بعد المشاهدين.. الجوال «يسرق» إعلانات التلفزيون

وسيلة جديدة للمُعلنين مرهونة بـ «موافقة» الشعب الأميركي

TT

مع قرب انطلاق خدمة الـ «موبايل تي في»، التي يتوقع ان تسمح للملايين حول العالم مشاهدة برامج التلفزيون عبر هواتفهم الجوالة، فإن خطرا آخر يهدد أصحاب شركات التلفزيون بالاضافة إلى «سرقة» مشاهديهم.. وهو تفضيل شركات الإعلان انفاق نقودها على إعلانات جوالة.

فقد توقعت مجلة «انك» الاميركية ان تتطور، قريبا، تكنولوجيا ارسال اعلانات الى اصحاب الهاتفات الموبايل بحيث يقدر محل تجاري على رصد مرور شخص يحمل هاتفا بالقرب منه، فيرسل الى هاتفه رسالة رقمية او صوتية تقول: «ستحصل على خصم ثلاثين في المائة اذا دخلت المحل الآن».

وقالت المجلة ان اعلانات الجوال لا تزال في بدايتها، مثل ما كانت عليه اعلانات الإنترنت قبل عشر سنوات. لكنها قالت ان «عاصفة» اعلانات ستهب على هاتفات الموبايل في المستقبل، وذلك «لسبب بسيط، هو ان عدد الجوالات في كل العالم اكثر من عدد التلفزيونات والكومبيوترات. وسيزيد العدد بنسبة اعلى كثيرا من نسبة زيادة تلك».

مضايقة المعلنين

* وقالت لـ «الشرق الأوسط» باري ماركوفتش، مديرة الاختراعات والتسويق في شركة «انبكويت»، المتخصصة في تكنولوجيا الهاتف الموبايل، «نحن امام تقدم هائل ومثير، يجعل شركات الاعلانات قادرة على مخاطبة شخص مباشرة عن طريق هاتفه الموبايل. لم يحدث من قبل، في تاريخ الاتصالات، ان تحدث انسان مع انسان آخر من اي مكانين يوجدان فيهما».

الا يعني ذلك ان الاعلانات ستضايق اصحاب الهاتفات الجوالة؟ قالت ماركوفتش ان شركتها ترأس اتحاد شركات التسويق بالجوال، وان الاتحاد «وضع اول قانون لمراقبة سلوك العاملين في هذا المجال. نحن ملتزمون التزاما كاملا بان يلتزم المعلنون بآداب المخاطبة والشرح والخصوصية». بلغ دخل قنوات التلفزيون الاميركية من الاعلانات في السنة الماضية اكثر من عشرين بليون دولار، وبلغ دخل شركات الإنترنت الاميركية اكثر من خمسة بلايين دولار. ولهذا فان الشركات العاملة في مجال اعلانات الجوال لا تكاد تنتظر حتى تحصل على نصيبها، خصوصا مع التطورات الحاصلة في عالم الجوالات، حيث باتت التكنولوجيا الحديثة تسمح لصاحب الجوال باستقبال البث التلفزيوني عبر جهازه، دع عنك الصور والملفات الرقمية من فيديو وصوت ونصوص. لجنة الاتصالات الفدرالية

* لكن هناك عوائق تقف امام توسع اعلانات الموبايل، منها: اولا، يمنعها قانون لجنة الاتصالات الفدرالية (اف سي سي). ثانيا، شن الاميركيون، قبل سنتين، حملة ضد اعلانات الهاتفات العادية. ثالثا، لم توافق شركات الاتصالات الهاتفية الاميركية (مثل «فرايسون» و«سنغيولار»).

لكن هذه الشركات لن تقدر على رفض اغراء بلايين الدولارات التي ستدر عليها من اعلانات الجوال، على شرط الا يعترض الشعب الاميركي، مثلما اعترض على اعلانات الهاتفات العادية. كيف يمكن كسب الشعب الاميركي؟ بنشر اعلانات في التلفزيون او الصحف توعد، مثلا، «كل من يتصل بالرقم كذا من هاتفه الموبايل، ويترك رقم هاتفه، سنرسل له في هاتفه كبونا مكتوبا بخصم ثلاثين في المائة». يستغل هذا الاغراء تكنولوجيا ليست موجودة في الهاتفات العادية، وهي الرسائل المكتوبة. ويستغل حب الناس للشراء، خاصة اذا حصلوا على خصومات وكوبونات. ساندوتشات و«دوناتس»

* ولا يقدر احد، في هذه الحالة، على لوم شركات الاعلانات او شركات الهاتفات، او الشركات التي تريد بيع منتوجاتها ومصنوعاتها، مثل ساندوتشات «ماكدونالدز» وعوامات (دوناتس) «دنكن دونتس»، التي بدأت ذلك فعلا.

وتوقعت مجلة «انك» ان تنضم الى القائمة شركات البتزا والملابس ولعب الاطفال والكومبيوترات والسيارات. وتوقعت، مع انتشار هاتف الفيديو الموبايل، ان يتحول كوبون الخصم الى شريط فيديو، ويشاهد صاحب الهاتف منظر بنت جميلة تأكل ساندوتشا لذيذا، فيسيل لعابه، ويسرع لشراء واحد او اثنين او ثلاثة.

واشارت المجلة الى ظهور تكنولوجيا جديدة، وهي القدرة على معرفة مكان الهاتف الموبايل (بعد ان يبادر صاحبه بالاتصال). يقترب شخص من مطعم، ويتلقى اتصالا هاتفيا فيه كوبون يغريه بدخول المطعم مقابل خصم. او كوبون يغريه بتجديد زيت سيارته، او كوبون يغريه بشراء حذاء.

هاتف وبطاقة ائتمان

* وظهرت تكنولوجيا تجعل الهاتف الموبايل بطاقة ائتمان ايضا، وتسمح لصاحبه ان يدفع قيمة ما يشتري بهاتفه. اما بوضع البطاقة على ظهر الهاتف، او بالاتصال بالبنك ودفع القيمة في الحال.

لكن اعلانات الهاتف الموبايل تواجه نفس المشاكل التي تواجهها الاعلانات الاخرى، وهي الفشل في اقناع كل الناس بكل شيء في كل وقت. ولهذا اصبح مشاهدو التلفزيون وقراء الصحف يتحاشون الاعلانات، ويشتكون من كثرتها، او من تفاهتها، او من الاثنين معا.

ولجأت شركات الاعلانات، لمواجهة ذلك، الى الاثارة (مثل البنات شبه العاريات، والاكل الذي يسيل اللعاب). ولجأت الى كوبونات الخصم (التي تخصم احيانا خمسين في المائة من القيمة). ولجأت الى الاعلانات الذكية (التي تقدم منظرا او حوارا ليست له صلة بما تريد ان تبيع).

لكن المعلنين في التلفزيون واجهوا اختراعات جديدة، مثل «تي فو» (الذي يقدر على حجب الاعلانات). ومثل «ديجتال ريكورد» (الذي يقدر على القفز فوقها). ومثل «فيديو اون ديماند» (الذي يشترى فيلما او مسلسلا بدونها).

اختراعات المستقبل

* ولهذا يخشى المعلنون من اختراعات في المستقبل تعرقل اعلانات الهاتف الموبايل، مثل اعادة الكوبون الى صاحبه بدون فتحه، ومثل اختيار نغمة جرس هاتف توضح مسبقا ان الاتصال سيكون اعلانا.

لكن معهد كليفورنيا للتكنولوجيا وكلية طب جامعة بايلور في تكساس يجريان ابحاثا لتحديد وتصنيف ردود فعل الناس للاعلانات. متى يرتاح الشخص لها، او يتوتر بسببها، او يتجاهلها؟ وهل يفضل الاعلانات المباشرة او غير المباشرة؟ وهل، ومتى، يشتري شيئا معينا لأن اعلانا اثر عليه؟ وتجرى بعض هذه الابحاث في المعامل، وتجرى بعضها باتصالات هاتفية.

ولهذا يتوقع، مع انتشار اعلانات هاتف الموبايل في المستقبل، ان تنتشر ابحاث هاتف الموبايل. مثل ان يتلقى الشخص اتصالا من شركة تغريه بخصم عشرين في المائة من قيمة بذلة. ثم يتلقى اتصالا من مؤسسة ابحاث علمية تسأله اذا كان سيشتري البذلة بخصم عشرين في المائة؟ او اربعين في المائة؟ بصوت نسائي، او رجالي؟ برسالة رقمية، او صورة فيديو؟ صورة بذلة يرتديها رجل، او ترتديها فتاة؟