صحافيو أميركا تحولوا من رواية القصة.. إلى القصة

بعد أسبوع على إصابة بوب وودروف واستمرار احتجاز جيل كارول

TT

انشغل الاميركيون بعودة الصحافي التلفزيوني الجريح بوب وودروف وزميله المصور دوغ فوت اللذين أصيبا الأحد الماضي إصابات خطيرة أثناء هجوم تعرضت له قافلة عسكرية أميركية كانا يرافقانها في العراق. وكان المصابان قد جرت مداواتهما من جروحهما على ثلاث مراحل الأولى بنقلهما إلى مستشفى عسكري في العراق ثم بعد ذلك إلى ألمانيا لتلقي المزيد من العلاج الجراحي قبل أن تحملهما طائرة عسكرية إلى بلادهما حيث يقيمان حاليا في مركز بثيسدا الطبي التابع لسلاح البحرية قرب العاصمة واشنطن والمعروف بتقنياته الطبية المتطورة.

ووفقا لما ذكرته مصادر في محطة أي بي سي نيوز التي كان وودروف قبل إصابته يقدم فيها نشرة الأخبار الرئيسية المسائية «وورلد نيوز تونايت» إن وودروف بدأ يتعافى ببطء، لكنه ما زال تحت التخدير، ويأمل الأطباء أن يتمكنوا من نزع أنابيب التنفس عنه في الأيام القليلة المقبلة. وقد أصدرت زوجته لي وودروف بيانا صحافيا شكرت فيه المتعاطفين مع زوجها على مشاعر الحب التي أولوه إياها، كما دعتهم لاستذكار تضحيات الجنود الأميركيين في العراق.

وقال شقيقه ديفيد وودروف لبرنامج «صباح الخير يا أميركا» إن شقيقه المصاب حرك ساقيه وذراعيه عندما وصل إلى مستشفى بثيسدا وحاول أن يفتح عينيه الأمر الذي أعطى الأسرة المزيد من الأمل في أن وضعه يمكن أن يتحسن. أما زميله المصور فوت فقد تعرض لجروح أقل خطورة وبدا يظهر مؤشرات على تحسن صحته، ولكن ليس من المعروف طبيا حتى الآن كم يمكن أن يستغرق مكوث الرجلين في المستشفى.

وكان الأطباء في مركز لاندستول الإقليمي في ألمانيا قد أعربوا عن رضاهم عن تحسن صحة الجريحين خلال اليومين التي أقاما فيها في ألمانيا لتلقي العلاج المكثف الأولي. وقالوا إن وودورف أبدى علامات مشجعة تدل على قرب استعادته لوعيه في حين أن زميله المصور مستيقظ ويتحدث ويستوعب كل ما يدور حوله. أما الجندي العراقي الذي أصيب معهما فلم ترد أي معلومات عن وضعه الصحي ولا عن المكان الذي يعالج فيه حاليا.

وقال الأطباء العسكريون الأميركيون إن التجهيزات المتوفرة في ميرلاند أكثر تقدما من أي مكان في العالم ويتمتع الأطباء في مركز بثيسدا للبحرية بخبرات عالية في علاج مثل الإصابات الخطيرة.

يشار إلى أن بوب وودروف وزميله اصيبا بينما كانا يسافران مع قوات عراقية وأميركية في وقت ما زال مصير الصحافية الأميركية الرهينة جيل كارول مجهولا، وهي صحافية تعمل بالقطعة اختطفت في بغداد في السابع من يناير كانون الثاني. وهدد المسلحون بقتلها بعد أن قتلوا مترجمها أثناء عملية اختطافها. واعتبرت آن كوبر المديرة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين في نيويورك أن تكرار مثل هذه الحوادث «هذا يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه كل صحافي يحاول تغطية أحداث العراق». وأضافت أن «الصحافيين الذين يقومون بتغطية أحداث العراق أبلغونا على مدى شهور ان المخاطر كبيرة للغاية لدرجة أثرت بشكل كبير على التغطية».

وفي السياق ذاته طالبت الحملة الدولية (لشارة شعار حماية الصحافي) ومقرها جنيف الدول الاعضاء في الامم المتحدة بضرورة الجلوس حول مائدة التفاوض بشأن معاهدة دولية جديدة لحماية الصحافي في مناطق النزاع والاضطرابات الداخلية.

وجاء بيان الحملة الدولية في اعقاب اصابة وودروف والمصور التلفزيوني دوغ فوت. واكدت الحملة الدولية ان كل الصحافيين ضحايا اعمال العنف قتلى او مختطفون او جرحى. وهم بنفس الاهمية للحملة الدولية اكانوا من المشاهير في الغرب او من يعيش على مهنة الصحافة يوميا.

واضافت ان استمرار اختطاف الصحافية الأميركية جيل كارول مثال حي على ضرورة التحرك العاجل للدول للجلوس حول مائدة المفاوضات للحفاظ على العمل الصحافي من اخطار المهنة.

وقالت انه ثبت بما لا يجعل مجالا للشك «فشل الاسلوب التقليدي في اصدار بيانات الادانة من كبريات الاتحادات العالمية»، موضحة ان العالم عليه ان يهب من اجل الدفاع عن حرية العمل الصحافي ومن اجل حماية الصحافي ومهنته.

وذكرت انه ثبت ايضا ان العمل الصحافي في حماية القوافل العسكرية لا يحمي الصحافي، بل يفتح النقاش حول الحد الفاصل بين ما هو عسكري وما هو مدني.

واعربت الحملة الدولية وهي تعلن مجددا تمسكها بالمبادئ التي طرحتها منذ عام ونصف العام عن الامل في ان تؤدي الاحداث المأساوية التي يمر بها العمل الصحافي في العراق الى ان تنضم اليها منظمات الصحافة في الولايات المتحدة والغرب اليها، العراق يتحول إلى جحيم حقيقي للصحافيين. ويقول خبراء ان العمل الصحافي في العراق أصبح محفوفا بالمخاطر وان وسائل الاعلام الاخرى قلقة للغاية بخصوص الأمن لدرجة أثرت على تغطية الحرب. وأصبحت حرب العراق الأكثر دموية على الاطلاق بالنسبة للصحافيين وفقا لجماعة صحافيون بلا حدود ومقرها باريس والتي تقول ان 79 صحافيا قتلوا منذ بدء الحرب في مارس عام 2003 مقارنة بثلاثة وستين قتلوا طوال حرب فيتنام التي دامت 20 عاما. واضافت صحافيون بلا حدود ان نحو 35 آخرين خطفوا كما اصيب عدد كبير آخر. ومن بين الصحافيين القتلى أربعة كانوا يعملون لصالح رويترز. وكانت كارول تعمل مستعينة باجراءات أمنية خفيفة حتى لا تجذب الانتباه. بينما كان وودروف وفوت يتمتعان بحماية القوات الاميركية ولكن ذلك أيضا جعلهم هدفا للمسلحين.

وقال جيفري شنايدر نائب رئيس قناة (ايه. بي. سي) الاخبارية «بكل المقاييس.. الخروج بمفردك في العراق هو أخطر ما يمكنك أن تفعله. وبخصوص التحرك وسط القوات.. ربما يكون لديك شعور خاطئ بانك ستكون في أمان اذا سافرت وسط القوات». وتزايدت المخاطر بسبب طبيعة وسائل الاعلام اليوم بتغطيتها المكثفة على مدى 24 ساعة وبسبب المسلحين الذين استهدفوا الصحافيين الغربيين. وقال مايكل جرينفيلد الاستاذ الجامعي بمدرسة ميزوري للصحافة «لا توجد خطوط جبهة.. انت لا تعرف من هو العدو.. ولا تعرف أين يكمن الخطر. يوجد عدد كبير من الالغام في هذه الحرب».

وتعتمد كثير من وسائل الاعلام الغربية بشكل مكثف على العراقيين في كثير من التغطية الصحافية من موقع الاحداث. وبعض المؤسسات الاعلامية الاخرى لم تعد تبعث بمراسلين الى العراق. وقارن جرينفيلد ذلك باتجاه مؤسسات اعلامية اميركية الى تقليل الانفاق على عملية جمع الاخبار خاصة الدولية منها وهو شيء قال انه حرم المواطنين الأميركيين من معلومات مهمة. وقال جرينفيلد «هذا يعني ان المواطنين الأميركيين لا يحصلون على الاخبار التي تسمح لهم بان يكونوا مواطنين قادرين على دراسة القرارات بتأن». وقال شنايدر ان قناة (ايه. بي. سي) الاخبارية ستواصل تغطية الحرب وتبقي على مكتب نشط في بغداد تحت اجراءات أمنية مشددة.

واضاف: «من الواضح انه لكي تغطي الخبر عليك ان تكون مع القوات العراقية... السؤال الجوهري الذي يحتاج الى اجابة هو .. هل يمكن للقوات العراقية ان تضمن لك الأمن».