هاشم الشخص: نحن على ثقة أن برامجنا قادرة على جذب المشاهد العربي

مؤسسة الإنتـاج البرامجـي المشتـرك.. ماذا بعد «افتح يا سمسم»؟

TT

بدأت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عملها منذ أن أسست في عام 1974 برؤوس أموال خليجية وتحت إشراف وزارات الإعلام في دول الخليج الست معرفة عن نفسها بمجموعة كبيرة من البرامج التي أضافت إلى رصيدها وإلى رصيد مشاهديها مثل برنامج الأطفال المحبوب (افتح يا سمسم) وبرنامج (قف) المروري وبرنامج (سلامتك) الذي يعنى بالتوعية الصحية.

«الشرق الأوسط» سلّطت الضوء على تاريخ المؤسسة وإنجازاتها المختلفة عبر لقاء مديرها التنفيذي هاشـم الشخص في الكويت، وذلك بعد أن خف وهج المؤسسة وظهور أقاويل أنها لم تنتج عملا ناجحا يذكر بعد «افتح يا سمسم»، الذي اعتمد أساسا على دبلجة البرنامج التعليمي الأميركي الشهير Sesame Street، وفيما يلي نص الحوار:

* كيف بالإمكان أن نوجز في أسطر مسيرة مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؟

ـ حرصت المؤسسة منذ تأسيسها عام 1974 على تقديم البرامج التي توفر الزاد الفني والفكري لجميع الفئات من المشاهدين وكانت البداية مع برنامج الأطفال (افتح يا سمسم) الذي لاقى شهرة واسعة في العديد من الدول العربية، حتى بات من العلامات الفارقة التي تميز مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك ثم جاءت بعده العديد من الأعمال الدرامية والبرامج الإرشادية والتثقيفية والتوعوية في وتيرة متصاعدة عملت على تثبيت دعائم المؤسسة في الإنتاج التلفزيوني على مستوى الوطن العربي.

* بالعودة إلى برنامج (افتح يا سمسم) هلا شرحتم لنا الأسباب التي كانت خلف نجاح هذه التجربة وانتشارها بين أبناء الوطن العربي؟ ـ جاء هذا الإنجاز انطلاقاً من أسس تربوية وضعت ونوقشت على مدى أشهر عديدة واشترك فيها مربون واختصاصيون فـي اللـغة العـربية، حيث استند (افتح يا سمسم) إلى فكرة بسيطة ألا وهي تقديم لغة عربية سهلة وميسرة للطفل العربي قبيل دخوله إلى المدرسة.

وقد كان سبب نجاح تجربة (افتح يا سمسم) يكمن خلف الأسلوب الشيق والسلس الذي قدم به إضافة إلى الرسالة التربوية والتعليمية التي قدمها البرنامج على مدى 130 حلقة، وقد جاءت تجربة برنامج (افتح يا وطني أبوابـك) الذي انتـج خلال العامين 1994 ـ 1995 مماثلة لما قدمته سلسلة (افتح يا سمسم) مع فارق ان المؤسسة قد قامت بإنتاج هذا العمل دون الاستعانة بالخبرات الأجنبية، بل بالاعتماد على الكفاءات الخليجية والعربية بشكل عام.

* كيف تواكب إدارة المؤسسة الحالية التطورات الهائلة في السوق الإعلامية لا سيما مع ما نشهده من تزاحم وزخم للقنوات الفضائية؟ وهل تجدون أنفسكم قادرين على منافسة برامج ومسلسلات الأطفال الأجنبية؟ ـ نحن على ثقة بأن برامجنا قادرة على جذب المشاهد العربي، خاصة واننا نحرص على عرضها في مختلف التلفزيونات العربية وبأسعار زهيدة تضمن لها الوصول إلى بيت كل مواطن عربي يرغب في أن يتعلم أطفاله قيمهم وعاداتهم العربية فضلاً عن كل ما يهمهم من معلومات بأسلوب سهل وشيق وفي الوقت نفسه نحن بعيدون عن مصطلح المنافسة مع البرامج الأجنبية فهم يقدمون ما يرون أنه صالح لبيئتهم ونحن نفعل المثل تماماً دون اللجوء إلى خلق نوع من التنافسية، بل على العكس نحن نرى بأننا ننفرد بتقديم موادنا وبرامجنا الإعلامية بعد دراسة فكرة ما دراسة معمقة وبعد الاستعانة بالعديد من الكفاءات الخليجية والعربية في مجال التربية والتعليم وغيرها وتشكيل ورش عمل ولجان متخصصة لدراسة الفكرة من جميع جوانبها بغية تقديمها بالأسلوب والشكل اللذين يضمنان مخاطبتها لعقل المواطن العربي بكل سهولة.

* هل تعرف المؤسسة كيف تصل إلى مشاهديها أو بالأحرى هل تواكبون متطلبات السوق الإعلامي الذي تبثون إليه إنتاجكم؟

ـ نشهد حالياً حالة من عدم الاستقرار في المنطقة لا سيما بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة التي احتلت بدورها جزءاً كبيراً من الخارطة الإعلامية في الخليج العربي، خاصة على حساب برامج أخرى تهتم بالطفل والمرأة والصحة وغيرها والمؤسسة ضمن سياستها الإعلامية تعرف ما هو مطلوب منها وماذا يحتاج منها السوق الإعلامي خلال هذه الفترة ونحن بصدد تقديم عدد هائل من الرسائل الإعلامية والبرامج التوعوية التي تشتمل في مضمونها على نشر ثقافة الوسطية وقبول الآخر فضلاً عن نبذ ظاهرتي العنف والإرهاب.

* هل توجه المؤسسة برامجها إلى أبناء الخليج فقط؟ وإذا كانت الإجابة بلا فلم لا نشهد مشاركة فنانين عرب في مثل هذه البرامج ؟

ـ على الرغم من أن رؤوس أموال المؤسسة خليجية إلا أنها مؤسسة عربية تحمل أهدافاً عربية موجهة إلى كل عربي موجود في أي بقعة من العالم وبالفعل يبدو أن المؤسسة قد ارتكبت غلطة عنـدما عمدت إلى إشـراك فنانين وممثلين خليجييـن فقط في برامجها المهمة مثل (افتح يا سمسم) و(سلامتك)، لكننا وفي البرنامج الأخير (مدينة المعلومات) قد اخترنا من كل بلد عربي تقريباً وجهاً فنياً وهو الأمر الذي سيضفى على البرنامج صبغة عربية تعمل على تهيئة القبول العربي له دون أن نتقوقع في لباسنا الخليجي الذي ربما كان سبباً في انفصالنا الجسدي العربي الكبير فيما سيق.

* من الجدير بالملاحظة ان إنتاج المؤسسة من البرامج التعليمية ومسلسلات الأطفال قد قل بشكل واضح لا سيما بعد عام 1990؟

ـ هذا الأمر ملاحظ بالفعل والسبب لا يعود إلى قلة الإنتاج، بل بالعكس ربما كان الإنتاج حاليا أكثر بمرتين إلا أننا وقبل عام 1990 كنا نركز على دبلجة مسلسلات الأطفال وهو الأمر الذي أوقفناه حالياً نظراًَ لعدم انسجام أفكار هذه المسلسلات مع ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي نأمل أن يستقيها أبناؤنا أما السبب الثاني فيعود إلى انتشار الفضائيات والأقمار الصناعية بشكل كبير الأمر الذي أدى إلى انفلات المشاهد والذي كان لا يملك سوى متابعة المحطة الأرضية التي تبث إنتاجنا إلى التنقل بين كم هائل من المحطات.

* بعد الانقطاع عن دبلجة مسلسلات الكرتون الأجنبية هل من توجه إلى إنتاج مثيلاتها العربية؟

ـ بالتأكيد نحن نسعى دائماً إلى إنتاج مسلسل كرتوني يحمل قيمنا ومعتقداتنا العربية وهو ما تيسر للمؤسسة فعلاً عندما قمنا بإنتاج مسلسل الأطفال الشهير (زعتور) وهو يحكي قصة طفل كويتي صغير يعيش مع جده الذي كان يمتهن صيد اللؤلؤ في مغامرات شيقة تشد الطفل وتعرفه في نفس الوقت على تراثه وعلى تاريخ أجداده ونحن لسنا الوحيدين على هذا الصعيد، بل ان هناك العديد من المؤسسات الإعلامية حول الوطن العربي والتي أنتجت مسلسلات كرتون هادفة للأطفال تحكي قصص الأنبياء وتسرد تاريخ الأبطال المسلمين بصورة ممتعة تستلهم عقل الطفل العربي وقلبه.

* فيلم (ابن الغابة) يعد أول تجربة سينمائية للمؤسسة على صعيد الأفلام الكرتونية الطويلة الشبيهة بأفلام (والت ديزني)، هل بالإمكان أن تحدثنا باختصار عن هذه التجربة؟

ـ فيلم (ابن الغابة) هو من الأعمال التي تعتز بها المؤسسة، حيث ارتأى مجلس الإدارة أن تنحى المؤسسة منحى جديداً غير التلفزيون والإذاعة فكان التوجه نحو إنتاج فيلم روائي طويل للأطفال وقد تجسدت الصعوبة في الوصول إلى قصة مناسبة لطرحها كموضوع للفيلم وبعد البحث الجاد والطويل وصلنا إلى قصة «حي بن يقظان» للكاتب العربي الكبير (ابن طفيل) وهي قصة معروفة للطفل، حيث تطرق إليها الغرب من خلال أفلام مثل (طرزان) و(موكلي)، لكننا حاولنا تقديم جرعة تربوية ودينية للطفل العربي من خلال هذه القصة، حيث دمجنا القيم الروحانية من تعظيم الخالق والتأمل في مخلوقاته مع العديد من القيم التربوية، مثل حب الأم والصداقة والإخلاص وغيرها عبر سيناريو محكم ورسوم تضاهي الأفلام الغربية من حيث المؤثرات والصوت والموسيقى وغيرها وهو الأمر الذي دعا بعض النقاد الذين شاهدوا الفيلم إلى تسميته بـ LION KING العرب.

* وماذا عن برنامج (مدينة المعلومات) والذي من المقرر أن يعرض قريباً على شاشات تلفزيون دول الخليج؟

ـ برنامج (مدينة المعلومات) هو عبارة عن تجربة جديدة كليا على المؤسسة ولقد استغرقت منا وقتاً طويلاً وصل إلى سنة ونصف كاملة لإنتاج 52 حلقة فقط، وذلك بعد أن عقدنا العديد من الاجتماعات وورش العمل لنطرح سؤالاً واحداً هو (ماذا يريد طفل اليوم؟)، حيث بات من المؤكد حالياً أننا لا نستطيع مخاطبة طفلنا الآن بنفس الطريقة التي كنا نخاطب بها الطفل قبل عشرين عاماً في برنامج (افتح يا سمسم) فثورة المعلومات الحالية أدت بالطفل إلى الانفتاح على العالم والتعامل مع أحدث ما توصل إليه هذا العالم من تقنيات وتكنولوجيا كالانترنت والموبايل والكومبيوتر وغيرها ومن هذا المنطلق جاءت فكرة مدينة المعلومات لتحكي مغامرات طفل صغير مع زملائه في مدينة تقوم على أحدث ما توصل إليه العلماء من تقنيات وسط العديد من الأهداف التربوية والتعليمية والتي تسعى المؤسسة إلى تقديمها دائماً عبر برامجها وهذا البرنامج يعتبر مكملاً للنجاح الذي حققه برنامج (افتح يا سمسم) قبل 25 عاماً.

* تحتل المسلسلات الدرامية جانباً مهما من إنتاج المؤسسة، هل بالإمكان تسليط الضوء على هذا الجانب؟

ـ تحتل الدراما التلفزيونية حيزاً مهما في الدورات البرنامجية للمحطات التلفزيونية بشكل عام نظرا لما تحققه من استقطاب لكافة شرائح المجتمع وقد حرصت المؤسسة دائماً عند تخطيطها لإنتاج مسلسلات درامية على تبني مواضيع تمس الحياة اليومية بكافة أطيافها التربوية والتعليمية والصحية وغيرها وتختلف الدراما التي تقدمها المؤسسة بين حلقات درامية توعوية قصيرة مثل برنامجي (قف) المروري و(سلامتك) الذي يعنى بصحة الحامل والمدخن وغيرهما إلى حلقات مطولة تستمر ساعة كاملة مثل المسلسل الأخير (للحياة وجه آخر) والذي ناقش في حلقاته وعبر فريق من الأطباء العاملين في مستشفى كيف تتحول الأمراض من نفسية إلى عضـوية من خلال قصص وقضايا مختلفة ناقشها أبطال المسلسل هذا فضلاً عن مسلسـلي (الكشاف) و(أبناء الغد) واللذين يعدان احدى العلامات الفارقة في تاريخ المؤسسة لا سيما وأنهما موجهان إلى شريحة الآباء والأمهات بالإضافة إلى الأطفال من خلال حلقات تجمع العائلة الواحدة ضمن مواقف وقضايا تمس المجتمع في سياق تربوي هادف.