الـ«سوبر بول».. الكرة في ملعب الإعلام

فوق الـ100 مليون أميركي سيشاهدون الحدث اليوم.. والدقيقة الإعلانية بأكثر من مليوني دولار

TT

سأل، في الاسبوع الماضي، بوب ووجونسكي، معلق رياضي في جريدة «ديترويت نيوز»: «هل هذا سوبر بول، او سوبر سيلي (سخافة كبرى)؟» قاصدا المهرجان الذي سيقام في ديترويت (ولاية ميشيغان) مساء اليوم الاحد. لكن هذا ليس يوم احد عاديا، ولهذا سمي «سوبر صنداي». واستغل عمدة المدينة هذه المناسبة وسمى مدينته «سوبر ديترويت»، وقال «لو لم يكن اليوم يوم احد، كنت اعلنته يوم عطلة. لكن السوبر بول تقام دائما يوم السوبر صنداي».

تشكل المباراة النهائية السنوية لفرق اتحاد كرة القدم الوطني اساس يوم المهرجان، ويتنافس فيها اليوم فريقا «ستيلرز» (عمال الصلب) في بتسبيرغ (ولاية بنسلفانيا)، و«سيهوكز» (صقور البحر) في سياتل (ولاية واشنطن). بدأ الموسم في سبتمبر (أيلول) الماضي، واستمر لثلاثة أشهر، ولعب كل فريق من الاربعة وثلاثين فريقا ضد فريق آخر مرتين، ووصلت ثمانية فرق الى المنافسات النهائية حسب النقاط. لكن المنافسات النهائية حسمت حسب الفوز في مباراة واحدة. ويذكر انه يوجد فريق لكرة القدم في كل مدينة اميركية كبيرة، ويعتبر كل فريق مثل شركة، واحيانا ينقل صاحب الشركة فريقه من مدينة الى اخرى حسب الفائدة الاقتصادية. نقل، قبل خمس سنوات، صاحب فريق «كولتز» (المهور) فريقه من بولتيمور (ولاية ماريلاند) الى انديانابوليس (ولاية انديانا). ونقل، قبل ذلك بخمس سنوات، صاحب فريق «رامز» (الخراف) فريقه من لوس انجليس (ولاية كليفورنيا) الى سنت لويس (ولاية ميسوري).

ولا تسمي اغلبية الفرق الرياضية الاميركية نفسها اسماء على الطريقة العربية، مثل «الاتحاد» و«النصر» و«الاهلي» و«الهلال» و«القادسية». وتفضل اسماء حيوانات، مثل «سيهوكز» (صقور البحر)، او شيء له صلة بالمدينة، مثل «ستيلرز» (عمال الصلب) في مدينة اشتهرت بصناعة الحديد. لكن بوسطن سمت فريقها «باتريوتز» (الابطال)، ونيو اورلينز سمت فريقها «سينتز» (قديسين). غير ان اعصار «كاترينا» خرب استاد «سينتز»، وعرقل اشتراكه في الموسم الرياضي.

لكن القصة تعدت مجرد كونها حدثا رياضيا، فالـ «سوبر بول» هو فعالية في غاية الاهمية على الصعيدين الإعلامي والإعلاني، خاصة في التلفزيون، لأن سكان 60% من منازل اميركا سيشاهدون، اليوم، المنافسة النهائية. سيشاهد المنافسة بصورة مستمرة مائة مليون شخص تقريبا، بالاضافة الى الذين سيشاهدون اجزاء منها، من وقت لآخر.

عرض، قبل عشرين سنة خلال منافسة «سوبر بول»، اول اعلان عن كومبيوتر «ماكنتوش»، ونجح الاعلان نجاحا كبيرا. وكان بداية ثورة الكومبيوتر الشخصي، وكان، ايضا، بداية ثورة الاعلانات العملاقة خلال منافسات «سوبر بول». واصبحت، منذ ذلك الوقت، المنافسة بين الشركات لتقديم اعلاناتها مهرجانا لا يقل عن المهرجان الرياضي. وستدفع اليوم كل شركة مليوني ونصف مليون دولار مقابل اعلان نصف دقيقة.

ويقول، كل سنة، بعض الاميركيين يحرصون على مشاهدة الاعلانات اكثر من مشاهدة المنافسة الرياضية، وذلك لأن اخراج هذه الاعلانات اصبح فنا وابتكارا. وتقام كل سنة منافسة لأحسن اعلان خلال «السوبر بول»، وستعلن النتيجة اليوم بعد نهاية المباراة. لكن، عكس الفريقين المتنافسين، لا يقدر اي شخص على توقع نتيجة المنافسة لأن الاعلانات ستعرض لأول مرة. إلى ذلك ستتركز الانظار اليوم على ابطال المهرجان الحقيقيين، وهم لاعبو الفريقين المتنافسين، الذين ستزيد ثروتهم، ليس فقط لأنهم يتوقعون زيادة رواتبهم بل لأنهم وصلوا الى المنافسة النهائية، ولكن، ايضا، لانهم سيحصلون على دخل اضافي من اعلانات الاحذية والهامبيرغر والبتزا والبيرة.

كان متوسط راتب كل واحد، حتى قبل الوصول الى المنافسات النهائية، مليون دولار في السنة. ولا يقل راتب اي لاعب، حتى الجديد، عن ربع مليون دولار، حسب اتفاق بين اتحاد اللاعبين واصحاب شركات الاندية الرياضية. زادت، خلال العشرين سنة الماضية، قوة اللاعبين، واصبحوا قادرين على املاء رغباتهم بعد سنوات مفاوضات واضرابات اثبتوا خلالها انهم الاقوى.

ووافق، في ذلك الوقت، اصحاب الاندية الرياضية على وضع حد اعلى لرواتب اللاعبين لوقف التنافس بينهم على شراء اللاعبين. لكن اللاعبين اجبروهم على ان يتغير الحد الاعلى للرواتب كل موسم حسب تغير دخول كل الاندية من المنافسات خلال الموسم.

وتستفيد من مهرجان اليوم، ايضا، القنوات التلفزيونية الرياضية، رغم ان قناة «اي بي سي» ستحتكر عرض المباراة، وذلك لأن «اي بي سي» تملك قنوات رياضية فرعية، ولأن القنوات الاخرى ستقدم برامج لها صلة بالمهرجان بدون ان تعرض المباراة.

تعتبر قناة «اي اس بي ان» اهم قناة رياضية في التلفزيون الاميركي، وتملكها شركة «ديزني» التي تملك «اي بي سي» ايضا. لكن «اي بي سي» فيها اقسام اخبار ومنوعات ورياضة ومسلسلات، بينما «اي اس بي ان» تتخصص في الرياضة فقط، على مدار الساعة.

ونجحت هذه القناة الرياضية مع نجاح تلفزيون الكيبل لأنها تعاقدت مع كل شركة كيبل لتقديم برامجها، حسب حجم وقوة سوق كل شركة كيبل. مثل ما فعلت مع شركة «كوكس» التي تصل الى عشرة ملايين مشاهد في ست مدن رئيسية، والتي ترددت في البداية في قبول عرض القناة الرياضية، لكنها كانت تعرف، في نفس الوقت، انها القناة الاكثر شعبية.

وتربح قناة «اي اس بي ان» اكثر من بليون دولار كل سنة (في سوق القنوات الرياضية الذي تصل قيمته الى اكثر من عشرين بليون دولار كل سنة). وانتقلت أخيرا الى مجالات اخرى، مثل فتح اماكن تجارية لبيع قمصان واكواب وساعات وجوارب واحذية تحمل علامتها التجارية.

وتبيع هذه المتاجر، ايضا، علامات الفرق الرياضية حسب اتفاقيات تغطية نقل منافسات هذه الفرق، لأن هذه القناة الرياضية تغطي منافسات الرياضات الاربع الرئيسية في اميركا: كرة القدم، وكرة السلة، وكرة البيسبول، والهوكي. وتستفيد القناة الرياضية من صلتها بشركة «ديزني»، وتروج لأفلام الكرتون التي تخرجها، وتغري زبائنها بجوائز لزيارة «ديزني وويرلد» و«ديزني لاند».

لكن هناك قنوات اخرى لنقل المنافسات الرياضية، وعلى رأسها الشبكات الرئيسية الاربع: «أي بي سي» و«ان بي سي» و«سي بي اس» و«فوكس» و«سي ان ان». تعقد هذه عقودات مع الاتحادات الرياضية لعرض مباريات معينة، مثل «سي بي اس» التي تخصصت في عرض مباريات كرة القدم، و«ان بي سي» التي تخصصت في عرض مباريات كرة السلة.

إلا أن تاريخ هذه الفعالية المليئة بالأضواء تأثرت بيوم أسود قبل سنوات، مثلما تأثرت كثير من جوانب الحياة في اميركا، بهجوم 11 سبتمبر، وفرضت السلطات الامنية اليوم حراسة مشددة على الاستاد في ديترويت، خاصة بعد تهديدات اسامة بن لادن وايمن الظواهري للاميركيين بتوقع هجمات ارهابية قريبا.

لكن حتى قبل ذلك، كانت هناك حماية خاصة «للسوبر بول»، بسبب اهميته، وبسبب افلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية عن هجوم ارهابي خيالي على الاستاد يوم المهرجان.

لأول مرة في تاريخ هذه المنافسة السنوية، نقلت منافسة سنة 2002 (بعد شهور قليلة من هجوم 11 سبتمبر) من شهر يناير (كانون الثاني) الى شهر فبراير (شباط) في تلك السنة. واصبحت المنافسة، منذ ذلك الوقت، تجرى في الاسبوع الاول من شهر فبراير، مثل منافسة اليوم.

* تاريخ الـ «سوبر إعلان»

* سيكلف اعلان دقيقة واحدة في التلفزيون خلال مباراة اليوم خمسة ملايين دولار، وسيكون ذلك رقما قياسيا. ظل السعر يرتفع خلال العشرين سنة الماضية، بعد ان بدأ بربع مليون دولار للدقيقة. عرض التلفزيون، خلال هذه الفترة، ألف وخمسمائة اعلان، استغرقت ثمانمائة دقيقة، ودرت دخلها بليوني دولار تقريبا.

عرضت شركة «انهاوزر بوش» اكثر الاعلانات، وصرفت اكثر من مائة مليون دولار خلال هذه الفترة. وقال جون سوالين، خبير في شركة «تي ان اس» الاستثمارية في نيويورك ان «الاقبال اكثر من الوقت. هذه فرصة ذهبية لا تتكرر سوى مرة كل سنة، ويزيد كل سنة الطلب، ولهذا يزيد السعر».

جاءت اعلانات المشروبات في قمة الاعلانات الناجحة، والتي تكررت خلال العشرين سنة الماضية، وبعد اعلانات البيرة جاءت اعلانات «بيبسي كولا» و«كوكا كولا»، ثم اعلانات مشروبات الفواكه. وبعد المشروبات جاءت اعلانات السيارات، ثم الكمبيوتر، الذي لم يكن مهما في اعلانات «سيوبر بول» خلال السنوات العشر الاولى، وذلك لأن الكمبيوتر الشخصي كان اخترع حديثا.

استغرقت، قبل عشرين سنة، فواصل الاعلانات ثلاثين دقيقة خلال المباراة التي تستمر عادة لقرابة ساعتين، لكن الفترة زادت الى قرابة خمسين في السنة الماضية، وذلك بتقصير فترات اعادة مناظر خلال المباراة، وبتقصير فترة عرض تشاور اللاعبين قبل كل لعبة.

1985 2005 ـ قيمة الدقيقة الواحدة: 250,000 5,000,000 ـ دقائق الإعلانات خلال المباراة: 30 50 ـ دخل الإعلانات: 11,000,000 250,000,000 ـ عدد الإعلانات: 60 100 ـ شركات أعلنت مرة تالية: 25 ـ شركات أعلنت اكثر من مرة خلال المباراة: 6 10 ـ إعلانات «داخلية» (اتحاد كرة القدم): 8 10 (المصدر: اتحاد كرة القدم الوطني)

* السوبر بول في عشرين عاما

* 1985 2005 ـ قيمة الدقيقة الواحدة: 250,000 5,000,000 ـ دقائق الإعلانات خلال المباراة: 30 50 ـ دخل الإعلانات: 11,000,000 250,000,000 ـ عدد الإعلانات: 60 100 ـ شركات أعلنت مرة تالية: 25 ـ شركات أعلنت اكثر من مرة خلال المباراة: 6 10 ـ إعلانات «داخلية» (اتحاد كرة القدم): 8 10 (المصدر: اتحاد كرة القدم الوطني)