فتيات «الربط».. تقليد تخلى عنه الإعلام الغربي وتمسكت به القنوات العربية

TT

منذ بدايات التلفزيون و«مذيعة الربط» فيه تشكل عنصراً اساسياً من عناصر الترويج للمحطات العاملة. وتقوم هذه المذيعة بتقديم فقرة بين كل برنامج والثاني، توضح فيها ما سيتم عرضه وابرز ما يحتويه، إضافة الى افتتاح البث بتحية، وإنهائه بتمني ليلة سعيدة للمشاهدين. وقد تطور هذا العنصر من حيث طريقة الأداء والصورة التي تظهر عليها مع عناصر أخرى مرافقة.

وعند ازدياد المنافسة في أوائل التسعينات من القرن المنصرم، ومع انتشار محطات التلفزة أرضياً وفضائياً بفعل التطور الذي حصل في مجال تقنيات الاتصال، بادر القيمون على هذا القطاع في الغرب تحديداً الى التفكير في ابتكار وسائل جديدة في الترويج، تتميز بأنها أكثر عملية وأقل كلفة كذلك، كان من نتائجها المباشرة إلغاء فكرة مذيعة الربط من ضمن رزمة وسائل الترويج والاكتفاء بعناصر أوجدتها التقنية الحديثة من الألوان الى تحريك أشكال وصور والاقتصار على الصوت فقط في التعريف بفقرات المحطة والربط بينها. هذا في الغرب، أما في منطقتنا العربية وعلى الأخص في القنوات الرسسمية والفضائيات اللبنانية فالحال بقي على ما هو عليه، حيث احتفظت مذيعة الربط بدورها مع ادخال تغيير في اشكال طلتها في المحطات الأرضية والفضائية باستثناء بعض المحطات المتخصصة.

بيا مخول، مذيعة الربط في محطة «التلفزيون الجديد» (نيو. تي. في) أقرت بأن مهنتها «لا أهمية لها على الصعيد الإعلامي، إلا أنها توفر عامل التواصل الإنساني، وهو ما تستدل عليه من عجزنا عن تقبل الصوت في التقديم مع غياب الوجه الإنساني للمذيعة التي يساعد بتعابيره وملامحه في التقديم وتحقيق هذا التواصل، وبالتالي أنسنة الشاشة إضافة الى دورها في تقديم بعض الراحة الى المشاهد، مما يخفف من ضغط حياته اليومية ويسمح له بمتابعة الجديد في عالم الأزياء وتسريحات الشعر، ذلك أن مذيعة الربط تعطي هوية للمحطة من خلال طلتها اليومية على شاشتها». مضيفة «وهذا الدور يؤهل المذيعة للتأقلم مع الكاميرا في تنمية القدرات لديها تمهيداً لدخولها في برنامج جديد خاص بها وهي بذلك تخطو خطوتها الأولى على طريق الدخول الى عالم أوسع وأرحب». أما سيلين منوك في تلفزيون «المستقبل» فتعتبر أن سبب إلغاء مذيعة الربط في القنوات الغربية «مرده الى وتيرة الحياة السريعة في بلادهم، المفتقرة الى الاسترخاء في أوقات فراغهم للاستمتاع بالتلفزيون والمكوث في المنزل». وتضيف «هذه السرعة تفقدهم اللمسة الإنسانية، على عكس الإنسان الشرقي الذي ما زال يحتفظ بها ويمارسها باستمتاع حتى الآن. كما أن بقاء مذيعة الربط هو ضرورة كون الإنسان العربي يتعب في يومه وهو بالتالي يحتاج وجهاً جميلاً يرفه عنه بعد الإرهاق الذي عاناه طيلة النهار».وتقول سيلين: «رغم أهمية الدور الذي تلعبه مذيعة الربط في تشكيل وجه المحطة التي تعمل لديها، مما يفرض عليها الانتباه لسيرتها الشخصية، وتقريب الجمهور من المحطة ومن خلال الحماسة التي تعطيها لمشاهدة برامج المحطة، إلا أنها ليست مهنة مستقبلية لتقضي حياتها فيها، بل هي محطة على الطريق لفتح مجالات أخرى أكثر أهمية في العمل التلفزيوني مثل تقديم برامج خاصة بها».

أما الدكتور احمد زين الدين، الأستاذ في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، فيرد فكرة وجود مذيعة الربط الى تأديتها ما يطلق عليه، توضيب المظهر العام للمحطة التلفزيونية التي تجمع الى جانب مذيعة الربط ألوان الشاشة واللوغو وأغاني القناة.. الخ. ويعتبر ان تطور التوضيب في الغرب فرض الغاء مذيعة الربط لصالح تقنيات حديثة اكثر جذبا للجمهور. وهذا التطور استند في الوصول الى مثل هذه الاستنتاجات مبنية على دراسات جدية في هذا المجال.وقال «الامور في العالم العربي لا تجري على هذا المنوال. وبقاء مذيعة الربط فيه مرده الصدفة البحتة، وقد يأتي الوقت الذي تختفي فيه من الشاشات العربية فقط تقليدا للغرب وليس استنادا الى دراسات». مؤكدا«أن ثمة نقاشا يدور حول أهمية وجود مذيعة الربط، فهناك من يربط وجودها بالجانب الانساني للشاشة والبعض الآخر ينفي ذلك، معتبرا أن طلتها لثوان معدودة لا تؤخر ولا تقدم في الانسانية».