إعلام الشباب العربي.. فاقد لهويته مثله

تجارب تلفزيونية عدة من «زين» إلى «يلا شباب»

TT

انقسمت تجربة الإعلام الشبابي التلفزيونية العربية خلال السنوات الماضية بين محاولات اطلاق قنوات شبابية متخصصة، وبرامج قيل انها مخصصة للشباب انقسمت هي ذاتها ما بين كونها دينية أو ترفيهية لحد كبير. ولعل أبرز التجارب هي قناة «زين» التابعة لمحطة «المستقبل» في مقدمة القنوات التي اتخذت من المشاهد الشاب هدفاً لاستقطابه، وكان ذلك في يناير من عام 2000 ويومها عيّن علي جابر مديراً لها. ورغم النجاح الذي شهدته «زين» للمرحلة الاولى من انطلاقتها الا انها لم تكمل السنتين من عمرها وتوقفت عن البث وتحولت الى محطة غنائية فنية تعرض الكليبات المصورة.

وتؤكد ليلى وهبي المديرة المسؤولة عن البرامج في محطة «المستقبل» ان الدافع الاول لتوقف «زين» هو عدم استطاعتها تحقيق المردود المادي المطلوب منها كما تبين ان طرحها في السوق الاعلامي جاء قبل اوانه. إلا أن مصادر من داخل القناة تقول لـ «الشرق الأوسط» ان مشكلة «زين» كانت في ضياع هويتها، فهي حاولت ان تكون اشبه بـ «ام تي في» العربية لجهة أشكال وطريقة تقديم المذيعين، لكنها حولت نفس هؤلاء المذيعين فيما بعد إلى مدافعين عن القضية الفلسطينية وساعين لمحاكمة (رئيس الوزراء الاسرائيلي) شارون. ويضيف المصدر «كانت هناك مذيعات لا يعرفن أين هي القدس أساسا.. وذلك ليس عيبا ان كان الامر لا يهمها، ولكن المشين ان يتم وضعها للتحدث في هذه الأمور». وكان غالبية العاملين في «زين» هم من المقدمين الجامعيين، جاؤوا من مختلف الدول العربية، لأن ادارة المحطة ارادت استقطاب اكبر عدد من المشاهدين. وهي اعتمدت الاسلوب الاميركي في تقديم البرامج من خلال استعمال ستوديوهات على طريقة الـ Open space بحيث يستطيع المشاهد ان يتابع ما يجري من تحضيرات في عدة ستوديوهات وفي الوقت المخصص لبث برنامج ما. وكان البرنامج الاشهر في «زين» هو برنامج «دردشات» الذي كان يجمع عددا من الشبان والشابات للحديث في مواضيع ثقافية وفنية وحياتية مختلفة. وبعد فشل هذه التجربة حاولت «المستقبل» اعادة روح الشباب الى فلكها فاستحدثت برنامج «صبايا»، الذي يعرض مرة واحدة في الاسبوع ارضياً وفضائياً وهو من اعداد جنان فغالي ويتضمن فقرات متنوعة تتوجه بشكل عام للشباب الرياضي والجامعي بطريقة حوارية غير كلاسيكية. وترى فغالي ان «صبايا» يحاول تحفيز الشباب اللبناني والعربي على القيام باعمال مفيدة عوضاً عن هدر الوقت سدى. وهو يتضمن فقرات غذائية، فنية، سينمائية، ثقافية وحتى اقتصادية. وتضيف فغالي بأن شباب اليوم ينقصه الانضباط والتأقلم مع الآخرين والبرنامج يدور في هذا الاطار. ويقدم «صبايا» عددا من مذيعات الربط ومذيعات «زين» السابقات وهن جويس قزيلي وياسمين مزهر وسيلين مانوك. وفي نفس الفترة التي انطلقت فيها «زين» ولدت قناة «واو» التابعة لمحطة الـ «ال. بي. سي» وبالكاد استمر بثها ثلاثين يوماً حتى توقف من دون مبرر، مع ان حملة اعلانية ضخمة رافقت انطلاقتها. حالياً اضيف الى سلة برامج الـ «ال. بي. سي» «هواكم» وهو من اعداد غازي فغالي يشارك في تقديمه شباب وفتيات من مصر ولبنان والامارات ويتوجه ايضاً الى الشباب. وتعتبر قناة «روتانا» من القنوات التلفزيونية الشبابية، التي استطاعت ان تستقطب المشاهد من عمر 15 حتى الثلاثين عاماً بفضل مادتها الفنية الغنية بالاخبار والمقابلات والريبورتاجات والكليبات المصورة، وان كانت «روتانا» لا تروج لنفسها على أنها قناة شبابية وانما فنية. واستحدثت برنامج «كافيه روتانا» الشبيه إلى حد كبير ببرنامج «دردشات» الذي يقوم يومياً بجولة شاملة على مواضيع عدة بينها فنية وغنائية والكترونية وغيرها ليجذب فئة الشباب العربي، ورغم ان القناة لم يتجاوز عمرها بعد السنوات القليلة الا انها اثبتت جدارتها في هذا المضمار.

ويرى كريستيان جميل مدير البرامج في تلفزيون «روتانا» وفي قناة الـ «ام. تي. في» سابقاً ان تجربة القنوات الشبابية هي مشروع لم ينجح في عدة محطات تلفزيونية لان القناة ومهما كانت طبيعتها يجب ان تستقطب جميع افراد العائلة دون استثناء وهو الامر الذي مارسته قناة «ام. تي. في» سابقاً و«الروتانا» حالياً، وذلك من خلال المحافظة على روح الشباب من دون التخلي عن الاهتمام ايضاً بباقي شرائح المجتمع.

وبعيدا عن الترفيه، فإن من أكثر البرامج الشبابية التي لاقت نجاحا هو برنامج يللا شباب الذي يعرض على قناة إم بي سي، تعده وتقدمه مجموعة من شباب الوطن العربي ويناقش قضايا الشباب على تنوعها بالرغم من النقد الذي وجه للبرنامج في الفترة الأخيرة من خلال تحوله من برنامج اجتماعي إلى ديني وعظي. يعلق على هذا احمد الشقيري معد ومقدم في البرنامج «يللا شباب منذ بدايته وهو ديني وعظي اجتماعي، حيث يقوم ضيف الحلقة بتقديم نصح ووعظ ديني للشباب تبعا لقضية الحلقة» ويتابع حديثه ساردا بعض أهم المواضيع التي تناولها البرنامج في الفترة الأخيرة «في حلقات رحلة الكويت تناولنا موضوع الشذوذ الجنسي والعادة السرية والمراهقة ومفهوم الاختلاط والتعليم».

وبخصوص قضايا الشاب السعودي والفتاة قال شقيري «ستعرض قريبا حلقات تتناول مواضيع تمس هذه الشريحة العمرية الكبيرة في السعودية مثل مفهوم الحرية والصحافة والبطالة والتعليم في السعودية والشذوذ الجنسي لدى البنات وظاهرة المعاكسات الشبابية في الطرقات».

ومن اجل كسر الروتين الممل في الاستديو خرج طاقم التقديم حازما أمتعته ليتجول عبر رحلات مكوكية بين الأقطار العربية ليحاور الشباب في أماكن وجودهم وليلمس همومهم عن قرب ويعلق على هذا شقيري قائلا «تأثير البرامج التي تخاطب الحس الحركي للشباب أقوى لذلك اعتمدنا على أسلوب الرحلات» ويصف الشقيري مستوى النضوج الفكري لطاقم التقديم عن السابق بقوله: «أصبحنا نماذج مصغرة تقارب في تفكيرها كلا من السويدان وعمرو خالد» وبخلاف الشقيري يرى شادي زاهد معد يللا شباب في السابق بأن البرنامج الشبابي الناجح لا بد أن يعتمد الحوار أسلوبا له ويقول: «نحن مع الأسف لا نملك شجاعة الحوار في مجتمعاتنا فربما لهذا السبب تراجع البرنامج».

وفي حين طرحت محطة إم بي سي برنامج يللا شباب بطريقة عصرية تتفق مع الحديث الشريف «خاطبوا الناس على قدر عقولهم» إلا أن هناك قنوات فضائية ترى أن البرامج التي تقدمها والتي يغلب عليها الطابع التقليدي هي مناسبة للشباب كما يقول سليمان العيدي مدير التلفزيون السعودي للقناة الأولى «رسالة التلفزيون السعودي واحدة على تنوع قنواته من قناة ثانية تبث باللغة الإنجليزية والإخبارية والرياضية فعلى سبيل المثال تقدم الرياضية برنامج (معا إلى الشباب) تطرح من خلاله مشاكلهم بصورة ريبورتاجات وتعالجها بطريقة تربوية» ويضيف حول وجود مثل هذه البرامج في القناة الأولى «برنامج دين ودنيا يناقش قضايا الشباب من وجهة نظر دينية بطريقة وعظية، أما برنامج (الكلمة لك) من إعداد وتقديم الدكتور عبد الله الفوزان فيهتم بتوجهات الشباب السياسية والفكرية».

وحول سؤاله عن برنامج شبابي يمكن أن يطل عبر الشاشة الأولى يقوم على تقديمه وإعداده نخبة من الشباب يواكب متغيرات العصر من حيث الشكل والمضمون ويطرح قضاياهم كما يرونها يقول العيدي «لا أمانع بل باتت هذه البرامج ضرورية ولكن أين هي؟».

هذا السؤال كانت إجابته عند إيهاب حمود مدير دائرة الإنتاج في قناة المستقبل الذي يرى أنه لا بد للشباب أن يعبر عن نفسه من خلال برامج مفتوحة يطلون منها تتيح لهم فرصة مناقشة مختلف القضايا بما فيها الديمقراطية وحرية الرأي انتهاء بالبطالة التي باتت تؤرق كثيرا منهم وحول طريقة عرض البرنامج يقول حمود: «لا بد أن تكون جميع عناصره ومحاوره شبابية ويقدم بطريقة عصرية تواكب مجتمع اليوم».

وكانت قناة الـ «ام. تي. في» اللبنانية والتي اقفلت منذ ثلاث سنوات واعيد فتحها اخيرا اثر قرار قضائي كانت السباقة في ابتكار برنامج شبابي بامتياز واسمه «آت ام. تي. في» اعده فريق من الشباب الجامعي وعلى رأسه مايك جاموس الحائز حالياً على دكتوراه في الصيدلة فتعاون مع المعد الاساسي غازي فغالي على كتابته وقدما ما كان يبحث عنه الشبان اليوم من مواضيع رياضية وثقافية وفنية في اطار مسل ورشيق معاً. واعتبر جاموس «ان مشاركته في الـ «آت. ام. تي. في» كانت تجربة مميزة حملت له الكثير من المتعة والمعرفة.. الامر الذي جعله يعيد الكرة، ويقدم برنامجN.G على محطة الـ «نيو. تي. في» اللبنانية ثلاث مرات في الاسبوع وهو شبيه بمضمونه وفقراته الى حد كبير بالبرنامج الاول».

«كارانت تي في».. فكرة تلفزيونية لاستقطاب الشباب