باب البرامج النسائية منذ فترة، مثل برنامج «كلام نواعم»، إلا أن الجديد هو دخولهن عالم المنوعات والفن، إلى جانب زميلاتهن اللبنانيات والمصريات، ومن الأمثلة على ذلك المذيعات الخليجيات في قنوات «روتانا» الموسيقية، الكويتية حليمة بولند، والقطرية داليا هدية، التي تحظى بحجم كبير من اتصالات المشاهدين عندما تكون على الهواء في برنامج «شبيك لبيك».

وتقول داليا: «على الرغم من انتقادات الكثيرين، إلا أنني افتخر بكوني أمثل قطر والخليج في برامج الفن». وعن المنافسة التي تلاقيها في لبنان، تقول: «الاعجاب بي لم ينحصر في الخليج بل من لبنان أيضاً، وهو ما ينطبق علي وعلى زميلاتي الخليجيات المقيمات في لبنان حالياً.. أما بالنسبة لزميلاتي اللبنانيات فقد دهشن وأعجبن بقدراتنا على التعامل مع الكاميرا والجمهور، وأصبحت بيننا علاقة ود وصداقة».

هذا فيما يعود الدكتور البياتي ليقول إنه في السابق كانت هنالك ثقافة صورية واحدة في الوطن العربي تأخذ في الاعتبار نمطا واحدا من المشاهدة والاستماع، بسبب عوامل كثيرة، أبرزها شيوع الفن المصري بأنواعه، واختراقه الحياة العربية.. وبالتالي تأثيره في تقاليد المشاهدة. كما أن تقليدية الإعلام العربي، وضعف تجارب بعض الإعلاميين العرب مهنياً، لأسباب عدة منها; البيئة الإعلامية غير الصحيّة التي كانوا يعملون تحت وطأتها، إضافة إلى السياسة الإعلامية المركزية المتشددة في أغلب الدول العربية، والنمط التقليدي للرسالة الاعلامية العربية، كلها عوامل عززت هذه الثقافة ذات التوجه الواحد. إلا أن الحاضر يقول إنه لا يوجد مذيع خليجي أو مصري أو لبناني بالمعنى الرمزي للكلمة، بل أن هنالك المذيع الناجح القادر على إقناع المتلقي بقدراته المهنية والثقافية وقوة شخصيته. كما لم يعد في القرية الإعلامية وعصر الفضائيات مكان للتقسيم الجغرافي أو المكاني، أنما هنالك من يتحدث باعجاب عن قدرات شخصية لإعلاميين متميزين في مجال الإعداد والإخراج، ونجوم في مجال التقديم وفن الإلقاء الإذاعي والتلفزيوني.. بعضهم من منطقة الخليج.

من جهة أخرى، لم يعد المواطن العربي في عصر الفضائيات، مشاهداً كسولاً ومتحيزاً ونمطياً في علاقته مع نجوم الإعلام، بقدر ما هو ناقد ومحلل وموضوعي في اختيار الأفضل، بغض النظر عن الملبس والجنسية.

وفي النهاية يجب ألا ننسى أن معظم الفضائيات العربية تتوجه إلى السوق الخليجية، والسعودية خصوصاً، كونها سوق الإعلانات الأهم، لذلك فإن كان الطلب حالياً هو على المزيد من الوجوه الخليجية في الإعلام، فتسعى هذه القنوات حتماً لتلبية ذلك كونه يخدم مصالحها ويرضي مشاهديها.