الصحف الأميركية تجنبت إعادة نشر الرسوم المسيئة للمسلمين .. باستثناء صحيفة صفراء

TT

تجنبت غالبية الصحف الأميركية الكبرى، إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للمسلمين، ولم تشذ عن ذلك سوى صحيفة واحدة هي «Inquirer»، التي تصدر في مدينة فيلادالفيا، وهي تعد من الصحف الصفراء، حيث أعادت نشر بعض الرسوم على استحياء، مبررة ذلك بالحاجة إلى توضيح سياق القصة الخبرية لقرائها.

ورغم تفادي الصحف الأميركية الكبرى إعادة نشر الرسوم احتراما لمشاعر المسلمين، الذين يتجاوز عددهم ثمانية ملايين نسمة في الولايات المتحدة‏، إلا أن معظم الصحف كثفت تغطيتها للقصة الخبرية، وأوردت وجهات نظر مختلف الأطراف.

وتبارى كذلك كتاب الأعمدة في الحديث عن القضية، فمنهم من نادي باحترام الأديان‏‏، ومنهم من دعا إلى أن تكون الحرية مقرونة بالمسؤولية، وقلة طالبوا بعدم المساس بحرية التعبير بأية صورة كانت.

وقالت صحيفة «فيلادالفيا إنكوايرور»، التي أعادت نشر بعض الصور المسيئة، إن وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء، كان عليها أن تقوم بتوزيع الرسوم المثيرة للجدل على مشتركيها، كي يتمكن الصحافيون على الأقل من معرفة حيثيات القصة، التي يدور الجدل حولها.

وقالت أماندا بينيت مديرة تحرير «فيلادالفيا إنكوايرور»، إن الوسط الصحافي الأميركي يتبادل الصور والرسوم المشار إليها بشكل سري، مشيرة إلى أن صحيفتها قررت أن تبين لقرائها خلفية القصة، بسبب قيمتها الخبرية وليس بغرض الإساءة.

ولكن معظم الصحافيين الأميركيين البارزين لا يتفقون مع ما ذهبت إليه أماندا بينيت، وعلى رأس هؤلاء ليونارد دوني مدير التحرير التنفيذي في صحيفة «واشنطن بوست»، الذي قال إن تلك الرسوم لا تتماشى مع «معاييرنا الصحافية». وشبه داوني الرسوم المختلف عليها بالصور المزعجة لمشاهد تم تصويرها لضحايا كاترينا‏، أو لضحايا الإرهاب في العراق واستعاضت الصحيفة عن نشرها في حينه بالقول إنها صور مرعبة.

وكانت «واشنطن بوست»، قد تابعت القصة الخبرية في صدر صفحتها الأولى في أكثر من عدد‏‏، من دون أن تجد أية ضرورة لإعادة نشر الرسوم. ولم يتم نشرها حتى على موقع الصحيفة على الإنترنت.

وقال مدير التحرير حول القضية «لدينا معايير في صحيفتنا تتعلق باللغة وحساسسية الأديان، وحساسسية الأعراق، إضافة الى مراعاة الذوق العام. وفي السياق ذاته قال جيم مايكل محرر الشؤون الخارجية في صحيفة «يو.إس.أي.تودي»: إنني لا أجد أي مبرر لإعادة نشر مثل تلك الرسوم‏.. لقد وصفناها لقرائنا، ولست متأكدا من أن إعادة نشر الرسوم المزعجة، يمكن أن تضيف أي شيء للقصة الخبرية».

وأضاف مايكل «لقد ناقشنا الأمر في هيئة التحرير ووجدنا أننا يمكن أن نخدم قراءنا من دون الحاجة إلى الترويج للإساءات».

أما صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» في كاليفورنيا، فقد أصدرت تعميما إلى المحررين وكتاب الأعمدة جاء فيه، إن الجميع متفقون على أن تغطية الموضوع، يجب ألا تتضمن الإساءة أو إثارة حساسية قطاع من قراء الصحيفة. ولم تشذ صحف «نيويورك تايمز»‏، و«واشنطن تايمز» و«وول ستريت جورنال» ولا أي من الصحف العريقة الأخرى عن هذه الرؤية.

* «أزمة الكاريكاتير».. التسلسل الزمني

* ـ 30 سبتمبر 2005: صحيفة Jyllands Posten الدنماركية تنشر مجموعة من رسوم الكاريكاتير، منها ما يسيء للرسول محمد (عليه الصلاة والسلام). ـ 20 أكتوبر 2005: سفراء من عدد من البلدان العربية والإسلامية يشتكون لرئيس وزراء الدنمارك حول الرسوم. ـ 10 يناير 2006: صحيفة نرويجية تعيد طباعة الرسومات. ـ 26 يناير 2006: السعودية تستدعي سفيرها في كوبنهاغن للتشاور، فيما تعلن ليبيا نيتها إغلاق سفارتها لدى الدنمارك. ـ 30 يناير 2006: مسلحون يهاجمون مكاتب الاتحاد الأوروبي في غزة، مطالبين باعتذار عن نشر الرسوم.

ـ 31 يناير 2006: الصحيفة تعتذر، رئيس الوزراء الدنماركي يرحب بالاعتذار ويدافع عن حرية التعبير في بلاده. ـ 1 فبراير 2006: عدد من الصحف في فرنسا، والمانيا، وايطاليا واسبانيا تعيد نشر الرسوم. ـ 2 فبراير 2006: محرر صحيفة France Soir يطرد من عمله لنشره الرسوم. ـ 3 فبراير 2006: رئيس الوزراء الدنماركي يتحدث لقناة «العربية»، ويشدد أن الشعب الدنماركي ليست له أية نية لإيذاء الإسلام، وانه وشعبه لا يتحملان مسؤولية ما تنشره الصحف، وأعرب عن قلق حكومته بسبب ما يجري. ـ 4 فبراير 2006: سوريون يهاجمون السفارتين الدنماركية والنرويجية في دمشق، والأمين العام للأمم المتحدة يطلب تهدئة الوضع، فيما الفاتيكان يعلن أن الحق في حرية التعبير لا يشمل الحق في إهانة المعتقدات الدينية. ـ 5 فبراير 2006: متظاهرون يحرقون مبنى القنصلية الدنماركية في بيروت واعتداءات على مبنى لكنيسة وسيارات، وزير الداخلية اللبناني حسن السبع يستقيل من منصبه. ـ 6 فبراير 2006: مقتل اشخاص في تظاهرات في أفغانستان، ومقتل مراهق في اشتباك بين متظاهرين والشرطة في الصومال. ـ 7 فبراير 2006: مئات الايرانيين يهاجمون السفارة الدنماركية في طهران فيما يعلن الرئيس الايراني، الغاء عقود تجارية مع كوبنهاغن. وفي نفس الوقت تعلن صحيفة «همشاري» الايرانية عن مسابقة لأفضل كاريكاتير عن المحرقة اليهودية.