الصحافيون الأميركيون يدفعون الثمن.. مرتين

الكلفة الخفية لتغطية نشاطات إدارة بوش

TT

يدفع الصحافيون الأميركيون «الثمن» الناجم عن عملهم في تغطية النشاط الرسمي للادارة الاميركية، ليس بسبب تشدد هذه الادارة في حماية اسرارها فقط، بل لانهم يضطرون للمشاركة في دفع تكاليف طعامهم ورحلاتهم على متن الطائرة الرئاسية وصولاً الى.. مصروفهم من الكهرباء في البيت الابيض.

وتولي الصحف الاميركية اهتماماً بالغاً بتغطية نشاطات المقرات الرئاسية، فصحيفة «لوس انجليس تايمز» تخصص 3 مندوبين لتغطية نشاطات البيت الابيض و3 في الكابيتول (مجلس النواب) و3 في الخارجية ومندوبين في البنتاغون، مقابل صحافي واحد لتغطية الوضع في العراق.

ويقيم عشرات من الصحافيين الاميركيين والاجانب بشكل شبه دائم في البيت الابيض بانتظار الملخصات اليومية التي تقدم في المكتب الصحافي حول قضايا مختلفة داخلية وخارجية، ويبلغ عدد هذه الملخصات احياناً اكثر من 10 ملخصات يقدمها مسؤولون مخهاتف في البيت الابيض.

ويتركز عمل الصحافيين في البيت الابيض بين المكتب الاعلامي حيث تقدم الملخصات وبين قسم مخصص للمحطات التلفزيونية في الباحة الخارجية للبيت الابيض حيث يتم البث المباشر. وتقول كوري سكيرمير مديرة المعلومات الدولية في مكتب التواصل الدولي والاستراتيجي وهو ادارة تابعة لمجلس الأمن القومي «ان الاعلاميين يتقاسمون تكاليف الكهرباء التي يستعملونها للبث من ساحة البيت الابيض، كما يدفعون حصتهم من تكاليف الرحلات الخارجية التي تحدد وفقاً لمدة الرحلة وطول المسافة التي يقطعها الرئيس».

وتلخص سكيرمير طبيعة عملها في البيت الابيض بانه «التعامل مع الاعلام الخارجي واتاحة نفس الفرصة التي نقدمها للاعلام المحلي». وتشير الى انها تقوم باتصالات شبه يومية مع المراسلين الاجانب، مشددة على «اهمية المنطقة العربية». وقالت متوجهة لمجموعة من الاعلاميين العرب الزائرين: «منطقتكم مهمة بالنسبة لنا ومن المهم ان نتحدث مع الناس هناك عبر وسائل اعلامكم». وتوضح ان حركة الاعلاميين مقيدة في البيت الابيض فهم «لا يمكنهم التحرك بحرية في المبنى، كما حال الكثير من الموظفين، لكنهم يتمكنون من التجول في الاماكن المخصصة لهم».

وفيما يرى محرر صحيفة نيويورك تايمز بيل كلير ان ادارة الرئيس (جورج) بوش «أمنية اكثر من الادارات السابقة وانها في نزاع مع الصحافيين عموماً لانها تريد حماية اسرارها والصحافيون لا يحبون الاسرار»، يبرر مسؤول مكتب صحيفة «لوس انجلس تايمز» في واشنطن جايمس كيرستينزانغ اصرار الصحف على دفع تكاليف رحلاتها بانه «لكي لا تشعر انها مقيدة». معتبراً ان الصحف تجد نفسها مرتاحة اكثر بالتعامل مع الاخبار عندما تدفع تكاليفها، وعندما يقوم الصحافي بعمله سيكون اكثر تحرراً اذا لم يكن مضطراً للشعور بـ«الامتنان» نتيجة ما ستدفعه الجهات الرسمية.

وفي المقابل، لا تبدو الادارة الاميركية مهتمة بدفع اي تكاليف عن الصحف المتهمة بتغطية النشاط الرسمي. فرحلة مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تكلف مثلاً نحو 10 آلاف دولار لكل صحافي هي عبارة عن حصته من تكاليف الرحلة في الطائرة والاقامة والطعام، اما الرحلة مع الرئيس فهي ستكلف اكثر. ويروي كيرستينزانغ ان الاعلاميين اضطروا ذات مرة الى استئجار طائرة خاصة لمرافقة الرئيس في احدى جولاته بعدما زاد عددهم عن قدرة طائرة الرئيس على الاحتمال. في حين كلفت تغطية الحملة الانتخابية لنائب الرئيس الاميركي ديك تشيني صحيفة «لوس انجليس تايمز» 75 الف دولار.

ولهذا كله يقع الصحافيون احياناً في مطبات، فعندما زارت الوزيرة رايس في يوليو (تموز) الماضي أفريقيا امتنعت بعض الصحف عن ارسال مندوبين لتغطية الرحلة لانها لم تكن تشمل «اشياء مهمة» بنظر مسؤولي هذه الصحف الذين لم يرون ما يستحق التغطية في زيارة لافريقيا، لكن رايس باغتتهم بزيارة الى لبنان جعلتهم يندمون.