«فاناتي فير».. المجلة التي انتزعت من «واشنطن بوست» سرا عمره 33 عاما

TT

سئل الصحافي الأميركي بوب وودورد، محرِّك الحملة التي أسقطت الرئيس الجمهوري الأسبق ريتشارد نيكسون، عن رأيه في ما قامت به مجلة «فاناتي فاير» من كشف لهوية مصدره السري بعد أن أخفاه طوال الـ 33 عاما الماضية فقال بكل بساطة «لقد نجحوا وسبقونا في كشف السر».

وكان من المؤمل أن يكشف وودورد عن اسم مصدره الذي أسماه بالحنجرة العميقة فور وفاته، خصوصا بعد أن تسربت معلومات قبل شهور قليلة أن مصدر وودورد على فراش المرض وقد يموت في أي لحظة.

المجلة التي أشاد بها وودورد ليست مجلة سياسية بل مجلة منوعة تهتم بأخبار النجوم والموضة وغير ذلك، ويرأس تحريرها غرايدون كارتر.

لم يكن رئيس التحرير موجودا في الولايات المتحدة وقت نشر الخبر ـ القنبلة، بل كان خارج البلاد في رحلة شهر عسل وكان قد نسي موضوع «ديب ثروت» أو الحنجرة العميقة تماما. ويقول رئيس التحرير وفقا لما ذكرته صحيفة «ذي غارديان» البريطانية إنه كان في أحد المطارات الصغيرة بالكاريبي عندما اتصل بمكتبه للاطمئنان على أمور المجلة، فأخبره زملاؤه أن القصة تم نشرها وأثارت ضجة عالمية. وقبل أن يؤكد بوب وودورد وزميله كارل بيرنستاين صحة ما نشرته مجلة «فاناتي فاير» فإن رئيس التحرير ظل غير واثق 100% من أن مجلته توصلت إلى الحقيقة. وجاء تشكك رئيس التحرير رغم أن مسؤول التدقيق في المجلة بحث صحة المعلومة عشرات المرات من عشرات المصادر، ولكن التأكيد النهائي الموثوق لم يكن ليتم بدون وودورد وبرينستاين أو أحدهما.

ولم تشأ المجلة الاتصال بوودورد أو ببرينستاين للتأكد منهما لأنهما لو علما بما حصلت عليه المجلة لسارعا في كشف السر على موقع «واشنطن بوست» على الانترنت خلال أقل من ساعتين، في حين تحتاج المجلة إلى أسبوعين للوصول إلى الأسواق.

ويقول كارتر إنه سمع بعد نشر الخبر أن «واشنطن بوست» سوف تصدر بيانا خلال سبع دقائق فإصيب بالرعب من أن تقول الصحيفة إن صاحب الحنجرة العميقة ليس الرجل الثاني في الـ«إف بي آي» سابقا، بل شخص آخر مما يفقد المجلة مصداقيتها. لكنه عاد إلى نيويورك بعد إقرار بوب وودورد بالسبق الذي حازت عليه «فاناتي فاير» واستقبل في مكتبه استقبال الأبطال بصفته رئيس تحرير المجلة التي سبقت «واشنطن بوست» في كشف سر من أسرار القرن الماضي، وأسدلت الستار النهائي على فضيحة ووترغيت التي ستظل الأجيال تذكرها.

وستتذكر الأجيال أن أشهر صحافي في العالم رفضت «واشنطن بوست» أن تنشر له أي قصة خبرية ووصفه محرروها بالفاشل طالبين منه التدرب على المهنة في مكان آخر.

وحتى بعد أن عاد إليهم بوب وودورد بعد أكثر من عام وحصل على أهم أخبار العصر لم ينشر ذلك الخبر باسمه بل باسم أحد المحررين الكبار، في حين نشر اسم وودورد وبيرنستاين في نهاية الخبر كمساهمين في جمع المعلومات ضمن حشد آخر من المخبرين.