نائب الرئيس الأميركي السابق يملكها ويديرها.. وهدفه كسر احتكار الشركات الكبرى للإعلام

TT

أنهت محطة Current TV الأميركية في الأسبوع الماضي، شهرها الأول من البث، حيث كانت انطلاقتها في الأول من اغسطس (آب) الماضي، عبر قنوات الكيبل وبالأقمار الصناعية لتصل إلى حوالي عشرين مليون مشاهد، وفقا لما يقوله مسؤولوها، لكن لماذا تطلق محطة تلفزيونية جديدة في بلاد يعيش سكانها في بحر من الموجات الإذاعية والتلفزيونية؟، فهل الأميركيون بحاجة إلى محطة جديدة؟ وماذا تختلف هذه المحطة عن غيرها؟.

قبل أن تبدأ المحطة في البث لم يكن يعرف عنها سوى أن صاحبها ورئيس مجلس إدارتها هو آل غور، نائب الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، الذي خسر الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي أمام الرئيس جورج بوش، في فترته الأولى بقرار من المحكمة العليا بعد تقارب الأصوات بين الرجلين إلى حد كبير. وعرف عن المحطة أيضا أنها تستهدف شريحة معينة من المجتمع الأميركي، وهي شريحة الشباب بين سن 18 و34 عاما.

بعد انطلاقة المحطة استطاع المشاهد الأميركي أن يعرف عنها ما لم يقله آل غور وشركاؤه مسبقا، حيث تأكد للجميع أن المحطة لم تنطلق عبثا وفي ذات الوقت لم يكن وجودها لخدمة أي أغراض سياسية من أي نوع للحزب الديمقراطي أو لطموحات آل غور.

الشبكة جاءت بجديد فعلا ولم تكن مجرد إضافة رقمية إلى العدد الهائل من المحطات التلفزيونية في الولايات المتحدة، بل ان أصحابها لم يكونوا لينفقوا أموالا طائلة على مشروع كهذا، لو لم يكن من ورائه ربح ومردود مالي وفير.

المشاريع الإعلامية في الولايات المتحدة هي مشاريع تجارية في الأساس قبل أن تكون سياسية، باستثناء تلك التي يمولها الكونغرس الأميركي من أموال دافعي الضريبة وتوجه في الغالب إلى الخارج، أما تلك المشاريع الإعلامية الخاصة ومنها محطة Current الشابة فمن الصعوبة بمكان أن تستمر أو حتى تنطلق من الأساس لو لم تتم دراسة جدواها الاقتصادية بكل تمعن. إذا كانت القناة قد وصلت إلى عشرين مليون مشاهد قبل نهاية شهرها الأول، فهذا يعني أنها ستستقطب المزيد من الإعلانات، علاوة على دخلها من اشتراكات الكيبل وصحون الأقمار الصناعية وهي ليست مجانية كما في العالم العربي.

قاعدة العمل في الإعلام الأميركي بسيطة وواضحة، وهي إما أن يتم تقديم مادة جديدة تجذب المشاهدين وتجذب المعلنين، وإما ان يكون مصير الوسيلة الإعلامية الفشل ومن ثم الإفلاس. وفي وسط مليء بالتزاحم والمنافسة، لا بد أن يأتي القادم الجديد بجديد.

وتقول أماندا روثمان، مسؤولة الاتصالات في القناة، إن ما يميز القناة الجديدة أنها محطة غير تقليدية، فهي لا تلجأ للبرامج الطويلة التي تبث في مواعيد محددة، إنما تقوم على فكرة المقاطع الصغيرة جدا التي تتراوح مدتها بين 15 ثانية وخمس دقائق، وتشمل أشياء كثيرة ووجوها مختلفة وأحداثا متعددة وتركز على موضوعات من النادر أن نجدها في المحطات الأخرى.

وفوق ذلك، فإن المشاهدين باستطاعتهم أن يشاركوا بما لديهم من أشرطة مسجلة، وعلى سبيل المثال، فإن المحطة ستذيع في برنامج قصير عن إيران أعدته فتاة من نيويورك اسمها ياسمين فوسوغيان، تحت عنوان «إيران تحت الأرض»، يقدم نظرة على حياة الشباب والبالغين في إيران ودور الجنس والمخدرات في حياتهم.

وأضافت روثمان بالقول إن الشراكة والتعاون بين المحطة ومحرك غوغل للبحث يجعلاها تقدم لقطات متميزة كل نصف ساعة، حيث لا تعرض أخبارا يحدد مساهرها محررون ورؤساء تحرير، بل تقدم في تلك اللحظة ما يبحث عنه الناس في محرك غوغل لتعرض أهم ما يجري البحث عنه في المحرك في فترة لا تتجاوز ثلاث دقائق.

ولمعرفة ردود الفعل على قناة آل غور الشبابية، تحدثت لـ «الشرق الأوسط»، إلاى هاذر ميشيل، وهي مشاهدة أميركية مقيمة في ولاية ميتشغن، وقالت إنها بدأت تخشى على نفسها من الإدمان على محطة (كارانت)، لأن فكرتها جديدة وجذابة، وتشرح ذلك بالقول: «إن المشاهد للمحطة يستطيع أن يشارك في إعداد برامجها وموادها، فالإنتاج الذي تعرضه المحطة في غالبيته من إعداد المشاهدين من الشباب بكاميرات رقمية تجمع بين الحرفية والهواية، ويتيح لذلك فرصا كثيرة للموهوبين لإظهار مواهبهم، سواء في مجال الإخراج أو التصوير أو التحقيق الصحافي للتلفزيون، أو غير ذلك من المواد التي يتم انتقاؤها بعناية من بين سيل من المواد يصل إلى المحطة يوميا من مشاهديها في المدن الكبرى التي بدأ بث المحطة يغطيها».

ويسعى آل غور إلى جعل المحطة التي يرأس مجلس إدارتها أن تكرس نفسها لمنح الأجيال الشابة صوتاً مسموعاً، قائلاً: «نحن على وشك تقوية هذا الجيل لنشركه في الحوار حول الديمقراطية، ولسرد ما يدور في حياتهم اليومية عبر وسيلة إعلام يملكونها بأنفسهم».

وتوفر المحطة للموهوبين من الشباب خدمات إنتاجية وكاميرات واستوديوهات وأجهزة مونتاج، بالإضافة إلى إرشادات تقنية وتدريبات تساعدهم على تقديم أفضل المواد المنتجة بتكاليف يستطيع الشباب تحملها.

وكان آل غور قد صرح قبل إنطلاق المحطة، بأن التكلفة الباهظة للإنتاج التلفزيوني تجعله حكراً على شركات الإعلام الكبرى، ولهذا تعزز اهتمامه بالشباب ليفتح لهم مجالا لإظهار مواهبهم عبر هذه المحطة. وتستخدم المحطة تقنيات الإنترنت لتلقي بعض المواد وللتواصل مع الشباب، وتنشر في موقعها أهم المشاركين في إنتاج البرامج وأسماء آخر المشاركين في الإنتاج، وربما تكون هذه المحطة هي المدخل الأول لأصحاب الموهبة في العمل التلفزيوني لتحقيق أمجاد الشهرة والتفوق في هذا المجال.