مستقبل الصحف يعتمد على استقطابها للشباب.. ابتداء من عمر 13 سنة

في ندوة خاصة عقدت في لندن

TT

«إذا لم تبدأ باستقطاب القراء وهم في عمر 13 عاماً فإن الدراسات ترجح أنك لن تنجح في استقطابهم بعد ذلك أبداً»... بهذه الجملة افتتحت الندوة الخاصة في العاصمة البريطانية لندن تحت عنوان «كيف تستقطب القراء الشباب وتحتفظ بهم؟»، وذلك باشراف هيئة الصحف العالمية (وان)، ومجموعة «كريتيف ميديا كونسبتس انترناشونال»، ومركز الـ «نيوزروم» التعليمي التابع لصحيفة الـ«غارديان». المتحدثون في الندوة وضعوا 5 أسباب رئيسية لابتعاد الشباب عن عادة قراءة الصحف، وهي أولا: ازدهار وسائل الاعلام والترفيه البديلة مثل التلفزيون والانترنت* ثانيا: عدم الرغبة في الدفع، حيث يفضل الكثير من الشباب استخدام الانترنت للحصول مجاناً على الأخبار أو المعلومات التي تهمهم، ومن الأمثلة أيضا ظاهرة الصحف والمطبوعات «المجانية» التي توزع وتقرأ في الأماكن العامة والتي تعتمد حصريا على المردود الإعلاني وليس البيع كونها توزع في نقاط كثيفة الحركة مثل القطارات أو الجامعات. ثالثاً: المكان، فالكثير من الصحف لا تزال تعتمد على نقاط البيع التقليدية مثل المكتبات ومحلات السوبر ماركت أو باعة الطرق، فيما لا توجد مثلا في الأماكن التي يرتادها الشباب، مثل المراكز التجارية (المول) أو النوادي أو المقاهي. ولا يدرك الكثيرون أن عادات الجيل الجديد تختلف كليا عن سلفه، فمثلا لا يبدأ معظم الشباب يومه بقراءة الجريدة، بل قد يؤجل ذلك إلى «ساعة الغداء» أو إلى بداية المساء بعد انتهاء العمل ليقرأ صحيفته «على رواق».

رابعاً: مدى التعرض للصحف في الصغر، ولأن العادات قد تغيرت كذلك والوقت الذي نمنحه للعائلة بات أقل بفعل ضغوط العمل، فإنه من النادر أن تجتمع الأسرة على الوجبات الثلاث، وبالتالي من النادر أن يشاهد الطفل والده يقرأ الجريدة كما كان يحدث في السابق. العامل الآخر هو ظهور وسائل الإعلام الأخرى التي يتعرض لها الطفل اكثر ويتعود عليها أسرع بحكم تكرار الاستخدام، مثل التلفزيون والانترنت. وقد تم في الندوة مناقشة كيفية «إقحام» الصحف في المناهج التعليمية للطلاب في المدارس بشكل فعال، وذلك ليس من خلال فرض قراءة الصحف كواجب، وانما من خلال استعمال خاصيات الصحف المختلفة في شتى أنواع العلوم، فمثلا يمكن استخدام الجداول الاقتصادية في مواد الرياضيات، ومن الممكن استخدام قصاصة من صحيفة لموضوع شيق يهم الطلاب في اعطائهم درسا في اللغة وتركيب الجمل. خامسا: المحتوى، في النهاية فإن الصحيفة هي منتج لا بد أن يلائم حاجات المستهلك وإلا فلن يستخدمه. وقد تمت مناقشة سبل مختلفة لمخاطبة القراء الأصغر سنا، منها مثلا صحف يومية مخصصة لمن هم أقل من 15 عاما تحوي مواضيع سياسية مبسطة عن تطورات الأحداث بالاضافة إلى مواد ترفيهية، كما هو حاصل في فرنسا والولايات المتحدة* أما النموذج الثاني فهو ملاحق الشباب او الأطفال التي تصدر أسبوعيا مع الصحف الكبرى، وهناك من تحدث عن أهمية التركيز على المواقع الالكترونية للصحف والتفاعل مع القراء، وذلك من خلال ارسال الأخبار التي تهمه فقط (سياسية، رياضية، فنية أو أي كانت) على أجهزة الجوال والمساعد الرقمي الشخصي وذلك بدل اشتراك خاص.

وبالعودة إلى نقطة البدء في تعويد الأطفال على التعامل مع الصحف، أوضح المحاضرون أن الشخص كلما كبر في السن كلما قلت لديه الرغبة في التعود أو تعلم الأمور الجديدة، لذلك فإذا لم «تقحم» الصحف في حياة الشخص من عمر مبكرة ليتعود على كيفية قراءتها وانتقاء المواضيع التي تعجبه، فسوف يواجه صعوبات كثيرة عندما يكبر في التأقلم مع هذه العادة، خصوصاً أن الساحة تحوي حاليا مصادر أكثر جاذبية وسرعة للأخبار، لذلك فعلى الصحف أن تستوعب ذلك وتركز على النقاط التي تستطيع التميز فيها وهي التحليلات والآراء والتحقيقات المشغولة والموسعة في المواضيع التي تهم القارئ.