صحيفتان يوميتان جديدتان تصدران قريبا في البحرين

تنضمان للصحف المحلية الأربع البارزة في البلاد

TT

تترقب الأوساط الاعلامية في العاصمة البحرينية المنامة اصدار صحيفتين يوميتين جديدتين تنضمان لشقيقاتهما من الصحف اليومية.

وإلى جانب الصحف الدولية، وأبرزها «الشرق الأوسط»، تصدر في البحرين حاليا أربع صحف يومية محلية ناطقة باللغة العربية هي: أخبار الخليج أقدم الصحف وتأسست في عام 1967، وصحيفة «الأيام» التي تأسست في عام 1991 وتعتبر الأكثر انتشارا، وفقا لمؤسسات التحقق من الانتشار، وصحيفة «الوسط» التي يرأس تحريرها منصور الجمري المعارض السابق والتي أسست في أعقاب المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة وتميزت بخطها المختلف عن «أخبار الخليج» و«الأيام» المحسوبتين على الإعلام الرسمي إلى حد ما، أما الصحيفة الرابعة وأحدثها فهي صحيفة «الميثاق» والتي صدرت في عام 2004.

ووسط ترقب الشارع البحريني بكافة فئاته لهذه الاصدارات اليومية، صحيفتي «الوطن» و«الوقت»، واللتين بدأتا في محاولة استقطاب الصحافيين العاملين في الصحف المنافسة ورفعتا من مستوى أجور الصحافيين في البحرين، اختلفت الآراء حول مدى اتساع البحرين ذات الرقعة الجغرافية الصغيرة المقترنة بعدد سكان لا يتجاوز 600 ألف مواطن لهذين الاصدراين الجديدين اللذين سينضمان للصحف اليومية الأخرى، وهل يمكن أن تنجح هذه الصحف في اقتسام كعكة الاعلانات التي هي في الاساس محدودة ولا تقارن بالدول الخليجية المجاورة، وفي الوقت الذي ينتظر القارئ البحريني هذين الاصداراين لاثراء الساحة الاعلامية البحرينية، يتخوف البعض من انهما قد يستغرقان وقتا طويلا لينضم ليركب الصحف الناجحة، هذا إن لم يخرجا من دائرة المنافسة.. مبكرا. إلا أنه وفي كل الأحوال فإن محيط صحافيي البحرين يتشوق لمعرفة كيفية خروج هاتين الصحيفتين إلى العلن، خاصة في ضوء تسرب أخبار تؤكد رغبة هاتين الصحيفتين في مفاجأة القارئ البحريني في اسلوب جديد يحاكي المرحلة المقبلة والتي تتميز بمزيد من الجرأة وقوة الطرح اتساقا مع المشروع الاصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وقال لـ «الشرق الأوسط» نبيل الحمر مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام بأن السوق البحريني لا يزال في حاجة إلى مزيد من الاصدارات الجديدة، معتبرا أنه لا يوجد سقف محدد لعدد هذه الإصدارات، ولكنه في الوقت نفسه أكد على أن البقاء في النهاية سيكون للأصلح، واعتبر أن أي إصدارات حديثة في السوق البحرينية «هي مصدر قوة للصحف الموجودة بالساحة حاليا»، مؤكدا في الوقت نفسه على أن تنوع الاصدارات الصحافية «دليل واضح على الأجواء الديمقراطية التي تعيشها البحرين»، وقال الحمر أن مسألة بقاء الصحف من عدمها مرهون بما تقدمه للقارئ الذي اعتبره سيختار في النهاية الصحيفة اليومية التي تناسبه. من جهته، يقول ابراهيم بشمي عضو مجلس الشورى وأحد مؤسسي صحيفة «الوقت» ورئيس تحريرها أن القارئ البحريني لا زال في حاجة إلى مزيد من الرغبات المتعددة في ظل وجود عدد محدود من الصحف في البحرين، مبينا أن الدراسات التي قاموا بها كمؤسسين أثبتت أن القارئ البحريني له ولاء للصحيفة التي يختارها، و«الصحافة البحرينية الموجودة في الساحة لا تلبي احتياجات جميع المواطنين»، وأن الشارع البحريني في حاجة إلى مزيد من الصحف اليومية، «بشرط أن تكون مختلفة في الطرح عن ما هو موجود حاليا»، مبينا أنهم على سبيل المثال في صحيفتهم الجديدة سيبدأون من حيث انتهى الآخرون.

وحول المردود الاقتصادي لمثل هذا المشروع في ظل المنافسة الشرسة بين الصحف الأربع الحالية، أوضح بشمي أن الأرقام تؤكد تنامي سوق الإعلان في البحرين، مشيرا إلى أن الصرف الإعلاني في البحرين عام 2004 تجاوز 100مليون دولار، منها 60 مليون دولار للانفاق من خلال الصحف والمجلات، وأن البحرين تأتي بعد السوق السعودي والاماراتي والكويتي في نمو سوقها الإعلاني مضيفا أن هناك تناميا أيضا في الصرف الاعلاني من خلال المشاريع الاقتصادية المتوالية في البحرين، ويعتبر أن سوق التوزيع يعطي مجالا خصبا لإصدار صحف جديدة باعتبار أن أي صحيفة تأتي ويأتي معها قراؤها الذين يرغبون في اقتنائها، وليس شرطا أن يكون هذا القارئ هو في الأصل من قراء صحف أخرى.

ولكن الكاتبة الصحافية سوسن الشاعر تقول أنه وعلى الرغم من أن القارئ في اي مكان لا يكتفي بما هو موجود من ما هو مكتوب أو مسموع أو مقروء ويتطلع لما هو أفضل تحريرا كخبر وكتعليق، وأن المواطن البحريني ليس استثناء، وكما أنه لا سقف امام التنافس انما المسألة أيضا ليست سهلة نظرا «للسوق الإعلاني الصغير وكذلك لمحدودية رؤوس الاموال المستثمرة في هذا القطاع» مؤكدة أنه من حيث المبدأ بامكان الصحف الجديدة ان تنافس، ولكن يعتمد ذلك على حجم رأس المال المرصود ومدى قدرة أصحابه على الصمود، وعلى ما ستقدمه من مادة تحريرية وعلى طبيعة المطبوعة وعلى العلاقات العامة لأصحابها والقائمين عليها وكذلك على الاستراتيجية المرسومة للصحيفة نفسها ان كانت للسوق المحلي أو الخليجي كل تلك الاعتبارات «بامكانها ان تحدث فارقا لو تعامل معها اصحاب الشأن» معتبرة أن مسألة اصدار صحف جديدة هو في النهاية «أمر يستحق المجازفة!» من جهته يرى محمد المزعل الكاتب في صحيفةgulf news الصادرة في دبي، أن البحرين يوجد فيها تنوع «ربما كان نادرا في هذا الجزء من العالم، ثقافيا وسياسيا، كشفت عنه بشفافية العملية الاصلاحية». هذا التنوع يراه المزعل يحتاج إلى قنوات تعبر عنه وتتحدث باسمه في اطار سياسة الاعلام المفتوح، معتبرا أن التوسع في المؤسسات الصحافية يأتي في إطار المشروع الاصلاحي لملك البحرين، ويضيف أن الشارع البحريني ليس مؤهلا لمزيد من الصحف فحسب، بل ينتظر المزيد منها لاثراء ذلك التنوع.

ويدلل محمد المزعل على حديثه بالقول أنه ربما من المطمئن أن نرى الصحيفتين اللتين صدرتا خلال العامين الماضيين، الوسط والميثاق، تتطوران بسرعة من جهة زيادة الصفحات والمساحة الاعلانية، لكن الأهم «أن مجيء الصحف الجديدة، بما فيها من رؤى وأساليب مختلفة، دفعت الصحف التقليدية إلى التطور أيضا، واعتقد أن هذا دليل على ان الصحف الجديدة قادرة على المنافسة، وربما أكثر فهي ساهمت في توسيع اطار التنافس». وتشهد صناعة الإعلان في البحرين تطورا ملحوظاً عاما بعد الآخر وفقا لبيانات الصرف الاعلاني التي تؤكد الزيادة في الصرف الإعلاني من 20 مليون دولار منذ عشر سنوات الى 116مليون دولار في عام 2004، كما بلغ في الستة شهور الأولى من هذا العام 51 مليون دولار. ويتميز الشارع البحريني بوجود مؤسسات متعددة للمجتمع المدني تمارس عملها بنشاط ملحوظ وحرية رأي متاحة، وهو الأمر الذي يعتبر عاملا رئيسيا لنجاح أي اصدارات صحافية جديدة تستفيد من الحرية المتاحة ومن سقف النقد المرتفع، وتبقى مسؤولية الاستفادة من هذا الجو الاعلامي في أيدي الصحافة البحرينية، التي يبدو أنها مقبلة على مرحلة جديدة من المنافسة تتطلب سباقا محموما للوصول إلى القارئ البحريني، الذي لا شك أنه أكثر المستفيدين من تعدد الاصدارات، إلا أن السؤال يبقى مطروحا حول تمكن هذه الصحف ـ وبخاصة الجديدة منها ـ للصمود في وجه المنافسة الشرسة.