الإعلامية اللبنانية شدا عمر.. قلب «الحدث» .. ووجه الـ «إل بي سي»

تدين لمعد برنامجها بتفوقها.. وتعتبر الاستفزاز في الحوارات ليس مقياس النجاح

TT

الاعلامية شدا عمر هي ابنة استديو بامتياز، متآلفة مع الكاميرا بهدوء يميز اسلوبها ويمنحها استمرارية كلاسيكية في مجال البرامج الحوارية من خلال اطلالتها مساء كل أحد مع برنامج «الحدث» على فضائية المؤسسة اللبنانية للارسال. وهي لا توافق على ان حضورها على القناة الارضية محدود نتيجة اهتمامها بملفات عربية ساخنة على حساب المحليات. كما اوضحت في حوار اجرته معها «الشرق الاوسط» في بيروت، وفيما يلي نص الحوار: > تطلين على الجمهور اللبناني في اوقات غير منتظمة. في حين لديك موعد ثابت على المحطة الفضائية. ألا ينتقص هذا الامر من نجوميتك وحضورك محليا؟

ـ الموضوع اللبناني مرتبط شيءنا ام ابينا بالمنطقة. وبالتالي كل ما يجري على الساحة الاقليمية ويعني اي مواطن عربي لا بد سيثير اهتمام اللبنانيين.

كما اني ارفض النجومية بالمعنى الشائع حاليا، وهي ليست أولوية في مسيرتي المهنية، لا سيما اذا كانت ناجمة عن ضجيج في الاداء خلال البرامج الحوارية.

> يأخذ البعض عليك ان أسلوبك مسالم أكثر مما يفترض لبرنامج حواري، وتحديدا على الشاشات العربية، ماذا تقولين؟

ـ المهنية تقتضي ان يكون المحاور حيادياً، فلا يأخذ طرفاً. لكن الامر لا يمنع ان يتحول، حيث يلزم الى محامي الشيطان، شرط ان يطرح اسئلته من دون استفزاز، ويتمكن من الحصول على الجواب الذي يحصل عليه من يستفز ضيفه. وانا لا اقتنع بأن مفهوم «الشطارة» في الاعلام مرتبط بالاستفزاز الى حد الوقاحة او بأن يتقدم المحاور على الضيوف، او ان نجاح أي برنامج حواري هو وليد ارتفاع منسوب الصراخ بين الضيوف بحيث يعجز كل ضيف عن تقديم وجهة نظر سليمة ولا يفهم المشاهد القضية المطروحة، كما ان الحوارات التي تجري في معظم البرامح تقتصر على اظهار الخلافات وليس تقريب وجهات النظر. ومع معرفتي ان وسيلة الاعلام لا تحل الازمات لدى طرح موضوع ما، الا ان المفروض ان تصل بالحوار الى مساحة من شأنها ان تقرب وجهات النظر. نقيض، ما يسمح بتمهيد الطريق امام لقاءات ناجحة.

> ماذا عن بدايتك؟ ـ بدأت في عام 1992 مذيعة اخبار في تلفزيون «نيو تي في»، كنت ما ازال اتابع دراستي الجامعية، بعد ذلك انتقلت الى البرامج السياسية. المحطة الثانية كانت الى المؤسسة اللبنانية للاعلام عام 1997 مع الفريق الاخباري التأسيسي للفضائية، ثم شاركت في تقديم الفقرة السياسية من برنامج «نهاركم سعيد» في الفترة الصباحية من عام 1998 الى 2002، لأترك بعد ذلك الى «الحدث» مع متابعتي تقديم نشرة الاخبار على الفضائية، ما أعتبره مفيداً جداً، خلال 14 عاما اعطاني تقديم الاخبار دعماً للبرنامج، وذلك من خلال المتابعة اللصيقة لما يحدث في العالم. والتقديم لا يحولني قارئة لما يرد في النشرة وانما صانعة الخبر، لا سيما عندما أعمل على تغطية الاحداث مباشرة على الهواء ما يفرض علي وضع الاولويات والتصرف بسرعة بديهة عندما أجد نفسي امام خيارات صعبة. > ما هي محطات التغطية التي بقيت في ذاكرتك؟

ـ تغطية «تقرير ميليس» بشأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فجر 15 أكتوبر (تشرين الاول) الماضي من دون تحضير ومباشرة على الهواء من الساعة الاولى بعد منتصف الليل الى الخامسة فجراً، وذلك قبل كبريات المحطات العالمية والعربية. آنذاك شعرت اني جزء من الحراك السياسي، كما انه جزء مني. هذا الامر لا يوفره البرنامج المعد. كان العمل مزيجاً من الشغف والتواصل مع الحدث من جهة ومع الناس من جهة ثانية. كذلك عندما كنت اغطي من الاستديو مباشرة على الهواء لحظة سقوط تمثال صدام حسين في بغداد. احسست بنبض ما يجري الى درجة اني قلت للمراسل: رجاء لا تعلق دعنا نسمع صوت الناس وصدى سقوط التمثال على الارض. > هل تتعاملين مع الخبر اللبناني كما غيره من الاحداث التي لا تمت اليك بصلة مباشرة؟

ـ بالطبع تبقى علاقتي موضوعية وعضوية مع الحدث اللبناني، انا معنية به بشكل مباشر وأفهم ما يدور في كواليسه. لكن من دون تجاهل للمهنية. الا ان هذا لا يحول دون متعتي في التعامل مع ملفات عربية تفتح لي آفاقاً غنية. نحن لا نعيش في جزيرة معزولة، لاننا جزء من هذا العالم العربي.

> هل تشعرين أحياناً برتابة العمل المستمر في إطار واحد؟

ـ الاحداث السياسية لا تضعنا في الرتابة. فهي تسمح للاعلامي بأن يتجدد في مكانه ويفتش عن الاحسن. ورغبتي في المرحلة المقبلة هي اشراك الناس في السياسة من خلال البرنامج بحيث يصبح التفاعل اقوى. > نلاحظ ارتفاع نسبة العنصر النسائي في المجال الحواري السياسي على فضائياتنا، فيما البعض يرى ان ذلك ليس مكانهن، فما تعليقك؟

ـ هناك اعلاميات بارعات في «التوك شو» السياسي، حيث تضفي الانوثة طريقة ناعمة ودبلوماسية وانسانية في الحوار، لكني أجد ان نسبة من المقدمات تفضل البقاء في اطار «التوك شو» الاجتماعي، لا أعرف ما هي اولويات كل محطة وكل اعلامية، ربما هناك شعور سائد بأن المرأة بشكل عام تنتمي أكثر الى كل ما هو اجتماعي. وربما هو المجتمع الذي يصنف. > هل تشعرين بحرب يقودها الرجل الزميل على حضورك الاعلامي؟

ـ لا أشكو من المجتمع الذكوري. كوني امرأة يميزني، فالرجل لا يعتبرني منافسة له بقدر ما يعتبر ان المنافس هو رجل آخر، فلا يذهب الى الحد الاقصى لإلغائي، لكن التنافس غير الشريف موجود في جميع المهن والمجالات. فكيف في المجال الاعلامي المثير للشهية؟ والكاميرا تدفع من يتعامل معها الى ادمانها.

> كيف تعالجين هذا الادمان وعمر الاعلاميات، تحديدا في عالمنا العربي مرتبط بمقومات الصبا والاطلالة الجميلة؟ ـ لم يعد الامر كما كان عليه في الماضي. هو يتوقف على الاعلامي الذي يعرف كيف يراكم خبرته ويثبت جدارته، مع معرفتي ان هناك مدة انتهاء صلاحية، كانت حتى فترة سابقة قصيرة. من هنا لم يعد استخدام المرأة في البرامج كسلعة؟. والتجربة تدل على أن التي تعتمد على جمالها لا تملك القدرة على الاستمرارية، بينما التي تعتمد على العلم والعمل والجدية وتضع الشكل في مرتبة ثالثة او رابعة مدة صلاحيتها اوسع.

> هل يحرجك الضيف السياسي المقل في الكلام بحيث ترتبكين في البحث عن اسئلة تستفزه؟

ـ بالعكس تماما. أفضل من الضيوف من تكون اجوبته مختصرة، بعيداً عن المطولات المملة. والدليل ان النائب وليد جنبلاط هو نجم تلفزيوني ويستطيع ان يستقطب أكبر نسبة من المشاهدين. على رغم اجوبته المقتضبة وعلى رغم تصنيفه ضيفا صعباً. من هنا يعطي مثل هذا الضيف ما هو غير متوقع. لكني لاحظت اني املك قدرة على الاسترسال عندما أحاور ضيفاً خارج الاستديو، آخذ مجدي في «الانقضاض» عليه بالاسئلة. > كيف تنظرين الى الصداقة مع السياسيين؟ هل تسهل الحوار معهم ام تعقده؟

ـ لا أحبذ نظرية «الضيوف الاصدقاء» من أهل السياسة، على رغم ان البعض يتبناها. يستحسن ان لا ترفع الكلفة، وان يجهل الضيف الاسئلة التي ستوجه اليه، حتى اذا كان ملماً بالافكار العامة. أفضل ان ابقى على مسافة من ضيوفي واحتفظ بعنصر المفاجأة، ما يشعرني بحرية في طرح السؤال من دون مراعاة والبقاء ضمن المهنية.

> الى من تدين شدا عمر في عملها؟

ـ الى معد البرنامج مروان المتني. فهو يقدم الافكار للحلقات ويختار الضيوف المناسبين وذلك بعد ان نتناقش ونعد الهيكلية. لديه موهبة في تركيب صيغة الحلقة وضيوفها والاتصال بالمراسلين. كذلك هو موهوب في الامساك بالبرنامج خلال تصويره، يتحكم بالخطوط العريضة ويتولى الارشاد. وهذا الامر يريحني. اشعر اني في الواجهة، أقطف مجد نجاح البرنامج وحدي، في حين يعود الفضل الى عمل فريق ناشط في الكواليس.

> قلت ان الكاميرا ادمان وان صلاحية عمر المذيعة محدود، الا تراودك افكار بشأن مرحلة ما بعد التلفزيون؟

ـ لا أضع نصب عيني فكرة الابتعاد عن هذه المهنة والتخطيط لعمل آخر. الفكرة لا تسكنني، أفكر أحياناً بضرورة فتح أفق ما والعمل للتوقف عند اولويات اخرى لا تحصر حياتي بالكاميرا. وهذا التفكير يساعدني حتى اقبل بعد فترة ان الوقت سيحين لأنصرف الى أمور ثانية. ربما التعليم.. لا أعرف..

> كيف تحققين التوازن بين شدا عمر الانسانة وشدا عمر الاعلامية؟

ـ المهم يبقى عدم الغاء الحياة الخاصة في سبيل المهنة الاعلامية. الانصراف الى العمل الاعلامي والاستغراق فيه على حساب الحياة الخاصة يؤذي. لذا من المفيد للاعلامية ان تؤسس أسرة وتنجب اولاداً، لأن من شأن ذلك ان يمنحها توازناً، مع الاشارة الى ان الرجل لا يقبل شريكة لحياته اعلامية ناجحة بسهولة. فالناس لا يشعرون ان هناك مسافة بين الاعلامية وبينهم، ما يزعج الزوج بشكل عام ويلغي ربما بعضاً من خصوصية زواجه لمصلحة نجومية زوجته. ومعالجة هذا الامر يحتاج الى جهد من الطرفين».