وجوه تلفزيونية ارتبطت بتغطية الأحداث الإرهابية في السعودية

TT

سخونة الأحداث الأمنية التي شهدتها السعودية في مدينتي بقيق بالمنطقة الشرقية والعاصمة الرياض منذ عصر يوم الجمعة 24 فبراير (شباط)، وحتى ظهر يوم الاثنين 27 من الشهر ذاته، فرضت على كافة وسائل الإعلام المحلية، المرئية منها والمقروءة، حالة الاستنفار لاصطياد ما يمكن الحصول عليه من مستجدات وأخبار فيما يتعلق بالهجوم الفاشل الذي استهدف معامل النفط التابعة لشركة «ارامكو» السعودية بمدينة بقيق، والذي أسفر عن مقتل مطلوبين اثنين عقب تفجير سيارتيهما المفخختين واستشهاد رجلي أمن. إلى جانب مداهمة إحدى الاستراحات فجر يوم الاثنين بحي «اليرموك»، ومداهمة موقع آخر، ويقع كلاهما شرق الرياض، مما أسفر عن مقتل كامل المجموعة المحصنة وإلقاء القبض على سادس.

ورغم حرص القراء على الاطلاع على ما تنشره الصحف الورقية من متابعات لمستجدات الحدث مع ما يرافقها من تحليل في الأيام الخمسة، بقيت الأنظار مسمرة أمام شاشات القنوات المحلية الفضائية، والتي تحمّل مراسلوها الميدانيون، كما باقي الإعلاميين الموجودين في مواقع الأحداث، العديد من الصعوبات، وبالأخص خطورة الحدث الأمني وحرج البث المباشر في معظم الأوقات.

فبرزت قناة «العربية» بمراسلها الميداني بندر الرومي والذي اختص بتغطية الأحداث الأمنية منذ عامين ونصف. كما ظهرت المذيعة ريما الشامخ من خلال شاشة «الإخبارية» والتي تميزت عن سابقتها بترخيص وزارة الثقافة والإعلام دخول مواقع الاشتباكات وتجاوز ما قد يفرض على باقي وسائل الإعلام من قيود وحدود، حيث قامت بتصوير الاستراحة المداهمة قبيل تطهير الموقع وأظهرت جثث القتلى، بينما اقتصر بث الأخرى على خلف أسوار الاستراحة بنقل آثار الحادث الخارجية فقط. هذا وغابت كاميرا التلفزيون السعودي للقناة الأولى عن الموقع.

ووصف المذيع بندر الرومي أن الأهم في مثل هذه الأحداث الميدانية الوصول للمعلومة بأسرع طريقة، وهذا تماما ما تمكنت منه قناة «العربية»، حيث كانت أولى القنوات الموجودة في موقع هجوم بقيق مساء يوم الجمعة بعد قطع مسافة تتجاوز 350 كلم للوصول إلى مدينة بقيق. وقد بثت الخبر بعد خمس دقائق من حدوثه بصورة عاجلة عبر شاشتها.

وأوضح الرومي أن هم الفريق الأوحد في ذلك الوقت هو كيفية الانتقال الى موقع الحدث في أقصر مدة زمنية، وهو ما اضطر الفريق للسير بسرعة 200 كلم في الساعة بسياراته الخاصة، وذلك لكبر حجم عربة البث المباشر التي لن تتمكن من تجاوز سرعة 100 كلم. فالوصول أولا كان الهدف قبل مبدأ السلامة الذي أتى ثانيا. خطورة الحدث استدعت، كما ذكر المذيع، طلب عربة البث المباشر بفريقها المكون من ستة أشخاص ومصور ومراسل ومساعد مصور، إلى جانب فني صوت ومهندس عربة نقل المباشر ومساعده، والتي تكلف القناة لنقل البث المباشر يوميا 15 ألف ريال.

الثقة بالنفس وقوة الشخصية هما مطلبان أساسيان لا بد من توفرهما في المراسل الميداني، بحسب مراسل قناة «العربية». فما يواجهه الإعلامي من تدخل امني أثناء التغطية وتجمع الحشود، كلها أمور قد تعيقه عن أداء عمله، كما حدث معه في تغطية كل من أحداث بقيق والرياض، والتي وصلت إلى حد سحب بطاقته الصحافية من قبل أحد رجال الأمن، أو تعطيل البث المباشر وضرب المصور، كما حدث في تغطية أحداث المباركية قبيل ستة أشهر.

لم يسمح للفريق، والذي اضطر بعد قضاء 36 ساعة في مدينة الشرقية لتغطية أحداث يوم الجمعة والعودة عاجلا لمتابعة أحداث مداهمة الرياض، تناول الطعام أو النوم لأيام عديدة خشية الإخفاق في نقل أية معلومات.

وأشار إلى انه من أكثر ما قد يعيق مهام المراسل الميداني حشود الفضوليين من الجماهير أمام مواقع الأحداث، والذين لا يترددون في إطلاق العبارات الساخرة أو شد ثوب المذيع، وما إلى ذلك من مضايقات، كما ذكر الرومي مع الإعلامية.

وفيما يتعلق بارتداء سترة الصحافيين، أفاد بتجنبها كونها قيدا يحرمه من فرصة الدخول إلى مواقع عديدة، وتمنعه غالبا من انجاز مهمته بصورة متكاملة. فمن صالح الإعلامي أثناء تغطية الأحداث الأمنية إخفاء هويته الصحافية وذلك للتمكن من خرق المواقع المحظورة. وحول ما يتعرض له الإعلامي جراء ذلك من اعتقال وحجز، أفاد بأن هذا قد يكون أجمل ما يحدث له، حيث غالبا ما يحجز في إحدى دوريات رجال الأمن ليعكف بتدوين ما يتم بثه عبر جهاز الإرسال الخاص بالأجهزة الأمنية، وبمجرد الخروج من المركبة يبدأ في تزويد المشاهدين بأخبار حصرية.

هذا وتمنى أن يصل الإعلامي والمراسل الميداني إلى مرحلة متطورة مستقبلا من خلال المشاركة في عملية الاقتحام والمداهمة، وعلى مسؤولية الإعلامي الشخصية.

من ناحية أخرى، ذكرت نشوى السكري، مراسلة «الإخبارية» في مدينة جدة، والتي سبق لها أن قامت بمتابعة وتغطية أحداث الهجوم الذي طال القنصلية الأميركية بجدة في وقت سابق، أن الحس الإعلامي يطغى على أي إحساس آخر، ويدفع الإعلامي إلى تجاهل أي مخاطر قد تصيبه أثناء تغطية المواجهات والاشتباكات الأمنية.

هذا وترى نشوى أن تنسيق دخول عربة البث المباشر مواقع الأحداث وإعداد اللقاءات الإعلامية إلى جانب إعاقة الجمهور للمراسل من تغطية الحدث أكثر ما قد يضاعف مشاق العمل الصحافي الميداني. وبالنسبة لها فالتعاون المشترك ما بين الجهات الأمنية ووزارة الثقافة والإعلام يسهل مهامها في عبور حواجز تتفرد القناة بها أثناء التغطية رغم وجود بعض الحدود.

وفيما يتعلق بعربة البث المباشر، أوضحت نشوى السكري أن للإعلامية فرصة الانتقال إلى موقع الحدوث بسيارة وسائق خاص تابع للقناة، دونما الركوب في عربة البث المباشر،. والتنسيق مع الفريق المصاحب، والمصور على وجه التحديد، يكون مسبقا بتحديد الخطوط العريضة. أما عن طرح الأسئلة ومدى ملامستها هموم المشاهد، فترى أنها تعتمد على ثقافة الإعلامي، المراسل الميداني، ومدى اطلاعه على المستجدات الأمنية.