ندوة لـ «هيومان رايتس ووتش» تدعو الصحافيين إلى إدانة العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين

في لقاء نظمه مركز حماية وحرية الصحافيين في العاصمة الأردنية

TT

كشفت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومان رايتس الدولية سارة ويتسن عن اهتمام المنظمة بالتحقق من وجود مراكز احتجاز سرية لمصلحة الحكومة الأميركية في العديد من الدول العربية من بينها الأردن، والبحث جدياً بموضوع تسلم بعض الدول العربية لمشتبه بهم متهمين في قضايا إرهاب في دول غربية.

وأضافت أن المنظمة قامت بإبلاغ الحكومة عن قلقها العميق بما يتضمنه قانون العقوبات من تأثيرات على الحريات العامة. واشارت ويتسن في بداية اللقاء الذي نظم من أجل الحديث عن المبادرة التي أطلقتها هيومان رايتس أخيرا حول وقف استهداف المدنيين إلى أن المنظمة باتت تنظر بعين القلق لما يوصف بـ «الحملة على الإرهاب» وقد أصدرت في ذلك عدداً من التقارير أحدها خصص عن المعتقلات السرية الأميركية ومعتقل سجن أبوغريب في العراق.

وذكرت أن هيومان رايتس من أكثر المنظمات نقداً للحكومة الأميركية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وانها قدمت تقارير موثقة بانتهاكات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأنها تواجه مشكلة حقيقية تتمثل بحملات منظمة تستهدف تدمير المنظمة من قبل جماعات ضغط معينة.

ودعت ويتسن وسائل الإعلام المختلفة لدعم المنظمة من خلال التقارير التي تنشرها في موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت.

وحول العمليات التفجيرية في كل من العراق وفلسطين، عبرت ويتسن عن وجود تنامٍ مستمر باستهداف المدنيين بالعراق، وأن العمليات الفلسطينية في الفترة الأخيرة شهدت استهداف المدنيين بشكل مباشر، متساءلة عن مدى الاستفادة التي حظيت بها القضية الفلسطينية من هذه العمليات.

واضافت أن المنظمة ترى بالأساليب غير المبررة التي يقوم بها أصحاب عمليات التفجير المختلفة والتي ينتج عنها قتل المدنيين الأبرياء مشكلة أساسية في موضوع الإرهاب.

وأكدت ويتسن أن هيومان رايتس ووتش ترفض الاحتلال وتعلم أنه من أسباب تنامي مشاعر الإحباط واليأس عند العرب والمسلمين، وأن منظمتها تؤمن بحق الشعوب في رفض ومقاومة الاحتلال استناداً إلى القانون الدولي الإنساني.

وفيما يتعلق بدور المنظمة الدولية بمكافحة هذه الأسباب عبرت بالقول: ليس للمنظمة حل سياسي ولا يتعلق بعملها، وأعربت عن اعتقادها بأن الحد الأدنى مما تستطيع هيومان رايتس فعله هو العمل على تعزيز القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين.

وتابعت أن مصدر القلق الأساسي ليس في الهجمات على المدنيين فقط بل هو في تنامي واتساع الرأي الشعبي المؤيد والصامت عن مثل هذا الاستهداف.

واستمرت بالقول ان المشكلة تبدأ في خيار الجهة باستخدام السلاح وهنا عليها الالتزام بالقانون الدولي وحماية المدنيين كما هو وارد في تعريف القانون الدولي.

واثارت هذه المسألة الجدل حول المستوطنين الإسرائيليين الذين يقومون بأعمال مسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين وكيف يتعامل القانون الدولي في مثل هذا الموضوع.

وعن الدور الإعلامي الذي يمكن الصحافيين فعله في الحد من ظاهرة الإرهاب قالت ويتسن ان الإعلاميين يلعبون دوراً أساسياً باعتبارهم جزءاً فاعلاً من صناعة الرأي العام، وفي سياق هذه الأدوار تأتي كتابة المقالات المؤثرة على الرأي العام. ودعت الإعلاميين إلى إدانة الهجمات التي تستهدف المدنيين سواء من قوات الاحتلال الأميركي في العراق أو الإسرائيلي في فلسطين، وعدم الصمت تجاه عمليات المقاومة التي تستهدف المدنيين كذلك، والعمل على إدانة كافة الممارسات التي يقع ضحيتها المدنيون عملاً بالقانون الإنساني الدولي.

وبدأ الكاتب والنائب السابق حمادة فراعنة بالتساؤل عن اهتمامات منظمة هيومان رايتس في الأردن من زاوية حقوق الإنسان وهل الإعلاميون مع مبادرة المنظمة ومدى إفادتها ودوافعها الإيجابية وانسجامها مع الواقع، بالإضافة إلى مدى القدرة على انخراط الإعلاميين والإفادة من آرائهم في هذه المبادرة؟.

وتساءل الصحافي محمد خروب من جريدة «الرأي» عن دور المنظمة في كشف ممارسات وسياسات الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل المنافية لمبادئ القانون الدولي.

وعبر الكاتب إبراهيم غرايبة من جريدة «الغد» عن قناعته بأن تأثير الإعلام في مواجهة استهداف المدنيين محدود وضعيف.

وقال ان هذه المبادرات يجب أن توجه إلى أطراف أخرى غير الإعلام أهمها الحكومات والمنظمات التي تقوم بهذه العمليات.

ووصف الكاتب محمود الريماوي من جريدة «الرأي» موضوع الإرهاب بالواسع والمعقد، وانه في تفاقم مستمر وله عدة جذور أولها وجود الاحتلال الإسرائيلي الذي كرس ظاهرة العنف عند الجمهور وظل حتى الآن خارج حدود المحاسبة.

وأشار إلى أن هناك من يقول عن العمليات الفلسطينية انها لن تنفع القضية ولن تؤدي إلى حلول، ولكي يتم وضع حد في هذا الموضوع فلا بد من محاربة الإرهاب في نفس الوقت، منوهاً إلى وجود ضعف بالثقافة على المستوى المدني حيث لا يتم الإقرار أن العرب هم أول ضحايا الإرهاب.

واستمر بالقول «هناك نوع من التمجيد للعمليات التفجيرية أكثر من التمجيد للبشر بسبب شعور الجمهور العربي بالانهزام» معتقداً أن للإعلاميين دوراً كبيراً حيث تؤيد الأكثرية من الإعلاميين استهداف المدنيين على الأقل من خلال السكوت عن قضايا الإرهاب، وأن هناك من الكتاب من يحاول كسب مشاعر الجمهور وهناك من يستخف بعقول القراء.

وأشار الريماوي إلى وجود كتاب يحاولون مواجهة الإرهاب لكسب القراء، معتبراً تجنب استهداف المدنيين ليس هدفاً وأن المشكلة سياسية. واعتبر عبد الله أبورمان رئيس تحرير صحيفة «المرآة الأسبوعية» أن الخوف من الحكومة والأجهزة الأمنية لا يسمح للصحافيين بتبرير عمليات المقاومة المشروعة وإدانة الاحتلال الأجنبي الذي يرتكب جرائم بحق المدنيين، واضاف أن الصراع في المنطقة ذو طابع ديني يستفز الناس.

وتحدث عن وجود مشكلة حقيقية تكمن في غياب المرجعيات الدينية السنية مما يتيح صعود وتنامي قوة التيارات المتشددة ويفسح المجال لإطلاق الفتاوى.

وأوضح أن منابر المساجد والمؤسسات التربوية لها فاعلية أكثر من المؤسسات الإعلامية مشيرا إلى أن السياسات الحكومية أضعفت تأثير المؤسسات الدينية التابعة لها وافقدتها مصداقيتها عند الشارع.

فيما عبر الكاتب حلمي الأسمر من صحيفة «الدستور» عن تصاعد الشعور بالخطر الشخصي لأن الاستهداف في العمليات التفجيرية عشوائي وأعمى.

وقال ان هناك نوعين من الإرهاب، إرهاب كبير وآخر صغير، معتبراً أن إرهاب الدولة هو الإرهاب الكبير الذي ينتج ردة فعل وقناعات تعتبر إرهابية، إلا أن إرهاب الدولة محمي بمجلس الأمن والأمم المتحدة وغيرهما من المنظمات الدولية، فيما اعتبر إرهاب الأشخاص هو الإرهاب الصغير حيث تضع هذه الجماعات قانونها وترفض الالتزام بالقانون الدولي الذي تعتبره من صناعة الدول الإرهابية.

وتطمح المنظمة الدولية في المرحلة الراهنة لعقد سلسلة من اللقاءات التشاورية حول التحديات التي تشكلها ظاهرة الإرهاب على حركة حقوق الإنسان في العالم.

وستتركز محاور اللقاءات على أنماط مهاجمة المدنيين في الجزائر، مصر، فلسطين، العراق، السعودية، الكويت واليمن، التبريرات الشائعة للعنف ضد المدنيين، الحق في تقرير المصير ومقاومة الاحتلال، المجتمع الدولي وازدواجية المعايير، إرهاب الدولة، تبريرات ذات طابع ديني لمهاجمة المدنيين، وأخيراً التزامات الجهات غير الحكومية.