هل هناك علاقة بين استطلاعات الرأي والديمقراطية في العالم العربي

ندوة بالقاهرة تناقش دور استطلاعات الرأي في تحديث المجتمع

TT

مع الهجمة الفضائية، وانتشار القنوات الفضائية بأشكالها المختلفة، بدأت تظهر على الساحة العربية استطلاعات رأي في بعض البرامج الاخبارية مثل برنامج «منبر الجزيرة» واستفتاء العربية، لقياس نبض الشارع العربي تجاه القضايا الراهنة.

وفي الناحية الأخرى ومع انطلاق فورة برامج تلفزيون الواقع، انطلقت استطلاعات الرأي تطوف العالم العربي ليس من أجل اختيار زعيم عربي، وانما من أجل اختيار أحد المطربين وهو ما حدث في برامج شهيرة مثل «ستار أكاديمي».

ويبين الاقبال الكبير على استطلاعات الرأي في التلفزيونات العربية، وفي مواقع الانترنت المختلفة مدى حاجة الشعوب العربية إلىالديمقراطية، ورغبتهم في التعبير عن آرائهم، وهو ما كشفته ندوة عقدت مؤخراً بالقاهرة تحت عنوان «دور استطلاعات الرأي في تحديث المجتمع».

في البداية قال الدكتور حسين أمين استاذ الاعلام بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إن جورج جالوب هو أول من أطلق المبادرة الأولى لتقييم استطلاعات وقياسات الرأي العام ووضع قياسات أخلاقية تنظم اجراءها وتنشر نتائجها لاعتقاده بأنه لا غنى عنها في النظم الديمقراطية ولضرورة توافر الكشف الحسابي العام الذي يكفل مراجعة كافة مراحل الاستطلاعات وحق الجمهور في معرفة الحقائق الخاصة بها.

وأضاف أمين، أن أهم المعايير التي يجب أن تلتزم بها الهيئات والأجهزة المختصة باجراء الاستطلاعات هي الأمانة والصدق والكفاءة وعدم التحيز، وأن تكون محتويات الاستمارة من حيث الدقة والوضوح وعدم التحيز في وضع الأسئلة وكفاءة العينة وتمثيلها ونشر البيانات الخاصة بها، فضلاً عن ذكر اخطاء العينة، واختيار القائمين على اجراء الاستطلاع من بين المشهود لهم بالكفاءة والاشراف عليهم وضرورة النشر الواسع لتقرير الاستطلاع ومحتوياته الأساسية والموضوعية في اعداده، وأن تكون هناك معايير ادارية تتصل بتقبل مجتمع البحث للاستطلاع والفترة التي يستغرقها والتكلفة.

وأشار أمين إلى أنه في احدى المراحل اعتبر الفشل في التنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة بمثابة كارثة لاستطلاعات الرأي العام أدت إلى تعرضها إلى هجوم عنيف من جانب الصحافة، الأمر الذي أدى بالأكاديميين إلى الدعوة لتشكيل لجان لتقصي أسباب هذا الفشل خلصت إلى أن سبب الفشل يعود إلى التقصير من جانب القائمين على الاستطلاع أكثر من كونه قصوراً في المنهج البحثي. وطالبت بأهمية قياس عمق الشعور وحساب التحول في الرأي العام وتفادي تأثير الحملات الانتخابية في أداء الناخبين باجراء الاستطلاع حتى أقرب وقت ممكن لاجراء الانتخابات.

وتحدثت سمر عمار رئيسة مركز استطلاع الرأي العام، حول تجربة المركز، موضحة أن أهمية وجود مركز استطلاع للرأي في مصر تمثلت في ضرورة استطلاع الرأي العام المصري بما يساعد على دعم صانع القرار بشكل دوري وسريع بآراء الجماهير والمتخصصين في القضايا المهمة للاستفادة منها في عملية صنع القرار.

وقالت ان المركز يعتمد على التليفون في عمله لأسباب عدة أهمها، السرعة في الانجاز والوفاء بالمهام الموكلة إليه وسهولة الوصول إلى المناطق النائية مع امكانية اجراء مكالمات هاتفية لمبحوثين منتشرين على رقعة جغرافية واسعة، والحصول على استجابات من كافة الشرائح التعليمية وانخفاض التكلفة سواء من حيث الوقت أو المال وسهولة معاودة الاتصال بالمفردة محل البحث وسهولة الاشراف على عملية جمع البيانات ومراجعة جودتها مركزياً، وقد تم الاعتماد على بيانات المشتركين في التليفون لتكون العينة الأساسية التي اشتملت على حوالي 400 ألف مفردة من 25 سنترالاً موزعة على ثماني محافظات بالجمهورية وقد تم تصميم عينة طبقية متعددة المراحل للأسر المصرية.

وأضافت عمار، أن أهم التحديات التي واجهت المركز هو التنوع الطبيعي في المستويات الثقافية للمبحوثين وما يتبع ذلك من أعباء على الباحثين وضرورة وجود درجة عالية من احترافية الباحث في صياغة سؤاله وفقاً لرؤيته للمستوى الثقافي الذي يتم بحثه، وفقدان الثقة في الاستطلاعات التليفونية بسبب انتشار ظواهر سلبية كالمعاكسات التليفونية وظواهر البيع والتسوق عبر التليفون بالنسبة لمنتجات ليست ذات أهمية للمجتمع المصري. كما أن نسبة التليفون لعدد السكان في القرية متدنية للغاية مقارنة بالمدينة وبذلك فإن العينة التي تعتمد على التليفون قد يكون بها شيء من التحيز نحو الحضر عن الريف.

وحول علاقة استطلاعات الرأي بالنظم الديمقراطية قال الدكتور مصطفى كامل السيد، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن شروط الاستبيانات لا تتوافر إلا في نظم ديمقراطية تتيح حرية الوصول إلى المعلومات وحرية البحث وحرية تداول المعلومات، كما أن هذه الاستطلاعات مهمة لتعميق الديمقراطية لأنها تجعل الرأي العام فاعلاً في صنع السياسات إلى جانب كل من الحكومة والمجالس النيابية.

وأضاف أن استطلاعات الرأي تمكن الحكومات من معرفة اتجاهات الرأي العام ومن ثم تصوغ سياساتها على نحو يجعلها تحصل على تأييده، كما تمكنها من الحصول على معلومات تكون ضرورية لصنع سياسات فعالة ورشيدة وتمكن رجال السياسة والأحزاب من ادراك مدى شعبيتهم وفرص نجاحهم أو فشلهم في الانتخابات.