أميركا: جدل حول مستقبل المطبوعات.. وإعلانات تبشر ببقاء المجلات 250 سنة

حملة إعلانية تتضمن غلافا وهميا لمجلة «نيوزويك» سيصدر بعد 100 عام

TT

تطغى مناقشة مستقبل الإعلام المطبوع والتهديدات التي تواجهه على أحاديث أصحاب دور النشر والأكاديميين والصحافيين في الولايات المتحدة، وذلك بعد أن استمرت أرقام التوزيع بالهبوط بحسب التقارير الإعلامية.

لكن ذلك لا يعني رفع الناشرين للراية البيضاء، فلأنهم أطلقوا هجمة مضادة تتمثل في التعاقد الذي تم أخيراً بين اتحاد ناشري المجلات الاميركية (نيوزبيبر بابلشرز اوف اميركا) مع شركة «هوت سبرنغ» للعلاقات العامة في نيويورك، وتعاقد اتحاد الجرائد الاميركية مع وكالة «مارتن» للعلاقات العامة في ولاية فرجينيا لدراسة المشاكل، ولنشر اعلانات عن اهمية الصحافة المطبوعة، وعن توقع مستقبل باهر لها.

ولعل أكثر الاعلانات لفتا للنظر، سلسلة أغلفة مجلات المفترض أن تصدر في المستقبل، مثل غلاف لمجلة «نيوزويك» سيصدر بعد 100 سنة، وفيه خريطة للولايات المتحدة وقد انفصلت عنها ولاية كاليفورنيا التي اصبحت جزيرة مستقلة، وذلك بعد زلزال عنيف سيحدث بعد 40 سنة من الآن. حملة اعلانات المجلات التي تدعمها هيئة (ناشري المجلات في أميركا) تكلف 40 مليون دولار، وستستمر لثلاث سنوات، والهدف منها اقناع القراء (والمعلنين) ان المجلات، التي ظهرت في اميركا منذ قبل 250 سنة، ستستمر 250 سنة اخرى، وأكثر.

وفي تقريرها عن الحملة التي تقوم بها مجموعة المجلات الأميركية قالت جريدة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي إن الصحافة المكتوبة «لا تستطيع الاحتفاظ بسر يعرفه كل الناس، وهو ان التلفزيون والانترنت قللا توزيعها، وقللا اقبال المعلنين عليها».

وقلل جون كمبل، كبير مسؤولي التسويق في اتحاد الجرائد الاميركية، من الخوف بأن الصحافة المطبوعة ستموت، وقال انها، رغم انخفاض التوزيع، «قوية جدا، وفيها اعلانات كثيرة». لكن هذا كلام صحافي وناشر، وهو غير كلام اقتصاديين يرون الصحافة تجارة قبل ان تكون خدمة اجتماعية:

مثل تحليل اقتصادي من شارع المال في نيويورك (وول ستريت) قال ان المستثمرين «عندهم نظرة سلبية» لمستقبل الصحافة المكتوبة.

ومثل تقرير من وكالة «مارتن»، التي تتولى الحملة الاعلانية، قال ان المعلنين يركزون على «الذين تقل اعمارهم عن ثلاثين سنة، ومعظم هؤلاء من جيل الكومبيوتر والانترنت».

وفي الوقت الحالي تتقاسم الاعلانات كل من الجرائد والمجلات والتلفزيون (نسبة 20% تقريبا لكل وسيلة). لكن مجلة «ادفرتايزينغ ايدج» (عصر الاعلانات) قالت ان «ياهو» و «غوغل» ستحصلان هذه السنة على اعلانات تساوي اعلانات التلفزيون.

أما فيما يتعلق بالصحف فالمراقبون يعتبرون ان انخفاض توزيع الجرائد اليومية قبل عشرين سنة، لكنه كان بطيئا، لم تزد نسبة الانخفاض إلا خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة بعد انتشار التلفزيون الفضائي، وتلفزيون الكيبل، والانترنت.

ومن جهتها نشرت صحيفة الـ «واشنطن بوست هذا الاسبوع تقريرا تضمن احصائيات تشير إلى أن توزيع 814 جريدة من أكبر الجرائد الوطنية الأميركية انخفض بنسبة تقارب 2% خلال الثلاثة أشهر الاولى من هذه السنة. واذا استمرت نفس نسبة الانخفاض، ستكون حوالي 10% مع نهاية السنة. واذا استمرت اكثر، سينخفض التوزيع بنسبة النصف خلال الخمس سنوات القادمة.

وبحسب التقرير فإن الـ «واشنطن بوست» نفسها انخفض معدل توزيعها بنسبة 10% خلال السنة، الى ثلاثة ارباع المليون نسخة يومية. ولم تتغير كثيرا ارقام توزيع الجريدة الاولى، «يو اس توداي» (مليونا وربع مليون نسخة)، والثانية، «وول ستريت جورنال» (مليونا نسخة)، والثالثة، «نيويورك تايمز» (مليون نسخة تقريبا).

لكن اسوأ الجرائد حظا هي «لوس انجلوس تايمز» التي انخفض توزيعها الى اقل من مليون نسخة، بمعدل خمسة وعشرين في المائة خلال السنة. واذا استمر حالها كذلك، سيقل توزيعها بنسبة النصف خلال سنتين او ثلاث.

وفي مثل هذه الظروف، تحاول كل جريدة ان تتعلق بحبل النجاة: «واشنطن بوست» ستوقف توزيع الاعداد المجانية، و«نيويورك تايمز» زادت توزيعها خارج مدينة نيويورك، و «وول ستريت جورنال» زادت ثمن العدد، لكنها تعتقد ان قراءها (الاغنياء) لن يتذمروا.

التقرير تحدث كذلك عن سبب رئيسي في انخفاض نسب التوزيع، وهو قرار اصدره الكونغرس قبل سنتين لمنع الحصول على اشتراكات الجرائد واي اشتراكات او دعايات اخرى على طريقة الـ telemarketing عبر الهاتف، وذلك لأن الاميركيين اشتكوا بأن «سماسرة التلفون» يضايقونهم، خاصة في المساء، وقت الاكل ووقت مشاهدة اخبار ومسلسلات التلفزيون.