غمستقبل الإعلام.. بين يديك

توقعات بتحول الأجهزة المحمولة إلى الوسيلة المفضلة للمشاهد والمعلن

TT

هل يُسقط الهاتف الجوال جهاز التلفزيون من على العرش الإعلامي؟ وهل حان الوقت ليُفعل بالتلفزيون ما فعله هذا الأخير بوسائل الإعلام الأخرى، عندما سحب البساط الإعلاني من تحت أقدامها؟ هذه الأسئلة هي محور تقارير وتحليلات إعلامية عدة تناولتها الصحف الغربية مؤخرا.

فبحسب «الهيئة الأوروبية للإعلانات المتفاعلة» فإن التلفزيون يمثل حاليا 41% من اجمالي استهلاك الناس للإعلام، لكن المشكلة التي تواجه المعلنين بحسب التقارير، هي الحركة المستمرة للناس المستهدفين بالإعلان، وأيضا المنافسة الشديدة والتطورات الجديدة التي دخلت الى عالم البث التلفزيوني، التي تزيد من نسبة «تقليب» القنوات المستمر zapping أو باستخدام تقنيات المشاهدة المدفوعة pay per view التي ينتقي فيها المشاهد البرامج أو الأفلام التي يرغبها في قنوات خالية من الاعلانات، وهناك كذلك تقنية جهاز استقبال الـ«تيفو» التي تخولك تقديم، ترجيع، توقيف أو حتى الاعادة البطيئة للبث التلفزيوني الحي. «كل ذلك يعطي المستهلك القدرة على تجنب الاعلانات»، يقول اندرو روبرتسون المدير التنفيذي في وكالة «بي بي دي أو» للإعلان ـ بريطانيا (ثالث أكبر شركة دعايات في العالم). كلام روبرتسون جاء في تحليل خاص أعده عن مستقبل العلاقة بين الإعلام والإعلان، ويؤمن روبرتسون بأن «الطريق إلى الأمام بالنسبة للمعلنين هو الوصول إلى المستهلكين عبر الأجهزة اللاسلكية، مثل الهواتف الجوالة، أجهزة الكومبيوتر المحمولة وأجهزة البلاك بيري (جهاز ارسال واستقبال البريد الالكتروني المحمول)»، ويضيف المدير التنفيذي أن هذه الأجهزة تتحول في سرعة هائلة لتصبح الوسيلة الأفضل للوصول الى الناس. كلام روبرتسون جاء متزامنا مع تقرير اعدته وكالة «بي بي دي أو» أظهر أن المستهلكين اليوم لا يمانعون في الاستغناء عن التلفزيون، ولكن ليس عن هواتفهم الجوالة أو جهاز الكومبيوتر الشخصي.

الوكالة سألت 3000 مستهلك في 15 بلدا عن منتج التواصل الذي يرغبون في الاحتفاظ به أكثر من غيره، وجاءت النتائج كالتالي: 45% فضلوا اجهزة الكومبيوتر الشخصي، 31% فضلوا اجهزة الهاتف الجوال، فيما فضل 12% فقط ابقاء جهاز التلفزيون. من اللقطات اللافتة أيضا في الدراسة، هي أن 60% من المشمولين فيها أوضحوا أنهم يبقون على هواتفهم الجوالة مفتوحة ما بين 21 ـ 24 ساعة في اليوم. في المقابل، هناك من يعتبر أن استهداف الناس إعلانيا عبر هواتفهم الجوالة، قد تترتب عليه جوانب سلبية، وهذا ما قاله الكاتب إيريك بفانر في موضوع له في صحيفة الـ«هيرالد تريبيون». وللوقوف على وجهة نظره، حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال ببفانر، على العنوان الذي نشرته الجريدة، لكن محاولاتنا في الاتصال به لم يكتب لها النجاح. وكان بفانر كتب في 2 مايو (أيار) الماضي، ضد فكرة جعل الهواتف الجوالة وسيلة مناسبة للاعلانات التقليدية، معتبرا ان الهاتف جهاز شخصي للغاية، ومستدلا بأن احدى الدراسات اظهرت أن 22% من المشمولين فيها في اسبانيا وايطاليا يردون على هواتفهم الجوالة اثناء اوقاتهم الحميمة (تخيل أن تصلك رسالة اعلانية او يتصل بك مندوب اعلاني في ذلك الوقت!). ويكمل بفانر بقوله، ان الاعلان عبر اجهزة الجوال لا يزال يقلع ببطء، ويعطي مثالا عن المانيا، أكبر أسواق الهواتف الجوالة في أوروبا، ويقول انه من ضمن 51.7 مليون دولار انفقت على الاعلان هناك، فإن أقل من عُشر ذلك المبلغ انفق على الدعاية الالكترونية. من جهته يشدد بيتر هوسيك، من عملاقة صناعة الهواتف ـ شركة «نوكيا» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أن تسمية «الهاتف الجوال» لم تعد مناسبة، ويقول إن التعبير الأصح هو «الجهاز الجوال» وذلك لأن «الجهاز الذي تحمله لم يعد فقط لاجراء المحادثات الهاتفية، وانما اصبح مزودا بكاميرا وجهاز تسجيل وراديو وانترنت، والتوجه حاليا هو نحو دمج الاستعمالات في جهاز واحد». أما بخصوص الإعلان عبر الاجهزة المحمولة فيرى هوسيك، الذي يعمل مدير مبيعات أول في قسم الوسائط المتعددة multimedia في «نوكيا» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أن الهواتف هي وسائل مثالية «... وتجري حاليا دراسة سبل تقنين الاعلانات من قبل الهيئات المختصة».

ويقول هوسيك إن الخطوة المقبلة في عالم الإعلام المحمول، هي مشروع الـ«موبايل تي في»، الذي يخضع للتجربة حاليا. أما ما هي الاختلافات بين التقنيات الموجودة حاليا والمشروع الجديد، فهي أن مستخدمي هواتف الجيل الثالث حاليا بامكانهم فقط «تحميل» برامج تلفزيونية، مثل فقرات الاخبار او اغاني الفيديو كليب المعدة سابقا، أي انهم امام عقبة كون هذه البرامج متاحة من قبل جهة معينة وقابلة للتحميل. أما الـ«موبايل تي في» فسيخولك التقاط البث التلفزيوني حيا ومباشرا، كما هو (ربما مع بعض ثواني التأخير)، على جهازك المحمول اينما كنت، يقول هوسيك شارحا، أن المتطلبات هي أن تكون القنوات التلفزيونية تبث على موجة «دي في بي اتش» (وان تقدم الحكومات رخصة لها لفعل ذلك)، وان يكون الشخص يملك جهازا جوالا متوافقا مع هذه التقنية. ويضيف المسؤول «نحن في طور التجربة حاليا». أما متى ستصل هذه التقنية إلى بلدان الشرق الاوسط، فيقول هوسيك «نحن في طور المفاوضات حاليا مع عدد من الشبكات التلفزيونية العربية التي ابدت رغبة في التعاون معنا.. ونتوقع انه بعد عام من الآن سيتمكن المواطنون في اكثر من بلد خليجي واحد على الاقل من مشاهدة البرامج التلفزيونية على أجهزتهم الجوالة».

من جهتها تقول مديرة العلاقات العامة في شبكة «أوربت»، عليا شيخو، إن «أوربت» ستكون جزءا من أي تطور تكنولوجي يحصل، وانها «ستكون سباقة لتوفير هذه الخدمة أو أي خدمـات اخـرى فــي هــذا المجال، اذا حازت رضا المشاهدين». وبالعودة إلى نقطة الاعلان من خلال الاجهزة المحمولة، يبدو أن الهواتف الجوالة ليست وحدها التي تبرع في اغراء المعلنين، بل أن المعلنين وجدوا طريقة جديدة لاستخدام جهاز الـ«بلاي ستايشن» المحمول PSP كوسيلة للاعلان. أما الطريقة فهي اما ابتكار العاب مصغرة أو افلام قصيرة يحملها المستخدمون في مواقع التحميل المجانية مثل heavy.com والمثال على ذلك هو سلسلة افلام قصيرة بعنوان «ايفان اند غاريث» يمولها منتج مزيل العرق الشبابي الشهير «اكس»، اما الطريقة الاخرى فهي توفير افلام سينمائية حقيقية كاملة للتحميل، مقابل ان تدفع الشركة المعلنة حق استخدامه. «موبايل تي في»: تقفز فوق الحواجز فكرة الـ«موبايل تي في»، هي ببساطة أن تتمكن من مشاهدة محتوى تلفزيوني على جهاز جوال. سواء كان ذلك فقرات إخبارية، نشرات اقتصادية، مسلسلك المفضل أو حتى نتائج المباريات الرياضية، وقريبا سوف يصبح بالامكان التقاط بث تلفزيوني كامل عبر الجهاز الجوال.

التقنية المستخدمة هي ما يعرف بالـ«داتاكاستنغ» (من كلمتي «داتا» أي المعلومات، و«برودكاست» أي البث)، وتتم على موجة تعرف بالـ DVB-H ، وهي تجمع بين البث الرقمي والبروتوكول الانترنتي، وسوف يكون لاقط الـ DVB-H مدمجا بالجوال تماما مثل ما هي مدمجة تقنية البلوتوث. وسوف يعمل النظام منفصلا عن خدمة الـ«جي اس ام» أو الـ«3 جي»، حيث يستقبل المستخدمون البث مباشرة، بدلا من طلبه وتحميله. يذكر أن هذا النظام بات معمولا به في اليابان (وان بتقنية أخرى) ومن المفترض ان يعمم تجاريا في اوروبا بحلول عام 2006. أما الشركات الداعمة لهذا النظام فيذكر أنه في سبتمبر (ايلول) 2004 أعلنت كل من موتورلا و أن أي سي ونوكيا وسيمنز وسوني اريكسون، تعاونها تحت ما يعرف بـ «تحالف الجوال المفتوح» لبحث متطلبات بدء البث للأجهزة الجوالة، وفتح السوق لخدمات جوالة جديدة.