«مدينة دبي الإعلام».. كيف تحولت إلى حلم الإعلاميين ؟

تتضمن نحو 1000 مؤسسة من ضمنها 40 قناة فضائية

TT

عند دخولك مدينة دبي للاعلام لا بد ان تنبهر بضخامتها وجمالها بظل البحيرة الاصطناعية التي تتوسطها. ولكن ما يبهر أكثر هو كيف تحولت قطعة الأرض هذه إلى «جنة» يحلم بها الإعلاميون العرب.

افتتحت مدينة دبي للاعلام، المتداخلة مع مدينة دبي للانترنت وتفصل بينها البحيرة، في اواسط عام 2001* اما مدينة دبي للانترنت فافتتحت في الثامن والعشرين من شهر اكتوبر (تشرين الاول) من عام 2000. ومن اولى المؤسسات التي وجدت فيها محطة «MBC» التي انتقلت اليها في ربيع عام 2002، وتضم هذه المدينة حوالي 928 مؤسسة اعلامية من ضمنها اكثر من 40 قناة فضائية.

ولكن ما هي مساحة هذه المدينة التي تتداخل فيها مدينة دبي للانترنت؟ وكم مؤسسة اعلامية تضمّ؟ وهل من شروط لوجودها ضمن المدينة؟ كل هذه الاسئلة طرحتها «الشرق الأوسط» على الرئيس التنفيذي لمدينة دبي للاعلام عبد الحميد جمعة خلال لقاء جرى في مكتبه في المدينة.

واستهل جمعة حديثه بالتعريف عن مساحة مدينة دبي للاعلام قائلاً: «مدينة دبي للاعلام هي جزء من مدينة دبي للانترنت التي هي بدورها جزء من منطقة دبي الحرة. المساحة الكاملة للمشروع الذي يستحوذ على المدينتين تناهز 400 هكتار. وتحتل مدينة دبي للاعلام ثلث هذه المساحة. اما مساحة البناء فتفوق مليوني متر مربع. وما احب التنويه به اننا توسعنا عن الحدود الجغرافية للمدينة. عندما انطلقت مدينة دبي للاعلام، بدأت بستة قطاعات ابرزها الاعلام والانتاج. بعد حوالي ثلاث سنوات على انطلاقتنا برزت نواح جديدة في المدينة منها دور النشر والطباعة، فلذلك قررنا تخصيص مدينة خاصة بها هي المنطقة العالمية للانتاج الاعلامي. فخرجنا بهذه المؤسسات من حيز مدينة دبي للاعلام كمنطقة حرة الى منطقة جديدة خاصة بالانتاج الاعلامي وتستحوذ على المطابع، لا سيما انها تحتاج الى مساحات واسعة، والمدينة التي ستخصص للمطابع ستعرف باسم «مدينة دبي للانتاج» وتقع في منطقة جبل علي وتبعد عن مدينة دبي للاعلام 7 كلم.

وعن المشاريع الجديدة الملحقة بالمدينة الاعلامية يتحدث قائلاً: «منذ حوالي ثلاثة اشهر اعلنا عن اطلاق مدينة دبي للاستديوهات ومقرها دبي لاند. واختيارنا لـ«دبي لاند» اتى لكون هذه المدينة تستحوذ على اقسام مكملة للانتاج والاستديوهات. فهي تضم المدينة الرياضية والاوديتوريوم كما وفيها محميات طبيعية للتصوير الخارجي، وانشاؤنا لمدينة دبي للاستديوهات اتى بعدما لمسنا حاجة المحطات التلفزيونية الى الاستديوهات لا سيما ان كثيراً من المحطات لا تملك استديوهات شاسعة. وهذه الاستديوهات خاصة بالانتاج السينمائي والتلفزيوني».

وعن تخصيص قسم للمطابع يقول: «تتطلب عملية النشر والطباعة اقساماً مختلفة منها تلك الخاصة بالحبر والورق الى اقسام خاصة بسكن العمال وعائلاتهم. فلذلك خصصنا لهم مساحة كاملة مؤهلة لاستيعاب كل هذه الاقسام. واخترنا لها جبل علي كمقر، كون هذه المنطقة تبعد مسافة بسيطة عن الميناء. ومن الضروري لمراكز الطباعة ان تكون قريبة من الميناء».

وعن مراحل التطور التي شهدتها هذه المدينة، يقول جمعة: «التطور لا يقف عند حد. هناك تطوير دائم للبنى التحتية. وواحد من الاسباب التي دفعت بالمؤسسات الاعلامية العريقة للانتقال الى هنا، هو توافر بنى تحتية جيدة. نحن الآن في المرحلة الخامسة من تطوير المدينة. مدينة دبي للاعلام في توسع مستمر. واليوم نتطلع لبناء فيلات خاصة بشركات الاعلان تدير منها اعمالها. نريد اعطاء هذه الشركات اكثر من مجرد مكاتب مؤلفة من جدران وابواب. لشركات الاعلان خصوصية ما فلذلك ارتأينا ان نخصها ببيئة مميزة».

ويؤكد جمعة ان ابنية مدينة دبي للاعلام اصبحت مشغولة بالكامل وانه بات من الصعب الحصول على مكان شاغر. ومن الطبيعي ان تكون الاسعار قد ارتفعت نتيجة زيادة الطلب، يذكر انه يتم التأجير فقط. وغالباً هي ايجارات طويلة المدى، لكن هذا لا يعني انه ما من ايجارات لا تتعدى السنة. وعن سعر ايجار المتر والزيادات التي طرأت عليه، يفيدنا: «يصعب إثارة موضوع الاسعار بالمطلق لأننا نتناقش وكل مؤسسة بوضعها. السعر واحد للمؤسسات الاعلامية العربية والاجنبية على حد سواء».

وعما اذا كان يتوقع ان تلقى مدينة دبي للاعلام كل هذا النجاح، لا سيما ان الفكرة كانت جديدة من نوعها واستقطاب المؤسسات العربية من لندن لم يكن بالمهمة السهلة، يقول: «هذا المشروع ليس مجرد مشروع عقاري انما تكمن وراءه حكمة وجرأة. من الطبيعي ان مشروعاً اعلامياً في منطقة عربية هو مشروع دقيق لانه لطالما انتشرت المؤسسات الاعلامية خارج العالم العربي، الشيخ محمد بن راشد شخصياً كان يهتم بهذا المشروع وتابعه عن كثب. ولا اخفي انه كان هناك خوف في البلاد العربية المحيطة بدبي من هكذا مشروع، لأن البلاد العربية غير متعودة على وجود المؤسسات العربية في منطقتنا».

وأسأله هل حصل نقاش مع المؤسسات الاعلامية الموجودة في لندن قبل الشروع بهكذا مشروع؟ هل جرى جس نبضها بأنه بحال وجدت البيئة المناسبة وهكذا مدينة هل انتم مستعدون للانتقال؟ يجيب: «هناك شركات كانت عازمة على الانتقال بحال وجدت البيئة المناسبة. على سبيل المثال الـ mbc تقدم مادة عربية وجمهورها عربي فما الجدوى من وجودها خارج البيئة والاجواء المناسبة؟ اذاً وجودها في بيئة عربية افضل لها وستستفيد من ميزات عدة. ادركنا انه يجب على دبي تقديم مكان وميزات وحوافز لـ mbc اكثر من التي كانت حاصلة عليها في لندن. وهذا ما حصل».

هل تبلورت كافة معالم هذا المشروع واصبح من الصعب تطويره او اضافة شيء عليه وبالتالي التوسع سيقتصر على العامل الجغرافي؟ يجيب جمعة: «برأيي انه اذا ما اعتقدنا بأن دبي حققت كل ما تبتغيه فهذا يعني اننا بدأنا نتراجع. يجب دائماً البحث عن آفاق جديدة والتفكير في كيفية تطوير بلدنا. هناك دور يتوجب علينا لعبه ويتجسد بكيفية فتحنا منافذ جديدة لهذه المؤسسات. نحن مظلة لها ويتوجب علينا حمل لوائها. على سبيل المثال يجب النظر بفتح اسواق جديدة كالسوق الروسية والسوق الآسيوية، نحن نشارك في معارض ومؤتمرات ونحمل هذه الشركات معنا أينما حللنا. من ابرز الاسباب التي جذبت هذه المؤسسات نحو دبي انها تقدم خدمة عالمية ونوعية ممتازة مقابل تكلفة اقل من تلك التي كانت تدفعها».

وعما اذا كان يحصل فرز للمؤسسات الاعلامية التي تتقدم بالطلب للوجود ضمن مدينة دبي للاعلام وهل من قيود وشروط تفرض عليها؟ يقول: «نعم هناك فرز واولويات. خلال عام 2004 استقبلنا 114 طلباً لقنوات فضائية قبلنا منها 21 طلباً. المؤسسات دون المستوى المهني، سواء مرئية او مكتوبة مرفوضة. يجب ان يكون للمؤسسة هدف واستراتيجية، كما تهمنا الاستمرارية. كثير من المؤسسات والشركات لا تلقى النجاح منذ السنة الاولى فيهمنا ان تكون قادرة على الاستمرار حتى تحصد النجاح وان تكون قادرة على استنباط فكرة اخرى بحال لم تنجح الفكرة التي اتت من اجلها. لا نريد مؤسسات تفتح وتقفل خلال سنة. لا نفرض اية شروط على اية مؤسسة. نحن نمنح اصحاب هذه المؤسسات حرية مسؤولة وهذا سبب نجاح المدينة. تستحوذ المدينة على 42 قناة؟! تكفي القيود العربية الحكومية على الاعلام». وعما اذا بدأت الحجوزات في مدينة دبي للاستوديوهات، يفيدنا جمعة بأن اكثر من 14 شركة عربية واجنبية قامت بحجز استديوهات لها.